44/03/07
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: الأصول العملية/أصالة البراءة /مقدمات في الأصول العملیة؛ النظریة الثالثة من الشیخ الأنصاري
النظریة الثالثة: من الشيخ الأنصاري
إنّ بعض المحقّقین منهم الشيخ الأنصاري قالوا: إنّ رتبة الحكم الظاهري متأخرة عن رتبة الحكم الواقعي، لأنّ الموضوع في الحكم الظاهري مقیّد بالشك في الحكم الواقعي، فالموضوع للحكم الظاهري متأخر رتبة عن الموضوع للحكم الواقعي.
و افتراق الأمارات عن الأُصول العملیة یرجع إلى افتراق الحكم الواقعي و الحكم الظاهري[1] و ما دلّ على الحكم الواقعي علماً أو ظنّاً معتبراً یختصّ باسم الدلیل و هي الأمارة و ما دلّ على الحكم الظاهري یسمّی أصلاً عملیاً.
مناقشتان في النظریة الثالثة
المناقشة الأُولى: من المحقّق النائیني[2]
إنّ التنافي بین الأمارات و الأُصول غیر التنافي بین الحكم الواقعي و الظاهري و طریق الجمع بینهما غیر طریق الجمع بین هذین، فإنّ التنافي بین الحكم الواقعي و الظاهري إنما كان لأجل اجتماع المصلحة و المفسدة و الإرادة و الكراهة و الوجوب و الحرمة و غیر ذلك من المحاذیر الملاكیة و الخطابیة المتقدّمة، و قد تقدّم طریق الجمع بینهما و أین هذا من التنافي بین الأمارات و الأُصول؟
فإنّه لیس في باب الأمارات حكم مجعول من الوجوب و الحرمة حتّی یضادّ الوظیفة المجعولة لحال الشكّ، بل لیس المجعول في باب الأمارات إلّا الطریقیة و الوسطیة في الإثبات و كونها محرزة للمؤدّی.
و وجه التنافي بینها [أي الأمارات] و بین الأُصول إنّما هو لمكان أنّه لایجتمع إحراز المؤدّی في مورد الشكّ فیه مع إعمال الوظیفة المقرّرة لحال الشكّ إذا كانت الوظیفة المقرّرة على خلاف مؤدّی الأمارة.
و رفع التنافي بینهما إنّما هو لحكومة الأمارات على الأُصول.
جواب المحقّق العراقي عن هذه المناقشة ([3] )
ما هو صریح كلمات شیخنا العلّامة الأنصاري في المقام و في باب التعادل و التراجیح هو أنّ مفاد الأُصول حكم ثابت في ظرف الشكّ بالحكم الواقعي و مفاد الأمارة نفس الحكم الواقعي، فقهراً یكون مفاد الأُصول بحسب الرتبة متأخراً عن مفاد الأمارة و لازم هذا التأخّر أنّه لو فرض قیام دلیل على الأمارة كان رافعاً لموضوع الأصل إن كان علمیاً وجدانیاً و إلّا كان حاكماً علیه ... .
فجعل وجه الجمع بین الحكم الواقعي و الظاهري نفس اختلاف الرتبة و وجه الجمع بین دلیلهما حكومة أحدهما على الآخر بلا اشتراك بین المقامین في وجه الجمع.