46/04/09
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة75؛ المطلب الثاني؛ النظریة الأولی
إیراد علی النظریة الأولی:
و دعوى أنّ الخمس قد شُرِّع لبني هاشم بدلاً عن الزكاة أو عوضاً عنها، كما نطقت به النصوص، و مقتضى عموم البدليّة المساواة في جميع الأحكام التي منها كيفيّة التعلّق، فتكون هنا أيضاً على سبيل الشركة في الماليّة كما في الزكاة.
جواب المحقق الخوئي عن هذا الإیراد:
أوّلاً: إنّ البدليّة ناظرة إلى نفس الحقّ، إجلالاً لهم عن أوساخ ما في أيدي الناس كما في النصّ و لا نظر فيها إلى الأحكام المترتّبة عليه بوجه.
ثانياً: لو سلّمنا تعلّق النظر إلى الأحكام فإنّما يُسلَّم في المقدار الذي لم يثبت خلافه، فإنّ موارد الاختلاف بينهما في الآثار و الأحكام غير عزيزة كما لا يخفى. فليكن المقام من هذا القبيل بعد مساعدة الدليل حسبما عرفت. و عليه، فالقول بأنّ كيفيّة التعلّق في باب الخمس إنّما هي على سبيل الإشاعة و الشركة الحقيقيّة غير بعيد بالنظر إلى الأخبار، على خلاف باب الزكاة.[1]
النظرية الثانية: تعلّق الخمس بالعين بالملکیة علی وجه الكلّي في المعيّن
قال بها صاحب العروة و المحقق الحائري و المحقق العراقي
قال صاحب العروة في المسألة 76: شركة أرباب الخمس مع المالك إنّما هي على وجه الكلّي في المعيّن.
و تبعه عليه بعض الأعلام من معلّقي العروة حيث إنّهم لم يعلّقوا على هذه المسألة كالمحقق الحائري و المحقق العراقي.
وقال المحقق العراقي في موضع: ... كيفية تعلق الخمس و الزكاة بالمال ... من باب الكلي في المعين، لا من باب الإشاعة.[2]
قال المحقق الخوئي عليه يبتني القول بجواز التصرّف في بعض الربح و قال في وجهه: إذ عليه لا شركة في نفس الأشخاص، بل هي باقية على ملك المالك، فله التصرّف في بعض الأطراف ما دام يبقى للكلّي مقدار يقبل الانطباق عليه.[3]
تفسیر معنی الکلّي في المعیّن:
هنا مبنیان في معنی الکلّي في المعیّن:
المبنی الأول: هو بمعنی ملکیة الإنسان لكلي المال بقيد كونه من هذه العين، کما قال به صاحب المرتقی[4] و الشیخ السبحاني[5] و هو المختار.
المبنی الثاني: هو الوجود الخارجي المردّد بين الوجودات المتعددة في العین الخارجیة، کما قال به المشهور و صرّح به المحقق العراقي.[6]
دلیلنا علی بطلان المبنی الثاني: إنّ الفرد المردّد لا ذات له و لا ماهیة.
إيرادان علی النظریة الثانیة:
الإیراد الأول: عدم الدلیل علیه
قال المحقق الخوئي: المبنى غير تام، لعدم الدليل عليه[7] ، و قال الشيخ السبحاني: هذا وجه لا دليل على تعيّنه. [8]
الإیراد الثاني: الدلیل علی خلافه
قال المحقق الخوئي: بل الدليل على خلافه في المقام.[9] و مراده هو أدلّة القول بالملکیة علی نحو الإشاعة.
النظرية الثالثة: تعلّق الخمس بالعين بالملکیة علی وجه الشركة في المالية
قال بها بعض الأعلام كصاحب المرتقى و المحقق السید محمد باقر الصدر علی ما یستظهر من تعلیقته علی منهاج الصالحین.
و قال المحقق الخوئي في الفرق بينها و بين الإشاعة: إنّ الشركة في المالية تفارق الإشاعة في أنّها لا تستوجب المنع عن التصرّف في البعض، إذ الماليّة كلّي قابل للانطباق على أبعاض العين، فله التصرّف فيما شاء منها.[10]
قال صاحب المرتقى: أن يكون من قبيل الشركة في المالية و معناها أنّ مستحق الخمس يملك خمس العين بما أنّه مال و مقتضى الجمع بين ملكية الشخص لجميع العين بصورتها الشخصية و النوعية و ملكية أرباب الخمس للعين بما أنّها مال، هو فرض ملكية أرباب الخمس لمقدار خمس المال المضاف إلى العين الخاصة.
و يترتب على ذلك إمكان تبديل العين إلى عين أخرى أو تبديلها بالثمن، لأنّها ملك صاحبها بمجموعها و المطلوب ليس إلا المحافظة على مالية الخمس المضاف إليها و ذلك يتحقّق إمّا بالمحافظة على نفس العين أو على بدلها، إذ تصدق المحافظة على مالية العين ببدلها بما أنّه بدلها، فيجوز بيعها بثمنها أو بأزيد لا بأقل من ثمنها، إذ لا يحافظ بذلك على مالية الخمس...[11]
الأدلة على هذه النظرية:
الدلیل الأول: عدم تلاءم أدلّة تعلق الخمس بالفائدة مع الشرکة الحقیقیة
أفادها صاحب المرتقی، و لابد من بیانها قبل الاستدلال بالروایات:
قال صاحب المرتقی: إن الظاهر من النصوص كون ثبوت الخمس من قبيل الشركة الحقيقية، لظهورها في تعلق الخمس بنفس العين و أنّ المملوك خمس العين.
إلا أنه يمكن رفع اليد عن هذا الظهور بما يظهر من أدلة خمس أرباح المكاسب من تعلّق الخمس بالأرباح بعنوان كونها ربحاً و فائدة بحيث يصدق هذا العنوان في حال تعلّق الخمس و ثبوته، و هو لا يتلاءم مع كون ملكية الخمس بنحو الشركة الحقيقية، لأنّ المال لا يكون بمجموعه ربحاً بل الربح هو أربعة أخماسه، لأنّ الخمس الخامس مملوك لغير صاحب المال.
و إنما يتلاءم مع الشركة في المالية، إذ نفس العين ملك لصاحبها بمجموعها. و مع ثبوته بنحو الكلي في المعين لأنه يملك تمام العين و له التصرف في أي جزء شاء من أجزائها سواء فسّر الكلي في المعين بما ذكرنا أو بتفسير المشهور، و عليه، فيدور الأمر بين هذين الاحتمالين.[12]