بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

46/04/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة74؛ الصورة الثالثة؛ النظریة الرابعة

 

النظریة الرابعة: عدم جواز جبر الخسران و التلف علی الأحوط

قال بها صاحب الجواهر في مجمع الرسائل[1] و المحقق السیستاني

و ما أفاده المحقق السیستاني من استقلال کلّ من التکسبات في الصورة الثالثة صریح في عدم الجبر علی الأحوط، قال: إذا وزّع رأس ماله على تجارات متعددة، كما إذا اشترى ببعضه حنطة و ببعضه سكراً فخسر في أحدهما و ربح في الآخر جاز جبر الخسارة بالربح على الأظهر، نعم إذا تمايزت التجارات فيما يرتبط بشئون التجارة من رأس المال و الحسابات و الأرباح و الخسائر و نحوها ففي جواز الجبر إشكال، و الأحوط لزوماً عدم الجبر.

و كذا الحال فيما إذا كان له نوعان من التكسب كالتجارة و الزراعة فربح في أحدهما و خسر في الآخر، فإنه لا تجبر الخسارة بالربح على الأحوط.[2] [3]

و التلف عنده بحکم الخسارة.

تتمّةٌ: إنّ کاشف الغطاء و المحقق البروجردي أیضاً قائلان بالاحتیاط في جبر الخسارة، و لکن کاشف الغطاء سکت عن حکم التلف و المحقق البروجردي علی ما یستظهر من تعلیقته علی العروة أفتی بعدم جبر التلف.

قال كاشف الغطاء: الأحوط ألا يجبر خسران تجارة بربح أخرى بل يقتصر على التجارة الواحدة.[4]

قال المحقق البروجردي علّق علی قول صاحب العروة «لأقوائیة عدم الجبر في هذه المسألة»: عدم جبر الخسران لا قوّة فيه، خصوصاً إذا لم يكن مقصوده من الزراعة إلّا استنماء المال بما هو مال، كما في التجارة، لكنّه أحوط.[5]

یلاحظ علیها:

لا وجه للاحتیاط بعد ما بیّنا الدلیل علی الجبر.

النظریة الخامسة: يجبر الخسارة من ربح تکسّب آخر و لا يجبر التلف

قال بها الشهید الثاني و المحقق القمي و الشیخ الأنصاري علی ما أفاده في کتاب الخمس، خلافاً لتعلیقته علی مجمع الرسائل.

قال الشهيد الثاني في المسالك: «و يجبر خسران التجارة و نحوها بالربح في الحول الواحد فيلحق بالمؤونة»

و أفتي في التلف بعدم الجبر و قال: و لا یجبر التالف من المال بالربح مطلقاً.[6]

و قال المحقق القمّي: و يجبر خسران التجارة و الزراعة و نحوهما بالربح في الحول، و لا يجبر مطلق التالف.[7]

قال الشيخ الأنصاري: و لو كانا [الخسارة و الربح] في مال واحد في تجارتين، فإن كان كلاهما متعاقبين في مال واحد، فالظاهر أيضا الجبران، ... و لو كانا في مالين ففي الجبران إشكال، أقربه ذلك، كما قطع بالجبران في الدروس.[8]

و قد سبق أنّه قال بعدم الجبر في صورة التلف مطلقاً.

یلاحظ علیها:

قد تقدّم الدلیل علی الجبر في التلف، فلا نعید.

النظریة السادسة: إذا کان الخسران و التلف بعد الربح فیجبر و إلا فلا

قال بها بعض الأساطین و صاحب فقه الصادق

نعم، هذه النظریة مقتضی دلیل المحقق الخوئي في المستند إلا أنّه في کتبه الفتوائیة احتاط في ما إذا کان الخسران و التلف بعد الربح

قال بعض الأساطین في تعلیقته علی کلام المحقق الخوئي عند الاحتیاط في عدم الجبر: بل الأقوى هو الجبر.[9]

قال صاحب فقه الصادق: إذا كان له نوعان من التكسب كالتجارة والزراعة فربح في احدهما وخسر في الاخر فيجبر الخسارة من الربح.[10]

یلاحظ علیها:

یظهر ممّا سبق عدم الفرق بین تقدّم الخسران و التلف علی الربح أو تأخرهما، فیجبران بلا إشکال.

