بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

46/05/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة76؛ فروعات الفقهیة؛ الشراكة مع من لا یخمس؛ النظریة االثانیة: جواز التصرف

 

أما السند:

فإنّ لهذه الروایة سندین:

السند الأول: سعد بن عبد الله الأشعري عن أحمد بن محمد بن عیسی الأشعري عن محمد بن سنان عن یونس بن یعقوب.

و قد استشكل في السند من جهة محمد بن سنان، و قد ذُكِر فیه قولان:

القول في وثاقة محمد بن سنان

القول الأول: تضعیفه

قد نُسب إلی المشهور تضعیفه و قد صرّح بذلك النجاشي و الشیخ الطوسي في بعض عباراته و هكذا المحقق الخوئي و المحقق التبریزي قالا بتضعیفه.

والدلیل علی التضعیف أمران:

الأمر الأول: عبارات تدل على تضعیفه

قد يتمسّك في تضعيف محمد بن سنان بعبارات بعض الأعلام:

الأوّل: تضعيف الفضل بن شاذان

في رجال الكشي: قال محمد بن مسعود، قال عبد الله بن حمدويه‌، سمعت الفضل بن شاذان، يقول‌: لا أستحل‌ أن‌ أروي‌ أحاديث‌ محمد بن‌ سنان‌.

أبو الحسن علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري، قال قال أبو محمد الفضل بن شاذان‌، ردوا أحاديث‌ محمد بن‌ سنان‌! و قال: لا أحل لكم أن ترووا أحاديث‌ محمد بن‌ سنان‌ عني ما دمت حيا، و أذن في الرواية بعد موته.

و ذكر الفضل في بعض كتبه: أن من الكاذبين المشهورين ابن سنان و ليس بعبد الله.[1]

قال الفضل بن شاذان في بعض كتبه: الكذابون‌ المشهورون‌: أبو الخطاب‌ و يونس بن ظَبيان و يزيد الصائغ و محمّد بن سنان و أبو سمينة أشهرهم‌.[2]

و لكن لم یذكر محمد بن سنان في بعض نسخه.

جواب العلامة السید مهدي بحرالعلوم عنه:

قال العلامة السید محمد مهدي بحر العلوم: [أولاً:] هذه المبالغة العظيمة منه تریب اللبيب، فإن كل من نظر في الأخبار و عرف الرجال، يعلم أن محمد بن سنان ليس كأبي الخطاب و أبي سمينة و أضرابهما، و لا ممن يقرن بهم أو يقرب منهم.

[ثانیاً:] و إنه-على تقدير ضعفه-ليس من الكذابين المشهورين أو ممن تحرم الرواية عنه، إن ثبت تحريم الرواية عن أحد من الضعفاء. كيف، و الفضل-رحمه اللّه-هو أحد المكثرين عن محمد بن سنان، و روايته عنه دراية، و منعه عنها رواية.

[ثالثاً:] و قد روي عنه الإذن فيها بعد موته‌ و معلوم أن الموت لا يحل محرّما، و لا يبيح محظورا.

[رابعاً:] و قد حكى ابن داود-في ترجمة محمد بن علي المكنى بـ (أبي سمينة) عن الفضل: أنه قال: «إن الكذابين المشهورين أربعة: أبو الخطاب و يونس بن ظبيان، و يزيد الصائغ، و أبو سمينة و هو أشهرهم» و هذا يدل على خروج محمد بن سنان عنهم. و لعل النسخ في ذلك كانت مختلفة أو أن الزيادة في بعضها من الدسائس في كتب الفضل.[3]

الثاني: تضعيف ابن نوح

في رجال الكشي: قال حمدويه‌: كتبت أحاديث محمد بن سنان عن أيوب بن نوح، و قال لا أستحل‌ أن‌ أروي‌ أحاديث‌ محمد بن‌ سنان‌.[4]

الجواب عنه:

