46/06/08
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة78؛ المطلب الثاني: حكم الربح الحاصل بعد المصالحة مع الحاكم
المطلب الثاني: حكم الربح الحاصل بعد المصالحة مع الحاكم
إذا تصرف المكلّف في المال غیر المخمّس و اتجر به بعد نقل الخمس إلى الذمة بإذن الحاكم و ربح فهل تكون لأرباب الخمس حصة من الربح أم لا؟
لا خلاف ظاهراً في أنّه بعد المصالحة و إجازة الحاكم في التصرف، لا تكون حصة لأرباب الخمس في هذه الأرباح و أنّ الأرباح كلّها للمالك لاتّجاره بالعين بعد نقل الخمس إلى ذمته بمصالحته مع الحاكم.
قال صاحب الجواهر: لو نقله الى ذمّته بصلح مثلاً مع الحاكم جاز له التصرّف فيه حينئذٍ و لا حصّة له من الرّبح.[1]
و صرّح بذلك المحقق البروجردي[2] و بعض الأكابر[3] و المحقق لخوئي[4] و المحقق التبریزي[5] الأستاذ المحقق البهجت[6] و بعض الأساطین[7] و السید السیستاني[8] و السید الشبیري[9] و غیرهم.
الدليل على عدم استحقاق أرباب الخمس من الربح
و قال السید عبد الأعلی السبزواري في وجهه: لا حصة للخمس من الربح لفرض انتقاله إلى الذمة و عدم وقوعه مورد المعاملة و قد قلنا أنه لا يكون الربح لأرباب الخمس مطلقاً إلا مع الشركة الحقيقية و الإشاعة الخارجية لا على سائر المباني سواء نقل الخمس إلى الذمة أو لا.[10]
و قال صاحب مباني المنهاج: و أمّا عدم حصة الربح لأرباب الخمس فلأنّ المفروض أنّ اشتراكهم زال بالصلح فلا مقتضي لاحتساب حصّته لأربابه.[11]
تنبيه: فرض تجدد مُؤَن في أثناء الحول
إنّ صاحب العروة قال في ذیل هذه المسألة بعد الحكم بالمصالحة مع الحاكم: و لو فرض تجدد مؤن له في أثناء الحول على وجه لا يقوم بها الربح انكشف فساد الصلح.
و هذا الكلام منه وقع مورد اعتراض الأعلام و إیرادهم.
الإیراد علیه:
إنّ الأعلام من المحشّین و المعلّقین علی العروة اعترضوا علی صاحب العروة، بأنّ هنا صورتین:
الصورة الأولی: التصرّف أثناء السنة، كما عبارته حول «تجدّد مُؤنٍ» یناسب البحث في التصرف أثناء السنة. فهنا لا معنی للمصالحة و لذلك قال الأعلام بعدم صحة المصالحة قبل تمام الحول
قال المحقق النائیني و السید جمال الدین الگلبایگاني: مشروعيّة هذا الصلح من أصله قبل تمام الحول في غاية الإشكال.[12] [13]
و مثله المحقق البروجردي[14] و السید الشاهرودي[15] و بعض الأكابر[16] و المحقق زین الدین[17] و السید اللنكراني[18] و صاحب فقه الصادق[19] .
الصورة الثانیة: بعد انتهاء السنة و لابد من المصالحة مع الحاكم و انتقال الخمس إلی الذمّة و المصالحة تناسب البحث في التصرّف بعد انتهاء السنة. و هنا لا معنی لتجدد المؤن.
قال المحقق الخوئي: لم يتّضح المراد من هذا الكلام و نظنّ أنّه سهو من قلمه الشريف، لأنّ محلّ البحث إن كان هو التصرّف أثناء الحول [أي الصورة الأولی] فقد مرّ أنّه لا مانع منه من غير حاجة إلى النقل إلى الذمّة، إذ لا خمس إلّا بعد المؤونة و له التأخير إلى نهاية السنة و التصرّف كيفما شاء من غير توقّف على المصالحة مع الحاكم الشرعي، و قد صرّح في المسألة السابقة بالجواز في هذا الفرض.
