بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

46/04/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة75؛ المطلب الثاني؛ فائدة: مقتضى الأصل اللفظي و العملي في كيفية تعلّق الخمس بالعين

 

فائدة: مقتضى الأصل اللفظي و العملي في كيفية تعلّق الخمس بالعين

هنا مقدّمةٌ و أمران لابدّ من التكلّم حولها:

المقدّمة: تعريف الحقّ و بيان الفرق بينه و بين الملك

الأمر الأوّل: مقتضى الأصل اللفظي

الأمر الثاني: مقتضى الأصل العملي

المقدمة: تعريف الحقّ و بيان الفرق بينه و بين الملك

قد وقع الخلاف بين الأعلام في تعريف الحقّ و الفارق بينه و بين الملك؛ فهنا أقوال، نشیر إلی نظریة صاحب العروة و المحقق النائیني و المحقق الحکیم فنجري الأصل اللفظي و الأصل العملي علی مبنی هؤلاء الأعلام، خلافاً لنظریة من قال بأنّ الحق في قبال الملک من دون أن یکون جامعٌ بینهما:

القول الأول: الحق مرتبة ضعيفة من الملك

قال صاحب العروة: إنّ‌ الحقّ‌ نوع من السّلطنة على شيء متعلّق بعين كحقّ‌ التّحجير و حق الرّهانة و حقّ‌ الغرماء في تركة الميّت أو غيرها كحقّ‌ الخيار المتعلّق بالعقد أو على شخص كحقّ‌ القصاص و حقّ‌ الحضانة و حق القسم و نحو ذلك فهي مرتبة ضعيفة من الملك بل نوع منه و صاحبه مالك لشيء يكون أمره إليه كما أنّ‌ في الملك مالك لشيء من عين أو منفعة ... و بالجملة الحقّ‌ نحو من الملك بل هو ملك بحسب اللّغة و كونه في مقابل الملك اصطلاح عامّ‌ أو خاصّ‌ و لا بدّ له من متعلّق سواء جعلناه إضافة و نسبة بين الطّرفين أو سلطنة كما في الملك. [1]

القول الثاني: الحق بالمعنی الأخصّ سلطنة أضعف من الملك و لکنه مقابل له

قال المحقق النائيني: إنّ‌ الحق يطلق على عنوان عام يشمل كلّ‌ ما وضعه الشّارع و جعله فالحكم و العين و المنفعة و الحقّ‌ بالمعنى الأخص داخل تحت هذا العنوان فإن الحق معناه اللّغوي هو الثبوت و حقّ‌ الجار على الجار و الوالد على الولد و نحوهما من الأحكام عبارة عن ثبوته و هكذا ملكية العين أو المنفعة من الحقوق و الأمور الثّابتة كحق الخيار و حقّ‌ الشّفعة.

و بعبارة أخرى إطلاق الحقّ‌ على العين و المنفعة إطلاق شائع كإطلاقه على الحكم.

نعم الحق بالمعنى الأخص مقابل لذلك كله، فإنه عبارة عن إضافة ضعيفة حاصلة لذي الحقّ‌ و أقواها إضافة مالكية العين و أوسطها إضافة مالكيّة المنفعة و بتعبير آخر الحق سلطنة ضعيفة على المال و السّلطنة على المنفعة أقوى منها و الأقوى منهما السّلطنة على العين فالجامع بين الملك و الحقّ‌ هو الإضافة الحاصلة من جعل المالك الحقيقي لذي الإضافة المعبّر عنها بالواجديّة و كون زمام أمر الشيء بيده ...[2]

القول الثالث: الحق نوع من الملکیة تختلف معها باختصاصها بمورد خاص

قال المحقق الحكيم: أن الحق في اللغة و العرف: هو الأمر الثابت في قبال الباطل غير الثابت، و في الاصطلاح: الحقية عبارة عن نوع من الملكية التي هي نحو خاص من الإضافة بين المالك و المملوك، و الاعتبار الخاص بينهما الذي هو معنى لام الملك في مثل قولك: الفرس لزيد ...