إن عدم استحلال روايته أحاديث محمد بن سنان لأجل ما جاء عنه في الكشي: ذكر حمدويه بن نصير، أن أيوب بن نوح، دفع إليه دفترا فيه‌ أحاديث‌ محمد بن‌ سنان‌، فقال لنا: إن شئتم أن تكتبوا ذلك فافعلوا! فإني كتبت عن محمد بن سنان و لكن لا أروي لكم أنا عنه شيئا، فإنه قال قبل‌ موته: كلما حدثتكم به لم يكن لي سماع و لا رواية إنما وجدته.[5]

یمكن إرجاع الضمیر في قوله: «فإنه قال قبل‌ موته» إلی أیوب بن نوح أو إلی محمد بن سنان، و كیف كان، فلا فرق في ذلك، لأنّ الروایة وجادةً معتبرٌ عندنا، و إن لم یكن عن سماع و لا روایة.

الثالث: تضعيف الشيخ المفيد

قال الشيخ المفيد -في رسالته في بيان أدلة قول القائل بأنّ شهر رمضان لا ينقص أبداً-: فمن ذلك حديث رواه محمد بن الحسين بن أبي الخطاب‌ عن‌ محمد بن سنان‌ عن حذيفة بن منصور عن أبي عبد الله قال‌ شهر رمضان ثلاثون يوما لا ينقص أبدا.

و هذا الحديث شاذ نادر غير معتمد عليه طريقه محمد بن سنان و هو مطعون فيه لا تختلف العصابة في تهمته و ضعفه و ما كان هذا سبيله لم يعمل عليه في الدين.[6]

الجواب عنه:

إن تضعیف الشیخ المفید یرجع إلی اتهامه بالغلو، كما سیأتي أنه قال: إن ابن سنان قد طعن‌ عليه و هو متهم بالغلو.[7]

الرابع: تضعيف الشيخ الطوسي

قال في رجاله: محمد بن سنان ضعيف.[8]

و قال في التهذيب و الاستبصار -بعد خبر وقع في سندها محمد بن سنان-: أنه لم‌ يروه‌ غير محمد بن‌ سنان‌ عن المفضل بن عمر و محمد بن سنان مطعون عليه ضعيف جدا و ما يستبد بروايته[9] و لا يشركه فيه غيره لا يعمل عليه‌.[10] [11]

و الجواب عنه:

إن تضعیفه یحتمل أن یكون من باب الغلو لتصریح الأصحاب بذلك والرمي بالغلو غیر قادح عندنا إلا إذا ثبت كونه من خصوص طائفة الغلاة الذین تركوا الصوم و الصلاة و لم یثبت وجه آخر للتضعیف و حینئذٍ فلا یمكن الاعتماد علی هذا الوجه.

الخامس: تضعيف النجاشي

قال النجاشي: و هو رجل ضعيف جدا لا يعول‌ عليه‌ و لا يلتفت‌ إلى ما تفرد به‌.[12]

ثمّ ذكر قول ابن شاذان الذي مرّ سابقاً و قول صفوان الذي سيجيء.

الجواب عنه:

هو نفس ما تقدّم في الجواب عن تضعیف الشیخ.

الأمر الثاني: الرمي بالغلو

الأوّل: صفوان

قال صفوان: إن هذا ابن سنان لقد همّ أن يطير غير مرة فقصصناه حتى ثبت معنا.

ثمّ قال النجاشي: و هذا يدل على اضطراب كان و زال‌.[13]

إنّ التعبیر ب«أن یطیر» ظاهر في الغلوّ.

و الجواب عنه:

إنّ عبارة صفوان و النجاشي تدل علی تثبیته بعد ذلك فلا یرد علیه بالضعف.