النظریة السابعة: لایجبران قبل الربح بالفتوی و بعده علی الأحوط

قال بها المحقق الخوئي و المحقق التبریزي.

قال المحقق الخوئي في المنهاج: إذا كان له نوعان من التكسب كالتجارة و الزراعة فربح في أحدهما و خسر في الآخر، ففي جبر الخسارة بالربح إشكال، و الأحوط عدم الجبر.[11] [12]

و أشار في الصورة الثانیة إلی أنّ التلف أیضاً مثل الخسارة.

و قال بمثل ذلك المحقق التبریزي[13] .

الاستدلال علی هذه النظریة:

استدلّ المحقق الخوئي علی جواز جبران الخسارة في هذه المسألة و یمکن لنا أن نجعله دلیلاً علی النظریة الأولی و الثانیة أیضاً، فقال بالجبر و قیّده بوقوع الخسران بعد الربح، و لکن في مقام الفتوی احتاط في ذلک و قال بعدم الجبر علی الأحوط.

قال المحقق الخوئي: ... الكلام فيما لو كان الشغل مختلفاً، كما لو كان تاجراً و زارعاً فربح في أحدهما و خسر في الآخر، فهل يحكم بالجبر حينئذٍ؟ أفتى بالعدم، نظراً إلى تعدّد العنوان. و لكن للمناقشة فيه مجال، إذ العنوان و إن تعدّد إلّا أنّ‌ شيئاً منها لم يكن ملحوظاً بالذات، بل الكلّ‌ مقدّمة للاسترباح و لتحصيل المال، و الاختلاف إنّما هو في سبل تحصيله، فهو في آخر السنة يلاحظ مجموع العائد من كسبه المنشعب إلى قسمين أو أقسام، فإذا ربح في البعض و خسر في الآخر يجري الكلام المتقدّم حينئذٍ من أنّه لم يربح بمقدار خسارته، و لا أقلّ‌ من الشكّ‌ في صدق الاستفادة و شمول الأدلّة له، و مقتضى الأصل البراءة عن الوجوب، و لكن الاحتياط في محلّه.[14]

یلاحظ علیها:

یردّه ما لاحظنا به علی النظریة السابقة، و لا وجه للاحتیاط.

النظریة الثامنة: المیزان استقلال الکسب و رأس المال و عدمه

قال بها بعض الأکابر و السید الگلبایگاني علی ما في تعلیقة العروة و السید المرعشي و المحقق المیرزا هاشم الآملي في هذه الصورة و الصورة الثانیة، فهؤلاء جعلوا المناط في الجبر «عدم استقلال التکسّبات» و إن کان التکسّبات و الاموال متعددة.

نعم، إن، بعض الأعلام یعتقدون في هذه الصورة بأنّ کلّ تکسّب مستقلّ و لا یحتملون هنا عدم الاستقلال، مثل المحقق العراقي و المیرزا هاشم الأملي و السید الگلبایگاني علی ما في هدایة العباد[15] (خلافاً لما أفاده في تعلیقة العروة) فلا نعدّهم من القائلین بهذه النظریة في الصورة الثالثة و إن قلنا بأنّهم یعتقدون بهذه النظریة في الصورة الثانیة.

و قد نقلنا في الصورة الثانیة کلام بعض الأکابر في التعلیقة علی العروة.[16] [17]

قال السید الگلبایگاني في تعليقته على العروة في الصورة الثالثة: بل الجبر لا يخلو من قوّة مع اتّحاد رأس المال، وإن كان العدم أحوط.[18]

قال السید المرعشي: الأقرب أن يجعل المعيار الاستقلال وعدمه، فلو كان كلّ‌ تجارة مستقلّة لها رأس مال مستقلّ‌ لا علاقة ولا جامع بينها أصلاً في المحاسبات فلا جبر حينئذٍ و إلّا فالجبر، من غير فرقٍ‌ في الصورتين بين اختلاف الأنواع وعدمه.[19]

یلاحظ علیها:

