بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

46/04/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة75؛ المطلب الثاني؛ النظریة الثالثة

 

جواب صاحب المرتقی عن الإیراد:

قال صاحب المرتقی: أنه يدفع بحمل مثل هذه الأخبار على النهي عن جعل العين المفروض تعلق الخمس بها ثمناً في المعاملة، لا النهي عن بيع العين المذكورة، و معنى عدم حلية مثل هذا العمل إنما هو عدم التخلّص عن تبعة الخمس بجعل متعلقه ثمناً في المعاملة.

و نظير هذا التعبير موجود في تراكيب اللغة الفارسيّة، يقال: «از حرام خريد» او «از خمس خريد» و مرادهم بذلك جعل المال الحرام أو الخمس ثمناً في المعاملة، و كلمة «از» مرادفة لكلمة «من» في اللغة الفارسية.

و عليه، فيمكن تنزيل قولهم(: «لا يحل لأحد أن يشتري من الخمس...» و نحو ذلك على مفاد التعابير المتقدمة.

و هذا و إن كان على خلاف الظاهر ابتداءً‌، فإنّ الظهور الأوّلى للنصوص المذكورة إنّما هو النهي عن جعل الخمس ثمناً، الذي مرجعه إلى عدم جواز تبديله بتبديل معاملي، إلّا أنّه لا مانع من الحمل عليه في المقام، و غير خفي أنّ هذا المعنى لا ينافي الشركة في المالية.

و عليه، فيتعين الالتزام بأن ملكية الخمس من قبيل الشركة في المالية، كما التزم به المحقق النائيني.

و من هنا يتبين اندفاع احتمال ثبوته بنحو الحق، لظهور الأدلة في كونه بنحو الملك، كما تقدم.

و مع هذا الالتزام يرتفع الإشكال في شراء الأعيان المعلوم تعلّق الخمس فيها و عدم أداء صاحبها له و المعاوضة عليها لصحة البيع و انتقال الخمس إلى الثمن. و بدونه يشكل ذلك للعلم بملكية الفقراء لجزء من العين، فلاحظ.[1]

ملاحظاتنا علی هذا الإیراد:

الملاحظة الأولی:

إنّ البیع علی مبنی الإشاعة و الشرکة الحقیقیة أیضاً جایزٌ إذا نوی أداء الخمس من الثمن، کما قال به الشیخ الأنصاري و جمع من الأعلام من جهة ولایة المالک علی تبدیل العین و بیعه و أداء الخمس من الثمن.

فلا ینحصر صحّة الروایة علی مبنی الشرکة في المالیة.

الملاحظة الثانية:

إن الظاهر من روایة: «لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنَ الْخُمُسِ شَيْئاً حَتَّى يَصِلَ إِلَيْنَا حَقُّنَا»[2] کما اعترف به صاحب المرتقی بعنوان الظهور الأولی هو النهي عن التبدیل المعاملي، سواء کان بیعاً أو شراءً، فلا یتفاوت فيه أن یکون متعلّق الخمس ثمناً أو مثمناً.

فهذه الروایة کقاعدةٍ کلّیةٍ خصّصناها بما إذا تصرّف في ما تعلّق به الخمس و باعه بنیة أداء الخمس من ثمنه، کما ذکرناه في الملاحظة الأولی.

الإيراد الثاني على النظرية الثالثة: عن المحقق الخوئي

لا موقع لقياس الخمس على الزكاة [التي ملکیتها بنحو الشرکة في المالیة]، بعد ظهور الأدلّة الواردة فيه في الإشاعة.[3]

الإيراد الثالث على النظرية الثالثة: عن المحقق الخوئي

إنّ المحقق الخوئي ناقش فیها بناء علی المبنی الأول الذي هو جواز التصرف في أربعة أخماس العین و عدم جوازه في الخمس الباقي و نستفید من ذلک، إیراده علی المبنی الثاني أیضاً الذي اختاره صاحب المرتقی و هو جواز التصرف في کلّ العین.

قال: بأنّ الشركة في الماليّة أيضاً مانعة عن التصرّف، لعدم كون الماليّة المزبورة كلّيّة، و إنّما هي سارية في جميع أجزاء العين، فكلّ جزء من الأجزاء مشترك بين المالك و المستحقّ، لكن لا بشخصيّته بل بماليّته، نظير شركة الزوجة مع الورثة في ماليّة البناء و إن لم ترث من نفس الأعيان.

و من ثمّ لم يكن للوارث التصرّف قبل أداء حقّ الزوجة، لسريان الماليّة المشتركة في تمام الأجزاء بالأسر كما عرفت.

و بالجملة: فالشركة في الماليّة لا تستوجب جواز التصرّف، بل هي أيضاً مانعة، كما في إرث الزوجة.

نعم، نلتزم بجواز ذلك في باب الزكاة، استناداً إلى ما ورد فيها من نصوص العزل و جواز الإفراز و أنّ للمالك الولاية على تعيين الزكاة في بعض العين ...

و بما أنّ لازم العزل تعيين حصّة المالك في الباقي فنصوص العزل تدلّنا‌ بالملازمة العرفيّة على ولاية المالك على تعيين حصّته الشخصيّة من العين بتمامها و إفرازها عن العين المشتركة، و بالطريق الأولى له تعيين بعض الحصّة.

فبهذا البيان يمكن الالتزام بجواز تصرّف المالك في بعض العين، لأنّ تصرّفه في البعض مرجعه إلى تعيين حصّته كلّاً أو بعضاً و أنّ هذا له و الزكاة في الباقي، فنستفيد من دليل جواز العزل جواز تعيين المالك مقداراً من المال لنفسه بحيث لا يشترك الفقير معه فيه. فإذن جواز التصرّف في المال الزكوي في بعض النصاب مستفاد من هذا الدليل، و أمّا في باب الخمس فلم يرد مثل هذا الدليل، إذ لم يدلّ أيّ دليل على جواز العزل فيه بحيث لو تلف المعزول لم يضمن، و معلوم أنّ أحكام الزكاة لا تجري بأجمعها في الخم

و عليه، فمقتضى القاعدة عدم جواز التصرّف في باب الخمس، لأنّ التصرّف في المال المشترك بدون إذن الشريك يحتاج إلى الدليل، و لا دليل حسبما عرفت.[4]

یلاحظ علی الإیراد الثالث:

إنّه قد ناقشنا فیه عند بیان ما هو الحق من المبنی الأول في البحث عن جواز التصرف في العین علی الشرکة في المالیة، فراجع.


[1] المرتقى، ص247 – 248.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص484، أبواب ما یجب فیه الخمس، باب1، ح4، ط آل البيت.
[3] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج25، ص290.
[4] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج25، ص290.