الثاني: الكشي

قال الكشي في ترجمة المفضل بن عمر: حدثني أبو القاسم نصر بن الصباح و كان غاليا، قال حدثني أبو يعقوب بن محمد البصري و هو غال‌ ركن‌ من‌ أركانهم‌ أيضا، قال حدثني محمد بن الحسن بن شمون‌ و هو أيضا منهم، قال حدثني محمد بن سنان و هو كذلك ... .[14]

الثالث: الشيخ المفيد

قال الشيخ المفيد -في الجواب عمّن سأله معنى بعض الأخبار في الأشباح و خلق الأرواح قبل خلق آدم بألفي عام-: إن الأخبار بذكر الأشباح تختلف ألفاظها و تتباين معانيها و قد بنت الغلاة عليها أباطيل كثيرة و صنفوا فيها كتبا لغوا فيها و هذوا فيما أثبتوه منه في معانيها و أضافوا ما حوته الكتب إلى جماعة من‌ شيوخ‌ أهل الحق و تخرصوا الباطل بإضافتها إليهم من جملتها كتاب سموه‌ كتاب‌ الأشباح‌ و الأظلة و نسبوا تأليفه‌ إلى محمد بن سنان‌[15] .

و لسنا نعلم صحة ما ذكروه في هذا الباب عنه فإن‌ كان صحيحا فإن ابن سنان قد طعن‌ عليه و هو متهم بالغلو.

فإن صدقوا في إضافة هذا الكتاب إليه فهو ضال بضلاله‌ عن الحق و إن كذبوا فقد تحملوا أوزار ذلك ... .[16]

الرابع: الشيخ الطوسي

قال الشیخ الطوسي في الفهرست: محمّد بن سنان، له كتب، و قد طعن عليه، و ضعّف، و كتبه مثل كتب الحسين بن سعيد على عددها، و له كتاب النوادر.

و جميع ما رواه إلاّ ما كان فيه تخليط أو غلوّ ...[17]

الخامس: ابن الغضائري

قال ابن الغضائري: محمّد بن سنان، أبو جعفر، الهمدانيّ‌، مولاهم - هذا أصحّ ما ينتسب إليه - ضعيف، غال، يضع (الحديث) لا يلتفت إليه.[18]

ملاحظتنا علیه:

إنّ رمي القدماء بالغلو لیس بمعتبر عندنا، لما قلنا في مباحثنا الرجالیة من أنّ بعض المعارف المرتبطة بأهل‌البیت( كانت مخفیة علی بعض القدماء فیتصوّرون بعض الفضائل من الغلو، كما تلقّیت و سمعت ذلك من بعض الأساطین و من الأستاذ السید موسی الشبیري الزنجاني.


[1] إختيار معرفة الرجال المعروف بـ رجال الكشي، الشيخ الطوسي، ج1، ص507.
[2] . إختيار معرفة الرجال المعروف بـ رجال الكشي، الشيخ الطوسي، ج1، ص546.
[3] الفوائد الرجالیة، ج3، ص274.
[4] . إختيار معرفة الرجال المعروف بـ رجال الكشي، الشيخ الطوسي، ج1، ص389.
[5] . إختيار معرفة الرجال المعروف بـ رجال الكشي، الشيخ الطوسي، ج1، ص506.
[6] جوابات اهل الموصل في العدد والرؤية، الشيخ المفيد، ج1، ص19.
[7] المسائل السروية، الشيخ المفيد، ج1، ص38.
[8] رجال الطوسي، الشيخ الطوسي، ج1، ص385.
[9] في الاستبصار «يختصّ بروايته».
[10] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج7، ص361.
[11] الإستبصار، الشيخ الطوسي، ج3، ص224.
[12] رجال النجاشي، النجاشي، أبو العبّاس، ج1، ص328.
[13] . رجال النجاشي، النجاشي، أبو العبّاس، ج1، ص328.
[14] إختيار معرفة الرجال المعروف بـ رجال الكشي، الشيخ الطوسي، ج1، ص322.
[15] نسب النجاشي لمحمد بن سنان كتاب الأظلة راجع رجال النجاشي، النجاشي، أبو العبّاس، ج1، ص328.
[16] المسائل السروية، الشيخ المفيد، ج1، ص37.
[17] الفهرست، الشيخ الطوسي، ج1، ص219.
[18] الرجال، ابن الغضائري، ج1، ص92.