بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

46/05/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة75؛ المطلب السادس: الاتجار بالعین المتعلق بها الخمس بعد السنة

 

المطلب السادس: الاتجار بالعين المتعلق بها الخمس بعد السنة

قال صاحب العروة: و لو اتّجر به قبل إخراج الخمس كانت المعاملة فضولية بالنسبة إلى مقدار الخمس فإن أمضاه الحاكم الشرعي أخذ العوض و إلا رجع بالعين بمقدار الخمس إن كانت موجودة و بقيمته إن كانت تالفة و يتخير في أخذ القيمة بين الرجوع على المالك أو على الطرف المقابل الذي أخذها و أتلفها هذا إذا كانت المعاملة بعين الربح.[1]

توضیح ذلك: قد تقدّم تفصيل المسألة في حكم بيع العين قبل أداء خمسها في المسألة 52 و ذكرنا هناك عدة نظريات نذكرها هنا باختصار و التفصيل في تلك المسألة:

النظرية الأولی: ینتقل الخمس إلی ذمة البائع فلا یجب على المشتري

و قد استظهر ذلك من كلام ابن ادریس و الشهید الأول.

النظریة الثانیة: ینتقل الخمس إلی البدل وإن لم یكن له بدل فإلی الذمة

قال بها المحقق الخوئي و من تبعه و هذا القول هو المختار.

قال المحقق الخوئي: الكلام فعلاً في الاتّجار بعد الاستقرار و وجوب الأداء. و حينئذٍ فقد يفرض الاتّجار بثمن أو مثمن في الذمّة و في مقام الوفاء يؤدّي من العين التي[2] استقرّ فيها الخمس عصياناً أو نسياناً ... و أُخرى: يفرض الاتّجار بعين الربح، و حينئذٍ فإن قلنا بصحّة المعاملة الصادرة ممّن لم يؤدّ الخمس إذا باع لشيعي ملتزم بالخمس عملاً بنصوص التحليل كما هو الصحيح فلا إشكال بالنسبة إلى من انتقل إليه و لم يكن عليه أيّ‌ شيء، لأنّ‌ وليّ‌ الأمر قد أمضى هذه المعاملة، و أمّا من انتقل عنه فبما أنّه أتلف الخمس فيكون ضامناً له و يرجع الحاكم الشرعي إليه خاصّة.

و أمّا لو أنكرنا شمول نصوص التحليل للمقام و ألحقناه بالزكاة كما هو المعروف، أو كان البيع لغير الشيعي، فيجري فيه ما ذكرناه هناك من فساد المعاملة في حصّة الخمس، لأنّه باع ما لايملك خمسه، فلا جرم يتوقّف على إجازة الحاكم الشرعي، فإن أجاز رجع إلى خمس الثمن، و إلّا فمع بقاء العين يسترجعها بنفسها، و مع التلف يرجع إلى كلّ‌ منهما كما في تعاقب الأيدي، و مع رجوعه إلى الثاني [المشتري] يرجع هو إلى الأوّل[المالك]، و لا عكس كما عرفت.[3]

النظرية الثالثة: المعاملة فضولية بالنسبة إلى مقدار الخمس

قال بها صاحب العروة و من تبعه مع الاختلاف بینهم في الرجوع إلی البائع أو المشتري أو مخيراً في الرجوع إلى أيهما.

النظریة الرابعة: البیع نافذ و الخمس على المشتري

قال بها السید أبو الحسن الإصفهاني.

النظریة الخامسة: نافذٌ في فرض بناء البائع على أدائه و فضوليٌّ إن لم ینو

قال بها الشيخ الأنصاري و السيد أحمد الخونساري.

النظرية السادسة: فضولي في مقدار خمس بالفتوی و في الباقي احتیاطاً

يظهر من المحقق الحكيم في تعليقته على العروة.

ولكن يظهر منه الفتوى بالفضولية في الصورتين في منهاج الصالحين، قال: إذا اتّجر بالعين بعد انتهاء السنة قبل دفع الخمس فالظاهر عدم الصحّة إلى أن يدفع الخمس، أو يجيز الحاكم الشرعي، لكن إذا أجاز الحاكم لم ينتقل الخمس إلى البدل، ولذا لا تصحّ‌ الإجازة للحاكم إلّا على نحوٍ لا يؤدِّي إلى ذهاب الحقّ‌ بأن تكون الإجازة على نحو المصالحة على الإجازة و نقل الخمس إلى الذمّة.[4]

و الوجه في عدم انتقال الخمس من المثمن إلی بدله: أنه لما كان ثبوت الخمس في العين بنحو ثبوت الحق بموضوعه - كما تقدم منه البناء على ذلك - فالعين بتمامها للمالك، فيكون الثمن بتمامه له ولا وجه لتعلق الخمس به.[5]

