بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

46/05/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة77؛ المطلب الثاني؛ النظریة الثانیة

 

النظریة الثانیة: لا يكون لأرباب الخمس حصّة من الربح

قال بها السید أبوالحسن الإصفهاني و السید المرعشي و السید عبدالأعلی السبزواري و المحقق السید محمد تقي الخوانساري و المحقق الأراكي و صاحب فقه الصادق.

و قال السید أبوالحسن الإصفهاني: [تعلّق الخمس بالربح هو] على‌ الأحوط، لكن تقدّم أنّه لا ربح للخمس، فيجزيه إخراج أصل الخمس، ثمّ‌ إخراج خمس بقيّته إن زادت علىٰ‌ مؤونة السنة.[1]

قال السید المرعشي: ... ثمّ‌ إنّ‌ البحث في الاشتراك و عدمه بالنسبة إلى الربح على‌ فرض كون الخمس حقّاً متعلّقاً بالعين ممّا لا مورد له.[2]

و قال السید عبدالأعلی السبزواري: [ما قاله صاحب العروة من أن ربح الخمس لأربابه] بناء على حصول الملكية و إمضاء الحاكم الشرعي لهذه التجارة و لكن أصل المبنى فاسد، لما تقدم من أنه لا دليل على الملكية، فيكون تمام الربح للمالك و لا أثر لإمضاء الحاكم بالنسبة إلى هذه الجهة و إن كان له أثر بالنسبة إلى وقوع التجارة على متعلق حق أرباب الخمس. ثمَّ‌ إنّه يجب تخميس جميع الأرباح في عرض واحد من دون أن يكون ربح الخمس لأربابه من جهة التجارة بمالهم مع الزيادة عن المؤن، لإطلاق أدلة وجوبه.[3]

و قال في تعلیقته علی العروة: [شركة أرباب الخمس مع المالك في الربح يكون] بناءً‌ على‌ الشركة العينيّة و إمضاء الحاكم الشرعيّ‌، وأمّا بناءً‌ على‌ أنّه مجرّد الحقّ‌ فلا وجه له، أمضاه الحاكم أم لا.[4]

و ذهب إلی هذه النظریة بعض من علّق علی العروة مثل المحقق الخوانساري و المحقق الأراكي و صاحب فقه الصادق.[5]

قال صاحب فقه الصادق: يترتّب على المختار أنّه لو تاجر بالمال الذي تعلّق به الخُمس، وحصل منه ربح، لا يكون ما يقابل خُمس الربح الأوّل لأرباب الخُمس، سواءٌ‌ أكانت التجارة في أثناء السَّنة، أو كانت بعد تمام الحول، كما لا يخفىٰ‌.

ثمّ‌ إنّه على القولين الآخرين[الإشاعة و الكلّي في المعیّن]، لا إشكال في كون ما يقابل خُمس الربح الأوّل لأربابه، إذا كانت التجارة بعد مُضيّ‌ الحول، في غير المورد الذي حكمنا فيه بصحّة المعاملة، لتبعيّة النماء للأصل.[6]

أما المحقق السید محمد تقي الخوانساري و المحقق الأراكي فقالا في تعلیقة العروة بأنّ الخمس من قبیل الحق لا الملكیة، و لكنّهما ما عیّنا كیفیة تعلّق الحقّ من أنّه بنحو الحق المتعلّق بمالیة العین أو حق الفقراء أو حقّ الرهانة أو حقّ الجنایة.

الدليل على هذه النظرية: الخمس يتعلّق بالعين بنحو الحقّ، لا الملك

و قال المحقق الخلخالي: ما ذكره المصنف في هذا الفرع من توزيع الربح الثاني على المالك و أرباب الخمس معا ... يبتني هذا على القول بتعلق الخمس بالأرباح على نحو الشركة في العين، أو الكلي في المعيّن كما هو خيرته، و أما على القول بتعلقها بها على نحو الحق فلا مجال للشركة في أرباح الخمس و لو بعد الحول، كما هو ظاهر.[7]

المناقشة الأولی في النظرية الثانية:

قال المیرزا هاشم الآملي: وقد يتوهّم علىٰ‌ المختار [أي: الخمس حقّ متعلّق بمالیة المال] أنّه لا ربح للخمس، لعدم الملكيّة، و لكنّه بمكانٍ‌ من الفساد، و يظهر بالتأمّل؛ إذ عليه أيضاً تكون الملكيّة لماليّة خاصّة.[8]

یلاحظ علیه:

إنّ القول بأن الخمس حقّ متعلّق بمالیة المال، یقتضي عدم ملكیة أرباب الخمس للعین و حینئذٍ تبقی العین في ملكیة المالك، و قاعدة النماء تابع للملك و الأصل تقتضي ملكیة المالك للربح. فما أفاده من أنّ حصّةً من الربح ترجع إلی الخمس مخدوشٌ.

