بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

46/05/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة77؛ المطلب الأول؛ النظریة الثانیة

 

المناقشة الثانیة: وجوب الخمس خلاف السيرة القطعية و ظواهر النصوص

قال المحقق الخوئي: و لكن الذي ذكره لا يمكن المساعدة عليه بوجه، كما نصّ‌ عليه شيخنا الأنصاري و من تبعه، لكونه على خلاف السيرة القطعيّة أوّلاً ... و على خلاف ظواهر النصوص ثانياً ... .[1]

المطلب الثاني: حكم ربح التجارة بالعين غير المخمّسة بعد السنة

قد تقدم في المسألة 75 البحث في عدم جواز الاتّجار بالعين غير المخمّسة بعد السنة الخمسية و قبل أداء الخمس و أنّ المعاملة الواقعة على العين هل تكون فضولية أم لا؟

و البحث هنا فيما إذا ربح شخص عند وصول السنة و اتّجر به بعد السنة من غیر أداء خمسه فربح منه فهل تكون حصة لأرباب الخمس من الربح الثاني أم لا يملكون حصة من الربح بل يكون كله للمالك؟

و هنا نظريات:

النظریة الأولی: لأرباب الخمس حصة من ربح التجارة [المختار]

قال بهذه النظرية صاحب العروة و المحقق الخوئي و الأستاذ المحقق البهجت و الشیخ علي الصافي الگلبایگاني و صاحب مباني المنهاج و جمع من الأعلام.

قال صاحب العروة: إذا اتجر به بعد تمام الحول فإنه إن حصل ربح كان ما يقابل الخمس من الربح لأربابه مضافا إلى أصل الخمس فيخرجهما أولا ثمَّ يخرج خمس بقيته إن زادت على مؤونة السنة‌.

قال المحقق الخوئي: ... يتّجه ذلك في الاتّجار بالربح غير المخمّس بعد انتهاء الحول، لاستقرار الخمس حينئذٍ في العين، فتكون كما لو اتّجر بالمال المشترك، حيث لا مناص من توزيع الربح وقتئذٍ بنسبة الاشتراك في العين كما هو ظاهر.[2]

قال الأستاذ المحقق البهجت: إن اتجر بمال تعلّق به الخمس ولم يخمّسه و لم ينقله إلى الذمة أيضاً و حصل له من تلك التجارة ربحٌ فلا يكون ما يقابل خمس المال من الربح ملكاً له، فيجب عليه أن يخمّس أصل المال و كل الربح الحاصل من الاتجار به و خمس بقية الربح؛ مثلاً إن كان له مأة تومان لم يخمّسها و ربح منها خمسين توماناً وجب عليه خمس أصل المال و هو عشرون توماناً و خمس الربح و هو عشرة [لا بعنوان الخمس بل بعنوان أنّه ربح للخمس المستقرّ] و خمس الأربعين و هو ثمانية توماناتٍ.[3]

قال الشیخ علي الصافي: و هذا بخلاف ما إذا اتجر بالربح بعد تمام الحول فانه إذا حصل ربح من الربح الفاضل من المئونة فى آخر السنة كان ما يقابل الخمس من الربح لأرباب الخمس مضافاً الى اصل الخمس بالتفصيل المتقدم فى المسألة (75) لأنّه بانقضاء السنة استقر الخمس و صار خمس الربح على القول بالشركة و هو قول المختار ملكا لارباب الخمس.[4]

قال صاحب مباني المنهاج: لو تصرف في الربح الزائد آخر السنة و ربح يكون ما قابل الخمس ملكاً لأربابه فلا بد من اخراجه مع اخراج أصل الخمس.[5]

الدليل على هذه النظرية:

قد مرّ في كلام المحقق الخوئي من أنّ تعلّق الخمس بربح التجارة هو مقتضى شركة المالك مع أرباب الخمس عند تعلّق الخمس بالمال، فكما يوزّع الربح في التجارة بالمال المشترك، كذلك في المقام، لكون المال مشتركاً بين المالك و أرباب الخمس.