و أما إضافة الحقية: فهي نوع من الإضافة المذكورة تختلف معها باختصاصها بمورد خاص... .[3] [4] [5]

 

الأمر الأول: مقتضى الأصل اللفظي

الشک بین کونه حقّاً أو ملکاً:

مع الشك في دلالة الآية و النصوص في أنّ تعلّق الخمس بنحو الحق أو الملك فمقتضى الأصل اللفظي هو أن يكون تعلّق الخمس بنحو الحقّ، لأنّ القول بالملك يقتضى قيداً زائداً فالأصل اللفظي و هو الإطلاق ينفي هذا القيد الزائد.

مقتضی الأصل اللفظي بین الأقوال في الملکیة:

الشک بین کون ملکیة العین بنحو الإشاعة أو الکلّي في المعیّن:

و مع الشك في كون الملکیة بنحو الكلي أو الجزئي –الذي تنتج القول بالإشاعة- فبمقتضى الأصل اللفظي و هو الإطلاق، كونه كلياً في المعیّن، فإنّ کلّ أمر جزئي یشتمل علی خصوصیة الکلّي في ضمنه، فالکلي هو القدر المتیقّن، فالجزئية و الإشاعة تحتاج إلى بيان زائد.

الشک بین کون الملکیة بنحو الإشاعة أو بنحو الشركة في المالية:

و مع الشك في كون الملکیة بنحو الإشاعة أو بنحو الشركة في المالية فالإشاعة فیها قيد زائد و هو كون المالك يملك أمرین: العين و ماليتها و في الشركة في المالية المالك یملک المالية فقط و لا يملك العین، فالقدر المتیقّن ملکیة المالیة و المشکوک ملکیة العین بنحو الإشاعة و مقتضی الإطلاق نفي القید الزائد أعني ملکیة العین بنحو الإشاعة.

الشک بین کونه بنحو الكلي في المعيّن أو بنحو الشركة في المالية:

و مع الشك في كون الملکیة بنحو الكلي في المعيّن أو بنحو الشركة في المالية فالكلي في المعیّن فيه قيد زائد و هو كون المالك يملك العين و ماليتها و في الشركة في المالية المالك یملک المالية فقط و لا يملك غيرها، فالقدر المتیقّن ملکیة المالیة و المشکوک ملکیة العین بنحو کلّي و مقتضی الإطلاق نفي القید الزائد أعني ملکیة العین بنحو الکلّي.

مقتضی الأصل اللفظي بین الأقوال في الحق:

الشک في أنّ الحقّ بنحو الشركة في المالية بنحو الكلي أو الجزئي:

و مرادنا هو أنّه بناءً علی اختیار القول بالشرکة في المالیة و هو نظریة المحقق النائیني و السید جمال الگلبایگاني و السید عبد الأعلی السبزواري و المیرزا هاشم الأملي و السید المرعشي النجفي إذا شککنا في أنّ الحقّ تعلّق بمالیة کلّ جزءٍ جزءٍ من العین أو تعلّق بالعین علی نحو الکلّي في المعیّن، فمقتضی الأصل الفظي هو الکلّي في المعیّن لا الإشاعة، لأنّ الإشاعة فيها قيد زائد، لأنّ کلّ جزئي یشتمل علی الکلّي في ضمنه، لما ثبت في محلّه من أنّ الکلّي موجود في ضمن فرده الجزئي فالمستحقّ یستحق المالية بنحو کلّي و جزئي و في الشركة في المالية المستحقّ یستحقّ المالية فقط، فالقدر المتیقّن المالیة بنحو کلّي و المشکوک المالیة بنحو جزئي و مقتضی الإطلاق نفي القید الزائد أعني المالیة بنحو جزئي.

 


[1] حاشية المكاسب‌، الطباطبائي اليزدي، السيد محمد كاظم، ج1، ص55.. و 57
[2] منية الطالب في حاشية المكاسب‌، النجفي الخوانساري، الشيخ موسى؛ تقرير بحث الميرزا النائيني، ج1، ص41.
[3] مستمسك العروة الوثقى، الحكيم، السيد محسن، ج4، ص46.
[4] نهج الفقاهة، الحكيم، السيد محسن، ج1، ص6.
[5] مستمسك العروة الوثقى، الحكيم، السيد محسن، ج14، ص554.