و إن كان بعد تمام الحول و استقرار الخمس [أي الصورة الثانیة] فالمنع عن التصرّف و إن كان في محلّه حينئذٍ لتحقّق الشركة فلا يجوز إلّا مع المصالحة المزبورة في فرض وجود المصلحة كما عرفت، إلّا أنّه لا معنى حينئذٍ لما ذكره من فرض تجدّد مؤن أثناء الحول، إذ المفروض انقضاء الحول و انتهاؤه، فأيّ معنى بعد ذلك للتجدّد في الأثناء؟! و أمّا حمل العبارة على الكشف و مقام الإثبات بأن يتّضح له بعد الحول وجود مؤن أثناء الحول لم يكن يعلم بها فهو خلاف ظاهرها جدّاً، فإنّها صريحة في تجدّد المئونة لا الكشف عن مئونة سابقة على المصالحة كما لا يخفى.[20]
و قال بمثل ذلك في التعلیقة علی العروة.[21]
قال المحقق زین الدین: فرض تجدّد المُؤَن في الحول قرينة علىٰ أنّ المصالحة وقعت في أثناء الحول أيضاً، وقد مرّ في المسألة السابقة أنّه لا مانع في هذه الصورة من التصرّف في الربح و الاتّجار به، وأنّ الربح كلّه للمالك و عليه فلا وجه للمصالحة.[22]
و به قال بعض آخر مثل المحقق البجنوردي[23] و السید عبدالله الشیرازي[24] و السید الفاني[25] و السید المرعشي[26] و السید عبد الأعلی السبزواري[27] و السید حسن القمي[28] و الشیخ اللنكراني[29] و الشیخ السبحاني[30] .
الجواب الأول: حمل تجدّد المؤن علی الانكشاف
قال السید عبدالأعلی السبزواري: المراد بتجدد المؤن في المقام، العلم بها بعد وقوع الصلح و انكشاف انها كانت و لم يعلم بها المالك حين الصلح و حينئذ يبطل، لعدم المعوَّض له [أي لعدم وجود المعوّض للصلح].[31]
المناقشة فيه:
قال المحقق الخوئي: و أمّا حمل العبارة على الكشف و مقام الإثبات بأن يتّضح له بعد الحول وجود مؤن أثناء الحول لم يكن يعلم بها فهو خلاف ظاهرها جدّاً، فإنّها صريحة في تجدّد المئونة لا الكشف عن مئونة سابقة على المصالحة كما لا يخفى.[32]
الجواب الثاني: لزوم المصالحة أثناء السنة إذا علم زیادة الربح علی المؤن
إنّه قد تلزم المصالحة مع الحاكم أثناء السنة و هو في فرض العلم بزیادة الربح علی المؤونة فیجب أداء الخمس عند بعض الأعلام فوراً قبل انتهاء السنة إلا إذا صالح مع الحاكم.
قال صاحب مباني المنهاج: يختلج بالبال أن يقال: إنّ المكلف إذا علم أثناء السنة تعلق الخمس بالعين و عدم صرف المقدار الكذائي في المؤونة و صالح مع الحاكم ثمّ تجدد له شيء من المؤن، ينكشف فساد الصلح إذ ينكشف عنده أنّ قطعه بعدم المؤونة كان جهلاً مركباً، و بهذا النحو يمكن تصحيح ما أفاده فلاحظ.[33]
یلاحظ علیه:
الظاهر عدم اختصاص البحث بما إذا علمنا بزیادة الربح فالحمل علی هذه الصورة خلاف الظاهر.
الجواب الثالث: ارتباط كلامه بأثناء السنة
قال السید محمود الهاشمي الشاهرودي: و الظاهر أنّ الماتن ينظر إلى المسألة السابقة و إلى كلام صاحب الجواهر فيها، و أنّه لو أراد المكلف تخليص الأرباح لنفسه حتى في أثناء الحول و لو من باب الاحتياط على أساس فتوى صاحب الجواهر أمكنه نقل الخمس من العين إلى الذمة بمراجعة الحاكم الشرعي، و هذا لا ينافي ما تقدم منه في المسألة السابقة من جواز التصرف في أثناء الحول و أن الأرباح تكون له.[34]
یلاحظ علیه:
إنّ ما أفاده هنا بناءً علی مسلك صاحب الجواهر ینافي المسألة السابقة، حیث إنّ صاحب العروة لا یلتزم بمسلك صاحب الجواهر فلا معنی لحمل كلامه علی هذا المسلك.