قد أشرنا في الصورة الثانیة إلی أنّ في مسألة استثناء مؤونة السنة عن وجوب الخمس، هل المراد بالسنة، سنة شخص المکلّف [حتّی یقال بأنّ السنة للمکلّف واحدة و إن تعددت التکسبات المستقلّة] أو سنة أنواع تجاراته و تکسباته [حتّی یقال بتعدد السنة بحسب تعدد التکسبات المستقلة و نتیجته عدم الجبر] و الصحیح هو الأول، لأنّ المستفاد من صحیحة علي بن مهزیار[20] توجیه التکلیف إلی المکلّف، و إطلاق هذه الصحیحة یعمّ المکلّف بالنسبة إلی جمیع فوائده أو کلّ فائدةٍ فائدة (أي کلّ فائدة شخصیة)، فلو اختار المکلّف سنةً واحدة لجمیع فوائده، فلابد أن یخمّس في السنة مرّةً واحدةً لجمیع فوائده مع جبر الخسارة و التلف و إن کان کلّ تکسّب من تکسّباته مستقلاً.

فعلی هذا فلو کان کلّ تکسّب مستقلاً عن الآخر، فلا یفید عدم الجبر، بل السنة الخمسیة للمکلّف واحدة فلابدّ من القول بالجبر.

النظرية التاسعة: إذا استقلّ التکسبات فالأحوط عدم الجبر في الخسارة و إلا فالجبر، و لا یجبر التلف

قال بها المحقق السید موسی الشبیري الزنجاني و فصّل بين الخسارة و التلف وأما الخسارة فقد قال: من كان عنده عدّة أنواع من الكسب، مثلاً يؤجر الملك، و يبيع و يشتري، و يزرع، فإن كان لكلّ‌ واحد منها رأس مال خاص و حساب معيّن و صندوق مستقل، وجب عليه حساب ربح كلّ‌ واحد منها على انفراد، و لو تضرر في أحدها، فالأحوط وجوباً عدم جبر خسارة ذلك من ربح الآخر.

و أمّا إذا كان حساب جميع مكاسبه في صندوق واحد و دخل مشترك، فعليه حساب الجميع معاً في آخر السنة، فلو كان عنده ربح وجب عليه أداء خمسه.[21]

أما التلف فقد قال في موضع آخر من رسالته العملية: إذا تلف بعض الشيء من رأس المال، و حصل على ربح من الباقي و زاد عن مئونة سنته، لا يجوز له جبران ما نقص من رأس المال من الأرباح. و لكن إذا كان لا يمكنه الاكتساب بما بقي من رأس المال بالنحو اللائق بشأنه، أو أنّ‌ المنافع التي حصل عليها غير كافية لسدّ ما يحتاج إليه في مئونة سنته، يجوز له أن يجبر ما تلف من رأس المال بالربح الذي حصل عليه.[22]

یلاحظ علیها:

فقد اتّضح النقاش فیه عند الإیراد علی النظریة الثامنة.

و هنا نظریة أخری للمحقق النراقي فلا نشیر إلیه بعد ما تبیّن القول بالجبر.[23]


