46/04/23
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة75؛ المطلب الثاني؛ فائدة
الأمر الثاني: مقتضى الأصل العملي
الشك في كون تعلّق الخمس بالعين بنحو الملكية أو بنحو الحق:
فهنا أصلان:
الأصل الأول: جریان استصحاب ملکیة المالک و هکذا استصحاب عدم ملكية أرباب الخمس و بقاء العين في ملك المكلّف و هما یقتضيان کون الخمس بنحو الحقّ.
الأصل الثاني: علی مبنی اتحاد حقیقة الملکیة و الحق، بمعنی أنّ الحق نوع من الملکیة و لکنّه أضعف، کما ذهب إلیه صاحب العروة، فالمسألة تکون بنحو الأقل و الأکثر الارتباطيین، و علیه فلابدّ من جریان البراءة عن الزائد علی قدر المتیقّن و هي الملکیة و هو یقتضي کون الخمس بنحو الحقّ.
مقتضی الأصل العملي بین الأقوال في الملکیة:
الشک بین کون ملکیة العین بنحو الإشاعة أو الکلّي في المعیّن:
إنّ ملکیة الکلّي لأرباب الخمس هي القدر المتیقّن، لأنّ الجزئي یشتمل علی الکلّي، کما مرّ سابقاً، فهنا استصحابان:
الأول: مقتضى الإستصحاب عدم ملکیة أرباب الخمس لکلّ جزءٍ جزءٍ هو القول بالکلّي في المعیّن.
الثاني: مقتضی استصحاب بقاء ملکیة کلِّ جزءٍ جزءٍ في ملك المالك هو القول بالكلي في المعیّن.
الشک في ملکیة العین بنحو الإشاعة أو الشرکة في المالیة:
إنّ القدر المتیقّن هو ملکیة مالیة العین، فإنّ القول بالإشاعة یشتمل علی ملکیة العین و ملکیة مالیتها، و أما القول بالملکیة علی نحو الشرکة في المالیة فیقتضي ملکیة المالیة دون ملکیة العین. فهنا استصحابان:
الأول: مقتضى الإستصحاب عدم ملکیة أرباب الخمس للعین الخارجية هو القول بالشرکة في المالیة.
الثاني: مقتضی استصحاب بقاء ملکیة کلِّ جزءٍ جزءٍ في ملك المالك هو القول بالشرکة في المالیة لأرباب الخمس.
الشک في ملکیة العین بنحو الکلّي في المعیّن أو الشرکة في المالیة:
و مع الشك في كون تعلّق الخمس بنحو الكلّي في المعيّن أو بنحو الشركة في المالية فملکیة أرباب الخمس في المالية هي القدر المتیقّن، فهنا یجریان الاستصحابان المتقدم ذکرهما و تثبت نظریة ملکیة أرباب الخمس بنحو الشرکة في المالیة.
مقتضی الأصل العملي بین الأقوال في الحق:
الشک في أنّ الحقّ بنحو الشركة في المالية بنحو الكلي أو الجزئي:
و مرادنا هو أنّه بناءً علی اختیار القول بالشرکة في المالیة و هو نظریة المحقق النائیني و جمع من الأعلام، إذا شککنا في أنّ الحقّ تعلّق بمالیة کلّ جزءٍ جزءٍ من العین أو تعلّق بکلي مالیة العین علی نحو الکلّي في المعیّن، فمقتضی الأصل العملي هو الکلّي في المعیّن، لا الإشاعة، فالحالة السابقة هو عدم تعلّق حق أرباب الخمس بالمالیة، و قد خرجنا عن ذلک بالقدر المتیقن من أدلّة الخمس الدالة علی تعلّق الحق بکلي مالیة العین، ـ علی فرض صحة القول به ـ لأنّ مالیة کلّ جزءٍ جزءٍ تشتمل علی مالیة الکلّي في ضمنه و نشکّ في استحقاق المالیة لکلّ جزءٍ جزءٍ، فهنا یجري استصحاب عدم تعلّق الحقّ بکلّ جزءٍ جزءٍ.
المطلب الثالث: دفع قيمة خمس العين نقداً
النظرية الأولى: جواز دفع القيمة
و قال بها الشیخ الأنصاري و صاحب العروة و المحقق العراقي و السید عبد الأعلی السبزواري و صاحب المرتقی و المتأخرون قاطبة.
