بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

46/04/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة75؛ المطلب الثاني؛ النظریة الرابعة

 

الدليل الثالث: صحيحة أبي بصير

قال المحقق النائیني: و ممّا يمكن الاستدلال به على كونه على نحو الحقيّة، هو الرواية الّتي سئل عن المعصوم: عن بستان صرف بعض فاكهته في مؤونة عياله و باع بعضها، فقال ما بعت منه فخمّسه [هذا مضمون کلام الإمام و لکن نصّ الروایة هکذا: فَكَتَبَ: أَمَّا مَا أُكِلَ فَلَا وَ أَمَّا الْبَيْعُ فَنَعَمْ، هُوَ كَسَائِرِ الضِّيَاعِ[1] ؛

فإنّه لو كان الخمس متعلّقا بالعين فحينئذ للإمام أن يسأل و يقول: فما تفعل بالخمس إذا تريد البيع‌؟ فعدم سؤاله يدلّ‌ على جواز بيعه، و هو يدلّ‌ على أنّ‌ الخمس يكون على نحو الحقيّة.[2]

یلاحظ علیه:

لا دلالة فیها علی أنّه بنحو الحقیة لما ثبت من جواز البیع قبل السنة الخمسیة، کما اخترنا جواز ذلک تبعاً للشیخ الأنصاري بعد السنة الخمسیة إذا نوی أداء الخمس، و أما إذا لم ینو أداءه فالبیع نافذٌ و الخمس ینتقل إلی العوض و لکنّه عاصٍ.

النظرية الخامسة: تعلّقه بالعین یشبه حقّ الفقراء في منذور التصدّق

قال بها السید الإصفهاني.

قال السيد أبو الحسن الإصفهاني: بأنّه حق متعلّق بالعين يشبه حق الفقراء في منذور التصدّق. [3]

لعلّ تعبیره بأنّه یشبه حقّ الفقراء، من جهة أنّه في منذور التصدّق بعد بیع العین لا یمکن إلزام المشتري بالتصدّق و لکن في الخمس علی نظریة السید الإصفهاني لابدّ أن یعطي خمسه و یرجع إلی البائع.

بیان الشيخ محمد تقي الآملي في تقریر کلام السید الإصفهاني:

إنّ بعض السادة من مشايخنا مع ذهابه الى كون الخمس و الزكاة متعلقين بالعين على نحو يشبه تعلق حق الفقراء بمنذور التصدق - قال فيما علّقه في المقام و في كتاب الزكاة بصحة البيع بلا احتياج إلى الإجازة و أنّه يجب على المشتري أن يخمسه و يرجع به إلى البائع.

الإيراد الأول: عن المحقق الشيخ محمد تقي الآملي

و لا يخفى ما فيه، فإنّ الجمع بين كونه كحق الفقراء في منذور التصدق و بين صحة بيعه بلا احتياج إلى الإجازة جمع الضدين.

و يمكن أن يكون نظره في صحة البيع - مع كون الحق المتعلق بمنذور التصدق كحق الرهانة المانع من النقل و الانتقال كما هو التحقيق - إلى قيام الدليل على الصحة هاهنا و إن كان مخالفاً للقاعدة، و هو صحيح عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال قلت للصادق رجل لم يزك إبله و شاته عامين فباعها، على من اشتراها أن يزكيها لما مضى‌؟ قال: نعم تؤخذ زكوتها و يتبع البائعَ أو يؤدى زكوتها البائعُ.[4] [5]

و لا يخفى عدم صراحته في صحة البيع لإمكان كون الحكم بإعطاء زكوتها من جهة كونه مال الغير و أنه يتبع البائع في مقدار ثمنه الذي يقابل الزكاة.[6]

الإیراد الثاني:

إذا تعلّق النذر بفعل مثل التصدّق من عین خاصة مثل البستان بأن یتصدّق خمس ثمرته، فلا یجوز بیع البستان بکلّه، لتعلّق حقّ الفقراء به، و أما بیع أربعة أخماسه فلا مانع عنه.

ففي باب الخمس أیضاً إذا تعلّق بالعین بنحو حقّ الفقراء فلابدّ من عدم جواز بیع خمس العین الباقي لتعلّق الحق بالعین و لکن بنحو الکلّي في المعین لا بنحو الجزئي مثل الإشاعة، فیجوز بیع أربعة أخماسها.

نعم إذا عصی و باع تمام العین التي تعلّق بها الخمس فالبیع نافذٌ، و ینتقل الخمس إلی العوض، کما یجوز بیع مقدار الخمس الباقي في ما إذا نوی أداء الخمس من الثمن.


[1] مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ فِي آخِرِ السَّرَائِرِ نَقْلًا مِنْ كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَيْهِ فِي الرَّجُلِ يُهْدِي إِلَيْهِ مَوْلَاهُ وَ الْمُنْقَطِعُ إِلَيْهِ هَدِيَّةً تَبْلُغُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ هَلْ عَلَيْهِ فِيهَا الْخُمُسُ فَكَتَبَ الْخُمُسُ فِي ذَلِكَ وَ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ فِي دَارِهِ الْبُسْتَانُ فِيهِ الْفَاكِهَةُ يَأْكُلُهُ الْعِيَالُ إِنَّمَا يَبِيعُ مِنْهُ الشَّيْ‌ءَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ خَمْسِينَ دِرْهَماً هَلْ عَلَيْهِ الْخُمُسُ؟ فَكَتَبَ: أَمَّا مَا أُكِلَ فَلَا وَ أَمَّا الْبَيْعُ فَنَعَمْ هُوَ كَسَائِرِ الضِّيَاعِ. وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص504، أبواب ابواب ما یجب فیه الخمس، باب8، ح10، ط آل البيت.
[2] الرسائل الفقهيّة، النجم آبادي، الميرزا أبو الفضل، ج1، ص228.
[3] العروة الوثقى - جماعة المدرسین، الطباطبائي اليزدي، السيد محمد كاظم، ج4، ص87. أرجع السيد أبو الحسن الإصفهاني. هنا في كتاب الخمس إلى ما قاله في كتاب الزكاة و نحن جئنا بما قاله هناك
[4] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج3، ص531.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص127، أبواب أبواب زکاة الأنعام، باب12، ح1، ط آل البيت.
[6] مصباح الهدى في شرح العروة الوثقى‌، الآملي، الشيخ محمد تقى، ج11، ص151.