المناقشة الثانیة في النظرية الثانية:

إنّ ما أفادوه صحیح علی مبنی هؤلاء الأعاظم و لكن النقاش في أصل مبناهم، و قد سبق بطلان مبنی القائلین بأنّ تعلّق الخمس بنحو الحقّ لا الملك، و هكذا أبطلنا قول القائلین بأنّه بنحو الملك إلا أنّ من باب الكلّي في المعیّن أو من باب الشركة في المالیة، فإنّ جمیع هذه المباني یقتضي القول بالنظریة الثانیة.

النظریة الثالثة: القول بالاحتیاط

إنّ بعض الأعلام من معلّقي العروة أشكل و تأمّل في قول صاحب العروة بشركة أرباب الخمس مع المالك في ربح الخمس، و هم الشيخ علي الجواهري و السید صدر الدين الصدر و المحقق الحكیم و المحقق زین الدین.[9]

أما مباني هؤلاء الأعلام في تعلّق الخمس بالعین:

فقال المحقق الحكیم: الخمس بجميع أقسامه متعلّق بالعين تعلّق الحقِّ‌ بموضوعه.[10]

و قال الشيخ زين الدين: ولا يبعد كون الخمس من قبيل الحقّ‌ في العين، كما في الزكاة.[11]

ملاحظتنا علی النظریة الثالثة:

إنّ المحقق الحكیم قال بأنّ تعلّق الخمس بنحو تعلّق الحقّ بموضوعه و قد فسّر بحقّ الرهانة و السید صدر الدین الصدر و الشیخ زین الدین قالا بمثل ما أفاده المحقق النائیني بأنّ تعلّق الخمس من قبیل الحقّ بنحو الشركة في المالیة و لا ملزم للاحتیاط بناءً علی نظرهم، فإنّهم یعتقدون بأنّ ملكیة العین للمالك و قاعدة النماء تابعٌ للملك تقتضي ملكیة المالك للربح فلا ملزم للاحتیاط المذكور.

فروع في المسائل الفقهية التطبيقية:

الزيادة الحاصلة بالتولّد و النمو من المال الذي لم يؤدّ خمسه

النظرية الأولى: التفصيل بين التولّد فلا يجب الخمس و بين النمو فيجب

قال المحقق الحكيم: إذا كان ربحه حبا فبذره فصار زرعاً وجب خمس الحب لا خمس الزرع، و إذا كان بيضاً فصار دجاجاً وجب عليه خمس البيض لا خمس الدجاج، و إذا كان ربحه أغصاناً فغرسها فصارت شجراً وجب عليه خمس الشجر لا خمس الغصن، فالتحوّل إذا كان من قبيل التولّد وجب خمس الأول و إذا كان من قبيل النموّ وجب خمس الثاني.[12]

و هكذا المحقق الخوئي[13] و بعض الأساطین[14] و المحقق الصدر[15] و المحقق التبريزي[16] و المحقق الفياض[17] و السيد محمود الهاشمي الشاهرودي[18] .


[1] العروة الوثقى - جماعة المدرسین، الطباطبائي اليزدي، السيد محمد كاظم، ج4، ص299.
[2] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص173.
[3] مهذب الاحکام فی بیان حلال و الحرام، السبزواري، السيد عبد الأعلى، ج11، ص461.
[4] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص174.
[5] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص173.
[6] فقه الصادق، الروحاني، السيد محمد صادق، ج7، ص486.
[7] فقه الشيعة‌، کتاب الخمس، الموسوي الخلخالي، السيد محمد مهدي، ج2، ص352.
[8] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص174.
[9] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص173-174.
[10] منهاج الصالحين، الحكيم، السيد محسن، ج1، ص472.
[11] العروة الوثقى و التعليقات عليها، ج12، ص171.
[12] منهاج الصالحين، المحقق الحكیم.، ج1، ص473، م 52
[13] منهاج الصالحين، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج1، ص340.
[14] منهاج الصالحين، الوحيد الخراساني، الشيخ حسين، ج2، ص378.
[15] موسوعة الشهيد السيد محمد باقر الصدر.، ج13، ص490
[16] منهاج الصالحين، التبريزي، الميرزا جواد، ج1، ص347.
[17] منهاج الصالحين، الفياض، الشيخ محمد إسحاق، ج2، ص73.
[18] منهاج الصالحين (السيد محمود الهاشمي الشاهرودي.)، ج1، ص366، م 1238