قال الشيخ الأنصاري: هل يجوز دفع القيمة في هذه الأشياء؟ الظاهر ذلك، كما صرّح به بعض، بل يظهر من حاشية المدقّق الخوانساري[1] في مسألة وجوب بسط نصف الخمس على الأصناف، أنّ جواز أداء القيمة مذهب الأصحاب ... .[2]
قال صاحب العروة: يتخير المالك بين دفع خمس العين أو دفع قيمته من مال آخر نقداً أو جنساً.[3]
قال المحقق العراقي: الأقوى ولايته على معاوضته بعينٍ أخرى، أو غيرها ممّا يراه صلاحاً للسادة، كما هو الشأن في الزكاة.[4]
السيد عبد الأعلى السبزواري: يجزي أوسط القيم، كما مرّ في الزكاة.[5]
قال صاحب المرتقى: لا إشكال في جواز دفع القيمة بناء على الشركة في المالية، إذ هو يقصد تبديل الخمس بهذا المال فيكون المال هو الخمس.[6]
الأدلّة على جواز الإخراج من مال آخر
الدليل الأوّل: السيرة المستمرة
قال صاحب المرتقی: يمكن الاستدلال على جواز دفع القيمة بالسيرة المستمرة المتصلة بزمان المعصوم، إذ يعلم أنّه لم يكن يتكلّف من عليه الخمس بدفع الخمس من العين، بل كان المتعارف إرسال قيمة الخمس مالاً إلى الإمام.[7]
المناقشة الأولی:
قال الشیخ علي الصافي: إنّ السيرة المستمرة من زماننا الى زمان المعصوم حجة و تحقق هذه السيرة غير معلوم.[8]
یلاحظ علیه:
إنّ السیرة ثابتة عندنا، کما علیه ارتکاز المتشرّعة و نجد ذلک في الروایات و التواریخ.
المناقشة الثانیة:
قال صاحب المرتقی: لكن المتيقّن من السيرة المورد الذي يكون فيه بعض الكلفة بدفع خمس العين من نفسها، كما لو كان في بلد بعيد أو كان يعسر تقسيم العين، دون المورد الذي يسهل فيه ذلك.[9]
یلاحظ علیه:
إنّ الظاهر من السیرة المتشرعة و ارتکازاتهم دفع القیمة من دون ملاحظة الکلفة أو السهولة.
الدليل الثاني: تسالم الفقهاء
قال المحقق الحكيم: استظهره شيخنا الأعظم (ره)، حاكياً التصريح به عن بعض مستظهراً من حاشية المدقق الخوانساري نسبته إلى مذهب الأصحاب. و لعله كذلك، و يكون عدم التعرض له في كلام الأكثر - مع كثرة الابتلاء به - اعتماداً على ما ذكروه في الزكاة، لبنائهم على إلحاق الخمس بها في كثير من الأحكام.[10]
قال المحقق الخوئي: فلا يجب الإخراج من نفس المال، بل يجوز من مالٍ آخر. و لعلّ هذا هو المتسالم عليه بين الأصحاب و إن لم يذكروا ذلك إلّا في باب الزكاة، و كأنّه لبنائهم على الاشتراك في هذه الأحكام. إنّما الكلام في دليله.[11]
الدليل الثالث: صحيحة البرقي الدالّة على جوازه في الزكاة
[مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ] قَالَ: «كَتَبْتُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي: هَلْ يَجُوزُ أَنْ أُخْرِجَ عَمَّا يَجِبُ فِي الْحَرْثِ مِنَ الْحِنْطَةِ وَ الشَّعِيرِ وَ مَا يَجِبُ عَلَى الذَّهَبِ، دَرَاهِمَ قِيمَةَ مَا يَسْوَى أَمْ لَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ يُخْرَجَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَا فِيهِ؟ فَأَجَابَ: أَيُّمَا تَيَسَّرَ يُخْرَجُ».[12] [13]
قال المحقق الخوئي: ... لم يرد في المقام أيّ دليل [غير تسالم الفقهاء] يدلّ على الجواز حتى من النقود فضلاً عن العروض.
نعم، يمكن الاستدلال بما تمسّك به الفقهاء لذلك في باب الزكاة بدعوى شموله للمقام أيضاً، و هي صحيحة البرقي ... فإنّ ما يجب في الحرث بعد التقييد بالحنطة و الشعير و إن كان ظاهراً في الزكاة، لكن ما يجب في الذهب مطلقٌ يشمل الخمس أيضاً، كما لو كان هبة أو أجرة أو ثمناً، سيّما في تلك الأزمنة التي كان الذهب شائعاً و المعاملة عليه رائجة.
فهذه الصحيحة و إن تمسّك بها الأصحاب في باب الزكاة و ذكرها صاحب الوسائل في ذاك الباب، إلّا أنّه يمكن التمسّك بإطلاقها و أنّ العبرة بمطلق ما وجب في الذهب، سواء أ كان زكاة أم خمساً، و قد حكم بكفاية الإخراج بكلّ ما تيسّر و إن كان من خارج العين.
و مع التنازل و الغضّ عمّا ذكر فلا ينبغي التأمّل في أنّ نظر السائل لم يكن مقصوراً على خصوص الزكاة، فإنّ هذا لو كان مذكوراً في كلام الإمام لأمكن دعوى الاختصاص و أنّ للزكاة خصوصيّة لا نعرفها، و لكنّه مذكور في كلام السائل، و لعلّ من المقطوع به عدم الفرق في نظره بين الخمس و الزكاة كما لا يخفى.
فالاستدلال بهذه الصحيحة للمقام وجيه و في محلّه.[14]