بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

46/05/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة76؛ النظریة الأولی

 

أدلّة هذه النظرية:

أما الأدلّة علی جواز التصرّف:

الدليل الأول: جواز التصرّف من باب الكلّي في المعیّن

استدلّ صاحب العروة لهذه النظرية بأنّ تعلّق الخمس بالعين يكون بنحو الكلّي في العين، و مقتضی هذا المبنی هو جواز التصرف في أربعة أخماس من العین.

الدليل الثاني: جواز التصرّف من باب ملكیة الخمس بنحو الشركة المالیة

إنّ مبنی ملكیة الخمس بنحو الشركة المالیة یمكن فیه ثلاثة أقوال:

الأول: فإنّ للقائل بتعلّق الخمس من باب الملكیة بنحو الشركة في المالية أن یفتي بجواز التصرّف في أربعة أخماس من العین، دون الخمس الباقي، كما قلنا أنّه هو مقتضی القاعدة، فراجع[1] .

الثاني: فإنّ بعض القائلين بأنّه بنحو الشركة في المالية ، مثل صاحب المرتقی اختاروا جواز التصرّف في البعض بل هو یقول بجواز التصرّف في الكلّ بحسب المبنی العلمي، و لكنّه بحسب الفتوی یحتاط في التصرّف في البعض و أفتی بعدم جواز التصرّف في كلّ العین.

الثالث: فإنّ بعض القائلين بأنّه بنحو الشركة في المالية، مثل المحقق الشهید الصدر و المحقق التبریزي لم یجوّز التصرف ولو في بعض العین، لأنّهم یرون الشركة في المالیة في كلّ جزءٍ جزءٍ.

الدليل الثالث: جواز التصرّف من باب أنّه مقتضی القول بالحقّ

إنّ بعض القائلين بأنّه حقّ یجوّزون التصرّف في بعض العین، لعدم تعلّق الملكیة بالعین و إمكان التحفظ علی الحقّ عند التصرف في البعض إلا في الخمس الأخیر.

نعم بعضهم یحتاطون في التصرّف في البعض، مثل المحقق الحكیم، كما سیأتي.

الدلیل الرابع: أصالة بقاء ولایة المالك علی القول بالحق بنحو الكلّي

إنّ السید عبد الأعلی السبزواري یعتقد بأنّ تعلّق الخمس علی وجه الحقّ بنحو الكلّي في المعیّن، فحینئذٍ یجوز له التصرّف في أربعة أخماس من العین.

قال السید عبدالأعلی السبزواري: أما جواز التصرف في بعض الربح، فلأصالة بقاء ولاية المالك على ماله بعد عدم دليل معتبر على تحديد ولايته شرعاً بحد خاصّ.

نعم لو ثبت الشركة الإشاعية أو الحق الثابت في الجميع ليس له ذلك و لكنه مشكل بل ممنوع، و مقتضى الأصل عدمها.[2]

أما الدلیل علی تقیید جواز التصرّف بقصد إخراج الخمس من البقیة:

قال السید عبدالأعلی السبزواري: أما اعتبار قصد إخراجه من البقية، فلبناء المتشرعة، بل العقلاء الذين يهتمون بحقوق الناس على ذلك عند التصرف في أموالهم التي يعلمون بتعلق حق الغير ببعض أجزائه في الجملة، مع أنه نحو تضمين بالنسبة إلى حق أرباب الخمس و يكفي فيه القصد الإجمالي و لا يعتبر التفصيلي، للأصل.[3]

مناقشات علی النظریة الأولی:

المناقشة الأولی: عدم تمامیة مبنی الكلي في المعین و الشركة في المالیة

قال المحقق الخوئي: لا يخفى أنّ‌ القول بجواز التصرّف في بعض الربح مبني على أحد أمرين:

الأوّل: ما اختاره في كيفيّة التعلّق من كونه من قبيل الكلّي في المعيّن، إذ عليه لا شركة في نفس الأشخاص، بل هي باقية على ملك المالك، فله التصرّف في بعض الأطراف ما دام يبقى للكلّي مقدار يقبل الانطباق عليه.

و لكن المبنى غير تام: لعدم الدليل عليه، بل الدليل على خلافه في المقام، كما ستعرف.

الثاني: أنّه من قبيل الشركة في الماليّة، كما في الزكاة على ما تقدّم تقريره في محلّه، و أنّ‌ الشركة في المالية تفارق الإشاعة في أنّها لا تستوجب المنع عن التصرّف في البعض، إذ الماليّة كلّي قابل للانطباق على أبعاض العين، فله التصرّف فيما شاء منها.

و يندفع أوّلاً: بأنّه لا موقع لقياس الخمس على الزكاة، بعد ظهور الأدلّة الواردة فيه في الإشاعة، حسبما تعرفه في التعليق الآتي.

و ثانياً: بأنّ‌ الشركة في الماليّة أيضاً مانعة عن التصرّف، لعدم كون الماليّة المزبورة كلّيّة، و إنّما هي سارية في جميع أجزاء العين، فكلّ‌ جزء من الأجزاء مشترك بين المالك و المستحقّ‌، لكن لا بشخصيّته بل بماليّته، نظير شركة الزوجة مع الورثة في ماليّة البناء و إن لم ترث من نفس الأعيان. و من ثمّ‌ لم يكن للوارث التصرّف قبل أداء حقّ‌ الزوجة، لسريان الماليّة المشتركة في تمام الأجزاء بالأسر كما عرفت.

و بالجملة: فالشركة في الماليّة لا تستوجب جواز التصرّف، بل هي أيضاً مانعة، كما في إرث الزوجة. نعم، نلتزم بجواز ذلك في باب الزكاة ... و عليه، فمقتضى القاعدة عدم جواز التصرّف في باب الخمس، لأنّ‌ التصرّف في المال المشترك بدون إذن الشريك يحتاج إلى الدليل، و لا دليل حسبما عرفت.[4]

ملاحظتنا علیه:

قد سبق منّا جواز التصرف في أربعة أخماس من العین بناءً علی الشركة في المالیة، خلافاً للمحقق الخوئي.


[1] بحثنا عنه في المسألة 75 من العروة الوثقی، المطلب الثاني.
[2] مهذب الاحکام فی بیان حلال و الحرام، السبزواري، السيد عبد الأعلى، ج11، ص460.
[3] . مهذب الاحکام فی بیان حلال و الحرام، السبزواري، السيد عبد الأعلى، ج11، ص460.
[4] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج25، ص289.