المطلب السابع: الاتجار بالذمة و دفع العين المتعلق بها الخمس ثمناً

قال صاحب الجواهر في نجاة العباد: لو تكسب بالذمّة و دفعه [ما تعلّق به الخمس بعنوان الثمن] وفاءً اثم و لم تبرأ ذمّته و لكن لا حصّة له [الخمس أو أربابه] من الرّبح في المال المفروض شراؤه في الذمّة و ليس له ضمانه[6] ثمّ‌ التّصرف به.[7]

قال المحقق البروجردي: إن اشترى متاعاً [بذمته]، ثمّ دفع ثمنه من مالٍ تعلّق به الخمس فالمعاملة صحيحة لكن بما أنّه دفع الثمن إلى البائع من مال تعلّق به الخمس فيكون مديوناً بمقدار الخمس للبایع و للحاكم أن يرجع إلى البائع إن كان ما دفعه المشتري إلىه باقياً و إن كان تالفاً فالحاكم مخيرٌ في الرجوع إلى أيّهما شاء.[8]

قال المحقق الخوئي: قد يفرض الاتّجار بثمن أو مثمن في الذمّة و في مقام الوفاء يؤدّي من العين التي[9] استقرّ فيها الخمس عصياناً أو نسياناً، ففي مثله لا ينبغي الشكّ‌ في صحّة المعاملة، غايته أنّ‌ في موارد عدم شمول أدلّة التحليل [مثل بیع الشیعي للعامي] يبقى الخمس في العين و لم يتحقّق الأداء بمقداره فيسترجعه الحاكم الشرعي مع بقائه، و أمّا مع تلفه فيضمنه كلٌّ‌ ممّن انتقل عنه و من انتقل إليه على ما هو الشأن في تعاقب الأيدي، فللحاكم مراجعة كلّ‌ منهما، غايته أنّه لو رجع إلى الثاني رجع هو إلى الأوّل، و لا عكس.[10]

المسألة76: جواز التصرف في مقدار من الربح إن لم يتجاوز الأربعة أخماس:

قال صاحب العروة:

المسألة 76 : يجوز له أن يتصرف في بعض الربح ما دام مقدار الخمس منه باق في يده مع قصده إخراجه من البقية، إذ شركة أرباب الخمس مع المالك إنما هي‌ على وجه الكلي في المعين، كما أن الأمر في الزكاة أيضا كذلك و قد مر في بابها‌.[11] [12]

توضیح ذلك:

إنّ الكلام في جواز التصرف في بعض العین، كما أنّ المسألة السابقة في جواز التصرّف في كلّ العین.

النظرية الأولى: جواز التصرّف في البعض مع قصد الإخراج من البقیة

قال بها صاحب العروة في متن العروة و الشيخ علي الجواهري و السيد الفيروز آبادي و المحقق النائیني و المحقق الحائري و السيد أبو الحسن الإصفهاني و المحقق العراقي و السيد محمد تقي الخوانساري و الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء و السيد جمال الدين الگلپایگاني و المحقق البروجردي و السيد محمود الحسيني الشاهرودي و السيد أحمد الخوانساري و الشيخ الأراكي و صاحب فقه الصادق، في تعليقة العروة.

قال المحقق البروجردي: من قصد أداء الخمس فيجوز له التصرّف في أربعة أخماس العين المتعلّق بها الخمس.[13]


[1] العروة الوثقى - جماعة المدرسین، الطباطبائي اليزدي، السيد محمد كاظم، ج4، ص297.
[2] و في المتن «الذي» و الصحیح ما أثبتناه.
[3] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج25، ص288.
[4] منهاج الصالحين، الحكيم، السيد محسن، ج1، ص472.
[5] مصباح المنهاج / كتاب الخمس، الحكيم، السيد محمد سعيد، ج1، ص292.
[6] أي لیس لمالك الثمن ضمان خمسه علی ذمته، و أداء دینه في معاملته بالذمة من هذا الثمن.
[7] نجاة العباد، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج1، ص88.
[8] اگر جنسى را بخرد و بعد از معامله قيمت آن را از پول خمس نداده بدهد، معامله‌اى كه كرده صحيح است. ولى چون از پولى كه خمس در آن است به فروشنده داده به مقدار پنج يك آن پول به او مديون مى‌باشد. و پولى را كه به فروشنده داده اگر از بين نرفته حاكم شرع پنج يك همان را مى‌گيرد، و اگر از بين رفته عوض آن را از خريدار يا فروشنده مطالبه مى‌كند. توضيح المسائل، ص355، م 1770.
[9] و في المتن «الذي» و الصحیح ما أثبتناه.
[10] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج25، ص288.
[11] العروة الوثقى - جماعة المدرسین، الطباطبائي اليزدي، السيد محمد كاظم، ج4، ص298.
[12] جاءت مسألة تعلّق الزكاة بالنصاب في المسألة 31 من (فصل في زكاة الغلات الأربع) راجع العروة الوثقى و التعليقات عليها، ج11، ص165.
[13] قال.: كسى كه قصد دادن خمس را دارد تا پنج يك مال باقى است مى‌تواند در بقیۀ آن تصرف كند. توضيح المسائل، ص360، م 1799