46/04/25
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة75؛ المطلب الثالث؛ النظریة الثانیة
النظرية الثانية: عدم الجواز إلّا بإذن الإمام أو نائبه
قال المحقق النراقي: مقتضى الآية و الأخبار تعلّق الخمس بالعين، فيجب أداؤه منها، و لا يجوز العدول إلى القيمة، إلاّ إذا أعطى العين إلى أهلها ثمّ اشتراها منه. نعم، الظاهر جواز تولّي النائب العامّ للمبادلة، سيّما في نصف الإمام، فإنّه يجوز له قطعا.[1]
یلاحظ علیه:
ما أفاده خلاف ما نقلناه من بعض الأخبار و خلاف السیرة المتشرّعة و تسالم الفقهاء، مضافاً إلی ما یلزمه من العسر و الحرج في بعض الأحیان.
النظرية الثالثة: الجواز إلّا في المال الحلال المختلط بالحرام فیحتاط فیه
قال بعض الأكابر عند تعلیقته علی تخییر صاحب العروة بین دفعه من العین و القیمة : لا يخلو من إشكال، و إن كان التخيير لا يخلو من قرب، إلّا في الحلال المختلط بالحرام، فلا يترك الاحتياط فيه بإخراج خمس العين.[2]
و قال في التحرير: تخيير المالك بين دفعه منها أو من مال آخر لا يخلو من إشكال ؛ و إن لا يخلو من قرب إلّا في الحلال المختلط بالحرام، فلا يترك الاحتياط فيه بإخراج خمس العين.[3]
و الدلیل علیه: روایة الحسن بن زياد
مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ بُهْلُولٍ عَنْ أَبِي هَمَّامٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «إِنَّ رَجُلاً أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي أَصَبْتُ مَالاً لا أَعْرِفُ حَلَالَهُ مِنْ حَرَامِهِ. فَقَالَ لَهُ: أَخْرِجِ الْخُمُسَ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ رَضِيَ مِن الْمَالِ بِالْخُمُسِ وَ اجْتَنِبْ مَا كَانَ صَاحِبُهُ يُعْلَمُ[4] »[5] [6]
وجه الدلالة هو قوله: «أَخْرِجِ الْخُمُسَ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ»، فإنّ هذه الروایة تدلّ علی وجوب الإخراج من نفس العین، لا من ثمنه أو عین أخری.
یلاحظ علیه:
قد استشکل في سندها بوجوه، فإنّ الوجه الأول یدل علی عدم اعتباره و الوجهین الآخرین یدلان علی استبعاد اعتبار سندها:
الوجه الأوّل: الحکم بن بهلول مجهول لم یوثّق و لم نجد وجهاً لتوثیقه.[7] [8] [9] [10]
الوجه الثاني: إنّ هذا الوجه یوجب الاستبعاد، فإنّ السند هنا یشتمل علی عليّ بن جعفر الصادق المعروف بالعریضي بقرينة رواية يعقوب بن يزيد عنه، و إنّ أبا همّام هو إسماعيل بن همّام من أصحاب الإمام الرضا، مع أنّ أبا همّام يروي عن عليّ بن جعفر العریضي عن أبي الحسن، فکیف یروي علي بن جعفر عن أبي همّام بواسطة الحکم بن بهلول، فیستبعد رواية عليّ بن جعفر1 عن الذي في طبقة متأخرة علیه بواسطة الحکم بن بهلول.
الوجه الثالث: إنّ هذا الوجه أیضاً یوجب الاستبعاد، فإنّ يعقوب بن يزيد الأنباري من الأجلاء و هو يروي عن أبي همّام مباشرة في جملة من الأسناد، فروايته عنه بواسطتين بعيدة.[11] [12] [13] [14]
المطلب الرابع: في أداء الخمس من مال آخر جنساً
النظرية الأولى: جواز أداء خمسه من جنس آخر
قال بها صاحب الجواهر و صاحب العروة و جمع من معلّقي العروة حيث إنّهم لم يعلّقا على كلامه منهم الشيخ علي الجواهري، و السيد أبو الحسن الإصفهاني، و المحقق الحائري[15] ، و المحقق النائيني، و المحقق العراقي، و المحقق البروجردي، و السيد جمال الدين الگلپایگاني، و المحقق الحكيم، و السيد محمود الحسيني الشاهرودي، و السيد محمد رضا الگلپایگاني، و السيد أحمد الحسيني الخوانساري، و الشيخ الأراكي، و صاحب فقه الصادق.
