بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

46/04/19

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة75؛ المطلب الثاني؛ النظریة السادسة

 

النظرية السادسة: تعلّق الخمس بالعین بنحو حقّ الرهانة

و یستظهر ذلك من المحقق الحكیم: الخمس بجميع أقسامه متعلّق بالعين تعلّق الحقِّ‌ بموضوعه.[1]

و قد استظهر المحقق السید محمد سعید الحكیم من عبارته التزامه بحقّ الرهانة، فقال: «كأن مراده به أن يكون الخمس حقاً ثابتاً في المال خارجاً عنه، كثبوت حق الرهانه، وليس جزءاً مشاعاً فيه ليستلزم الشركة، ولا كلياً قائماً به، كالصاع في الصبرة.»[2]

قال صاحب المرتقى في توضیح هذه النظریة و إن لم یلتزم بها: أن يكون من قبيل حق الرهانة بأن يكون مقدار الخمس بمنزلة الوثيقة لأرباب الخمس فإذا دفع إليهم إرتفع الحق.

و يترتب عليه عدم جواز التصرّف في الزائد على أربعة أخماس العين، لأنه وثيقة الفقراء.[3]

یلاحظ علیه:

قد تقدّم أنّ تعلّق الخمس علی وجه الملكیة بنحو الإشاعة و الشركة الحقیقیة، لا الحق المتعلّق بالعین بأنحائه.

النظرية السابعة: تعلّق الخمس بالعین بنحو حقّ الجناية

قال صاحب فقه الصادق: الأظهر كونه حقّاً متعلّقاً بماليّة العين.[4]

و قال في تعلّق الزكاة بالمال إنّ الزكاة حقّ متعلّق بمالية العين بنحو حقّ الجناية.[5]

قال صاحب المرتقى في تقریره: أن يكون من قبيل حق الجناية، و لا يمنع من جواز التصرف، لأنّه حق ثابت في نفس العين فيدور أينما دارت و لا يرتبط بصاحب العين أو غيره، فلصاحب الحق استيفاؤه من العين أينما وجدت.[6]

الفرق بين حق الرهانة و حق الجناية:

قال المحقق الشيخ محمد تقي الآملي: حق الرهانة علقة خاصة بين المرتهن و العين المرهونة، الحاصلة بعقد الرهن، الموجبة لكون العين مخرجا لدينه، و لازمه أن تكون هذه العلقة متعلقة بمحل قابل للمخرجية و النقل و الانتقال، و يترتب عليه مانعية حق الرهانة عن النقل و الانتقال.

و حق الجناية حق متعلق من المجني عليه أو وليه برقبة الجاني، الموجب لجواز استرقاقه أينما وجده - و لو بعد خروجه عن ملك مالكه، فحق الجناية لا يمنع عن النقل و الانتقال.[7]

الدلیل علی النظریة السابعة:

قال صاحب فقه الصادق: الظاهر من الأدلّة كونه من قبيل حقّ‌ الجناية، أي يكون حقّاً تعليقيّاً متعلّقاً بنفس العين.

أمّا وجه كونه تعليقيّاً: فلما دلّ‌ على‌ جواز إعطاء المالك من غير العين و تبديله.

و وجه كونه متعلّقاً بالعين ابتداءً‌ ما دلّ‌ من النصوص والفتاوى على عدم ضمان الخُمس بتلف المال، إذ لو كان في الذّمة، وكان من قبيل حقّ‌ الرهانة، لم يكن موجب لبراءة الذّمة عنه بتلف المال، كما أنّ‌ تلف الرهن لا يوجب براءة ذمّة الراهن من الدين.

فتحصّل: أنّ‌ تعلّق الخُمس بالعين إنّما يكون من قبيل تعلّق حقّ‌ الجناية.[8]

یلاحظ علیه:

أولاً: ما تقدّم من أنّه لیس من قبیل الحق.

ثانیاً: لو كان من قبیل الحقّ، فلا نسلّم كونه من قبیل حقّ الجنایة، بحیث لو انتقل إلی غیره بالبیع مثلاً لوجب علی المشتري أداءُ خمسه من دون الرجوع إلی البائع، لما تقدّم في الروایات من أنّه إذا باع العین المتعلّق بها الخمس فلابدّ للبائع من إعطاء خمسها من الثمن، كما في روایة الحارث بن الحضيرة الأزدي.

و هناك أقوال أُخر، لا نذكرها خوفاً من التطویل.[9]


[1] منهاج الصالحين، الحكيم، السيد محسن، ج1، ص472.
[2] مصباح المنهاج / كتاب الخمس، الحكيم، السيد محمد سعيد، ج1، ص280.
[3] المرتقى، ص243.
[4] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج۱۲، ص۱۶۶.
[5] العروة الوثقى و التعليقات عليها، ج11، ص167.
[6] المرتقى، ص243.
[7] مصباح الهدى في شرح العروة الوثقى‌، الآملي، الشيخ محمد تقى، ج11، ص149.
[8] فقه الصادق، الروحاني، السيد محمد صادق، ج7، ص486.
[9] النظریة الثامنة: قال المحقق الشیخ السبحاني: ... الحقّ‌ قائم بمالية العين لا بشخصه، و هذا نظير إرث الزوجة من أعيان الدار الموروثة فليست شريكة للورثة فيها، و لكنّها متعلّقة لحقها بماليتها فلو باعها الورثة ينتقل حقّها إلى بدلها. و إن شئت قلت: المتعلّق هو العين بماليتها القائمة بالعين أو البدل أو بماليتها السيّالة، و على ذلك تجوز المعاملة عليها ما لم ينته إلى إعدام الموضوع كالهبة و الإتلاف. و لعلّ‌ هذا الوجه هو الأقرب إلى الأذهان، و هي خالية عن الإشكالات المتوجهة إلى سائر الأقوال خصوصاً القول بالإشاعة أو الكلي في المعيّن. الخمس في الشريعة الإسلامية الغرّاء، السبحاني، الشيخ جعفر، ج1، ص365.