المناقشة في النظریة الأولی:

قال السید عبدالأعلی السبزواري: [ما قاله صاحب العروة من أن ربح الخمس لأربابه] بناء على حصول الملكية و إمضاء الحاكم الشرعي لهذه التجارة و لكن أصل المبنى فاسد، لما تقدم من أنه لا دليل على الملكية.[6]

یلاحظ علیه:

إنّ النقاش المذكور مبنائي، فلابدّ من ملاحظة المباني المختلفة للأعلام:

أما مبنی ملكیة الخمس من باب الكلّي في المعیّن:

فإنّ الكلّي في المعیّن غیر الفرد علی البدل، فإنّ المالك للكلّي في المعیّن لا یملك شیئاً من العین الجزئية و لذا تبقی ملكیته متعلّقةً بالكلّي، دون الفرد علی البدل حیث إنّ الملكیة حسب هذا الفرض تعلّقت بالفرد الجزئي و لكنّه غیر معیّن بل لابدّ من تعیینه بنحو علی البدل.

أما الفرد علی البدل، فإن رجع إلی الفرد المردّد ففيه اختلاف بین الأعلام، فقبله المحقق النائیني و أنكره المحقق الإصفهاني، لأنّ الفرد المردّد لا ماهیة له و لا هویة.

أما الكلّي في المعیّن ففیه قولان:

القول الأول: أنّ خمس الربح لأربابه، و هو مختار صاحب العروة و هكذا بعض الأعلام مثل السید الخلخالي و صاحب فقه الصادق صرّحا بأنّه علی مبنی الكلّي في المعیّن فخمس الربح لأربابه لا للمالك، وفاقاً لصاحب العروة.

فیشكل علیه:

أنّ العین الخارجية خارجةٌ عن ملكیة أرباب الخمس، بل هم یملكون الكلي في المعیّن فتصرّف المالك حرامٌ و لكن ما حصل له من الاتجار یدخل في ملكه.

بل الأمر كذلك في بعض الفتاوی، في مسألة من غصب الحبّ أو البیض و نما نماءً متّصلاً، كما أفاده بعض الفقهاء مثل الشیخ الطوسي في كتاب الغصب من الخلاف والمبسوط بأن من غصب حباً فزرعه، أو بيضاً فحضنه عنده ففرخ، كان الزرع والفرخ له، وعليه قيمة الحب والبيض للمغصوب منه، وذكر نحوه ابن حمزة فيمن غصب البيض وحضنه. وقد علل في الأولين بتلف المغصوب، فلا يلزم الغاصب إلا قيمته.

فحینئذٍ بطریق أولی في ما إذا لم یملك أرباب الخمس العین بل تعلّق ملكیة الخمس بالكلّي في المعیّن یكون الربح للمالك.

القول الثاني: أنّ خمس الربح للمالك.

و الظاهر تمامیة القول الثاني، لما تقدّم في الإیراد علی صاحب العروة.

أما مبنی ملكیة الخمس من باب الشركة في المالیة

فالأمر هنا أوضح من الكلي في المعیّن، فلا یملكون أرباب الخمس حصّةً من الربح.

أما مبنی تعلّق الخمس بنحو الحق:

فقد قال السید الخلخالي: أما على القول بتعلقها بها على نحو الحق فلا مجال للشركة في أرباح الخمس و لو بعد الحول، كما هو ظاهر، و من هنا قد استشكل في توزيع الربح الثاني على أرباب الخمس بعض المحشين على المتن بناء على أن تعلق الخمس بالأرباح إنما يكون على نحو الحق المتعلق بالعين لا الملك، فلا وجه لأن يلحقه ربح.

النظریة الثانیة: لا يكون لأرباب الخمس حصّة من الربح

قال بها السید أبوالحسن الإصفهاني و السید المرعشي و السید عبدالأعلی السبزواري و المحقق السید محمد تقي الخوانساري و المحقق الأراكي و صاحب فقه الصادق.


[1] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج25، ص295.
[2] . موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج25، ص296.
[3] و نصّ عبارته في الفارسية: اگر از مالى كه خمس آن واجب شده ولى خمس آن را نپرداخته و به ذمّه هم نگرفته، سودى ببرد، مقدارى از سود كه در مقابل خمس آن مال است مال شخص نخواهد بود، و بايد خمس اصل مال و تمام سودى كه در مقابل خمس بدست آورده و خمس بقيه سود را بدهد، مثلاً صد تومان مال خمس نداده داشته و از آن پنجاه تومان سود برده، بيست تومان بابت خمس اصل مال و ده تومان بابت سود اين بيست تومان و هشت تومان بابت خمس چهل تومان باقيمانده، بايد خمس بدهد. توضيح المسائل، بهجت، محمد تقي، ج1، ص276.
[4] ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، الصافي الگلپايگاني، الشيخ علي، ج10، ص218.
[5] الغایة القصوی، ص233.
[6] مهذب الاحكام فی بیان حلال و الحرام، السبزواري، السيد عبد الأعلى، ج11، ص461.