46/05/21
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة77؛ المطلب الأول؛ أدلة النظریة الأولی
أدلة هذه النظریة
الدلیل الأول: المتعارف بین الناس لحاظ مجموعي لفوائد السنة
إنّه لابدّ في تحدید مفهوم الفائدة في روایات الخمس -مثل ما ورد في روایة علي بن مهزیار: « أما الغنائم و الفوائد فهي واجبة علیهم في كلّ عام»- أن نرجع إلى العرف و نتمسّك بالمتعارف بین الناس و خصوصاً سیرة التجار الأعم من كونهم متشرعین أو غیرهم.
فإنّ الناس و التجار في عرفهم یعدّون الأرباح الحاصلة في طول السنة بمنزلة ربح واحد و یحاسبونها في كلّ عام مرّةً و لا یفصّلون في الأرباح بین الربح الأول و الثاني، حتّی یقولوا بأنّ هذا هو الربح الأول و ذاك هو ربح الربح. و هذه السیرة العامّة بین الناس و التجار متصلة بعصر المعصومین(.
كما قال الشیخ الأنصاري: إنّ المتعارف بين الناس في الأرباح التدريجيّة عدم تقسيط المؤونة عليها، بل يصرف الربح الحاصل، الأوّل فالأوّل في المؤونة، فما بقي بأيديهم في آخر السنة من الربح الحاصل أخيراً يعدّونه مستفاد سنتهم الماضية.[1]
الدلیل الثاني: السیرة المتشرّعة
و سیرة المتشرعة التي سنستدلّ بها تستفاد من السیرة المتداولة بین الناس خصوصاً التجار منهم التي تقدّمت في الدلیل الأول و كما أنّ هذه السیرة عامة و لا تختص بزمان دون زمان فسیرة المتشرعة أیضاً عامةٌ لا تختص بزمان خاص بل موجودة في عصر الشارع.
و حینئذٍ لو لم یقبل الشارع هذه السیرة فلابدّ من أن یردع عمّا هو المتعارف في عرف الناس، لئلّا یقع الناس في مخالفة الشرع و لورد في ذلك نصٌّ یدلّ علی التفصیل بین الربح و بین ربح الربح.
كما قال المحقق الخوئي: إنّ عمل المتشرّعة قد استقرّ على ملاحظة مجموع الأرباح آخر السّنة بالضرورة.[2] [3]
الدلیل الثالث: مقتضی نصوص الخمس هو لحاظ مجموعي للأرباح
قال الشیخ الأنصاري: ظاهر قوله: «الْخُمُسُ بَعْدَ الْمَؤُونَةِ»[4] _ بعد سؤال السائل بقوله: هل الخمس على جميع ما يستفيد الرجل من جميع الضروب و على الصانع؟ _ أنّ المراد بالمؤونة مؤونة سنة التحصيل و الصناعة، فيكون جميع ما يستفاد من أوّل التكسّب إلى تمام السنة، كمستفاد واحد يخرج الخمس ممّا فضل منه عن المؤونة.
و أظهر من ذلك رواية [أبي] عليّ بن راشد[5] المتقدّمة الدالّة على وجوب الخمس في المتاجر و الصنائع بعد وضع المؤونة، فإنّ وحدة المؤونة الموضوعة من التجارة و الصناعة مع حصول الأرباح المتدرّجة تدلّ على أنّ المستثنى من الجميع مؤونة واحدة و لا يكون إلاّ بأن يكون لها سنة واحدة.
و كذلك الرواية المتقدّمة في استثناء مؤونة الضيعة، فإنّ الأرباح الحاصلة من الضيعة قد تكون تدريجيّة فاستثناء مؤونة واحدة تدلّ على أنّ للمجموع سنة واحدة، أوّلها أوّل الشروع في الاسترباح أو ظهور الربح على الخلاف المتقدّم.[6]
قال المحقق الحكیم: أن الظاهر من النصوص: أن الموضوع مجموع الربح الحاصل في السنة، كما عرفت في مسألة جبر الخسران، و مجموع الربح السنوي إنما يلحظ بالإضافة إلى رأس المال.[7]
و قال المحقق الخوئي: ... في صحيحة ابن مهزيار: «الْخُمُسُ بَعْدَ مَؤُونَتِهِ وَ مَؤُونَةِ عِيَالِهِ»[8] ، فإنّ المؤونة كما مرّ هي نفس ما يصرف خارجاً لا مقدارها، فدلّت على أنّ الخمس إنّما يجب في الربح بعد استثناء ما صرفه في مؤونة سنته من مجموع الأرباح لا من بعضها ليجب دفع تمام البعض الآخر خمساً باعتبار كونه ربح الربح.
و أوضح من ذلك صحيحته الأُخرى[9] ، قال فيها: «إِذَا أَمْكَنَهُمْ بَعْدَ مَؤُونَتِهِمْ»، فإنّ قوله: «أمكنهم» أي تبقّى لهم بعد مؤونتهم، فيلاحظ في مقام التخريج الباقي ممّا صرفه خارجاً في مؤونة السنة، فيتّحد مفادها مع رواية ابن شجاع النيسابوري[10] و إن ضعف سندها المصرّحة بأنّ الخمس ممّا يفضل من مؤونته، فالعبرة بفاضل المؤونة، أي ما يبقى بعد تمام الأرباح في نهاية السنة.[11]
الدليل الرابع: حصول الحرج الشديد الذي هو الدليل على جواز التأخير
إن إلزام المكلّف بأن يجعل حصة لأرباب الخمس ينافي تجويز تأخير الأداء إلى نهاية السنة إرفاقاً فإنّ الإرفاق لا يتلائم مع الحرج الشديد الحاصل باحتساب حصة للخمس من الربح الثاني و الثالث و الرابع.