قال صاحب الجواهر: جاز له أيضاً إعطاء بدله من عين أخرى.[16]
قال السيد أبو الحسن الإصفهاني: الخمس متعلق بالعين و إن تخير المالك بين دفعه من العين أو من مال آخر.[17]
و قال في موضع آخر: يجوز للمالك أن يدفع الخمس من مال آخر و إن كان عروضاً، و لا يعتبر رضى المستحقّ أو المجتهد بالنسبة إلى حق الإمام، لكن يجب أن يكون بقيمته الواقعية، فلو حسب العروض بأزيد من قيمتها لم تبرأ ذمته و إن رضي به المستحق.[18]
و مثله عبارة السيد محمد رضا الگلپایگاني.[19] [20] [21]
قال المحقق البروجردي في رسالته العملية: يجوز للمكلف أن يؤدّي خمس ما تعلّق به الخمس من نفس العين أو بمقدار قيمته نقداً أو جنساً.[22]
و تبعه على ذلك شيخنا الأستاذ الشيخ محمد الشاه آبادي.[23]
قال المحقق الشيخ البهجت: يجوز للمالك أن يدفع الخمس من مالٍ آخر وإن كان عروضاً ولا يعتبر رضا المستحقّ أو المجتهد بالنسبة إلى الخصوصيّة، لكن يجب أن يكون بقيمته الواقعيّة ...[24] [25]
الدليل الأوّل: رواية الحارث بن حضیرة [حصيرة] الأزدي
عدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَضِيرَةَ الْأَزْدِيِّ قَالَ: «وَجَدَ رَجُلٌ رِكَازاً عَلَى عَهْدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَابْتَاعَهُ أَبِي مِنْهُ بِثَلَاثِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَ مِائَةِ شَاةٍ مُتْبِعٍ فَلَامَتْهُ أُمِّي ... قَالَ فَنَدِمَ أَبِي فَانْطَلَقَ لِيَسْتَقِيلَهُ فَأَبَى عَلَيْهِ الرَّجُلُ ... فَأَخَذَ أَبِي الرِّكَازَ وَ أَخْرَجَ مِنْهُ قِيمَةَ أَلْفِ شَاةٍ، فَأَتَاهُ الْآخَرُ فَقَالَ: خُذْ غَنَمَكَ وَ ائْتِنِي مَا شِئْتَ، فَأَبَى فَعَالَجَهُ فَأَعْيَاهُ، فَقَالَ: لَأُضِرَّنَّ بِكَ، فَاسْتَعْدَى إِلَى أَمِيرِالْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَبِي، فَلَمَّا قَصَّ أَبِي عَلَى أَمِيرِالْمُؤْمِنِينَ أَمْرَهُ قَالَ لِصَاحِبِ الرِّكَازِ: «أَدِّ خُمُسَ مَا أَخَذْتَ فَإِنَّ الْخُمُسَ عَلَيْكَ فَإِنَّكَ أَنْتَ الَّذِي وَجَدْتَ الرِّكَازَ وَ لَيْسَ عَلَى الْآخَرِ شَيْءٌ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَخَذَ ثَمَنَ غَنَمِهِ»[26] [27] [28] [29] .
و هذا الخبر یدلّ علی إعطاء الخمس من الثمن و هو في المقام ثلاثمأة درهم و مأة شاة متبع، فحیث یجوز جعل العروض ثمناً، فیجوز أیضاً دفع الخمس من الثمن، فعلیه یجوز دفع الخمس بمن العروض غیر العین.
یلاحظ علیه:
إنّ جواز دفع العروض في هذه الروایة في مورد تبدیل العین بالثمن الذي هو من قبیل العروض، فهنا یجوز دفع الخمس من الثمن الذي هو من قبیل العروض، و لکن کلامنا في ما إذا لم یبع العین و لم یبدّلها بالثمن و أراد دفع خمس العین من عروض أخری، فالروایة لا تدلّ علی ذلک.
الدليل الثاني: إلحاق الخمس بالزکاة
هذا الدلیل یتشکّل من صغری و کبری.
أما الصغری: فإنّ کثیراً من الأعلام قالوا في الزکاة بجواز أدائه من جنس آخر، مثل صاحب الجواهر في مجمع الرسائل[30] و الشیخ الأنصاري و المیرزا الشیرازي و صاحب الکفایة (حیث لم یعلّقوا علی کلام صاحب الجواهر) و صاحب العروة جمع من المعلّقین، مثل المحقق النائیني و المحقق الحائري و المحقق العراقي و السید أبو الحسن الإصفهاني. (حیث لم یعلّقوا علیه)
أما الکبری: فهي بناء بعضهم علی ألحاق الخمس بالزکاة، فینتج جواز أدائه من عروض أخری.
إنّ المحقق الحكيم قال: يكون عدم التعرض له في كلام الأكثر - مع كثرة الابتلاء به - اعتماداً على ما ذكروه في الزكاة، لبنائهم على إلحاق الخمس بها في كثير من الأحكام.[31]
و قال السید عبد الأعلی السبزواري: لما ادعى من أصالة المساواة بين الزكاة و الخمس إلا ما خرج بالدليل.[32]
إیراد المحقق الخوئي علیه:
قال المحقق الخوئي: و دعوى أنّ الخمس قد شُرِّع لبني هاشم بدلاً عن الزكاة أو عوضاً عنها كما نطقت به النصوص، و مقتضى عموم البدليّة المساواة في جميع الأحكام التي منها كيفيّة التعلّق، فتكون هنا أيضاً على سبيل الشركة في الماليّة كما في الزكاة.
مدفوعةٌ بأنّ البدليّة ناظرة إلى نفس الحقّ، إجلالاً لهم عن أوساخ ما في أيدي الناس كما في النصّ و لا نظر فيها إلى الأحكام المترتّبة عليه بوجه. هذا أوّلاً.
و ثانياً: لو سلّمنا تعلّق النظر إلى الأحكام فإنّما يسلم في المقدار الذي لم يثبت خلافه، فإنّ موارد الاختلاف بينهما في الآثار و الأحكام غير عزيزة كما لا يخفى. فليكن المقام من هذا القبيل بعد مساعدة الدليل حسبما عرفت.[33]
الدليل الثالث: إذا ثبت الحقّ في العین، یجوز دفعه من غیر العین
قال المحقق الحكيم: ... أو يدعى: أن نصوص التشريع لا تدل إلا على ثبوت حق في العين، فيجوز دفعه و لو من غير العين. و سيأتي في المسألة اللاحقة.[34]
یلاحظ علیه:
إنّ ذلک لا یمکن الاستدلال به، فإنّ القاعدة الأولیة هي عدم جواز دفعه من غیر العین، لأنّه إذا فرضنا تعلّق الخمس بالعین، فلابدّ من أدائه من العین، أما الأداء من القیمة فجایزٌ للأدلّة التي ذکرناها، و أما الأداء من جنس آخر فما وجدنا له دلیلاً حتّی نتمسّک به.