[1] مجمع الرسائل، نجفی، محمد حسن، ج1، ص514. آنچه ظالم به زور از انسان مى‌گيرد و نيز ضررهائى كه به تجارت و زراعت آن سال شخص وارد مى‌شود خصوصا زيان وارد بر يك تجارت و زراعت همگى جزء مخارج ساليانه مى‌باشد و ليكن احوط .در صورت وارد شدن زيان و ضرر اختصار بر يك تجارت و زراعت است
[2] رساله جامع: مسأله 701: کسی که در چند رشته تجاری فعالیّت می‌کند؛ مثلاً به شغل برنج فروشی، شکر فروشی، روغن فروشی اشتغال دارد، چنانچه همه آنها در امور تجارت - مانند دخل و خرج و حساب صندوق و سود و زیان - متّحد و یکی باشند، سود و زیان آنها برای محاسبۀ خمس، با هم و یکی لحاظ می‌شود و چنانچه از یک رشته سود ببرد و از رشته دیگر ضرر کند، می‌تواند ضرر یک رشته را با سود رشته‌ دیگر جبران نماید.ولی اگر دو کسب مختلف داشته باشد، مثلاً تجارت و زراعت می‌کند، یا اینکه کسب وی تجارت است و مثلاً هم پارچه فروشی دارد و هم کفش فروشی، ولی حساب دخل و خرج این دو رشته تجاری از هم جدا ‌باشد، در این دو صورت، بنابر احتیاط واجب نمی‌تواند ضرر یکی را با سود دیگری جبران نماید.
[3] منهاج الصالحين، السيستاني، السيد علي، ج1، ص401.
[4] كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء - ط الحديثة، كاشف الغطاء، الشيخ جعفر، ج4، ص208.
[5] العروة الوثقى - جماعة المدرسین، الطباطبائي اليزدي، السيد محمد كاظم، ج4، ص295.
[6] مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام، الشهيد الثاني، ج1، ص465.
[7] غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام، القمّي، الميرزا أبو القاسم، ج4، ص331.
[8] كتاب الخمس، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج1، ص212.
[9] منهاج الصالحين، الوحيد الخراساني، الشيخ حسين، ج2، ص378.
[10] منهاج الصالحین (للسید الروحاني.)، ج1، ص437، م1422
[11] منهاج الصالحين، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج1، ص340.
[12] العروة الوثقى - جماعة المدرسین، الطباطبائي اليزدي، السيد محمد كاظم، ج4، ص295.. و قال في التعلیقة علی العروة: في القوّة إشكال، نعم، هو أحوط، ولا فرق في ذلك بين صورتَي الخسران والتلف السماوي
[13] منهاج الصالحين، التبريزي، الميرزا جواد، ج1، ص346.
[14] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج25، ص283.
[15] قال السید الگلبایگاني: إذا كان له تجارة و زراعة فربح في إحداهما و خسر في الأخرى، فالأقوى عدم الجبران. هدايةالعباد، الگلپايگاني، السيد محمد رضا، ج1، ص326.
[16] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص163.
[17] تحرير الوسيلة - ط نشر آثار، الخميني، السيد روح الله، ج1، ص377.
[18] . العروة الوثقى - جماعة المدرسین، الطباطبائي اليزدي، السيد محمد كاظم، ج4، ص295.
[19] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص164.
[20] أما الغنائم و الفوائد فهي واجبة علیهم في کلّ عام.
[21] المسائل الشرعیة، ص385، م1779.
[22] المسائل الشرعیة (السید الشبیري)، ص388، م1793.و قال.: اگر مقدارى از سرمايه از بين برود و از باقيماندۀ آن منافعى ببرد كه از خرج سالش زياد بيايد، نمى‌تواند مقدارى را كه از سرمايه كم شده از منافع بردارد، ولى اگر با سرمايه‌اى كه براى او مانده، نتواند كسبى كند كه سزاوار شأن او باشد يا منافعى كه از آن پيدا مى‌شود، براى مخارج سال او كافى نباشد، مى‌تواند كسرى سرمايه‌اى را كه براى امرار معاش لازم است از منافع كسر نمايد. ص369، م 1794
[23] مستند الشّيعة، النراقي، المولى احمد، ج10، ص73. و هو التفصیل بین أن تکون التجارتین في مالٍ واحد أو مالین؛ قال المحقق النراقي.: لو حصل ربح و خسران معا و تلف بعض ماله أيضا، فإن كانا في عامين لا يجبر الخسران أو التلف بالربح، لعدم دخوله في المؤنة و انتفاء دليل آخر عليه. و إن كانا في عام، فإمّا يكونان في تجارة واحدة أو في تجارتين في مال واحد أو في مالين. فإن كان الأول ... يجبر الخسران بالربح ... و إن كان الثاني [أي: تجارتین في مال واحد]- كأن يشتري أمتعة بمائة و باعها بمائة و خمسين، ثمَّ‌ اشترى من هذه المائة و الخمسين متاعا ثمَّ‌ باعه بمائة - فالظاهر توزيع الخسران على الربح و رأس المال إن تقدّم الربح على الخسران، إذ لم يكن دفع الخمس عليه واجبا، و كانت له أنحاء التصرّفات في الربح، فتلف بعضه، و لعدم تعيّن ما وقع عليه الخسران يوزّع على الجميع.و لو اتّجر ثانيا ببعض ذلك المال دون جميعه - كأن يشتري من مائة منه متاعا و وقع الخسران - فإن عيّن الباقي بالقصد أنّه من الربح أو رأس المال فله حكمه، و إن لم يعيّنه أو قصد الإشاعة، فيوزّع الخسران أيضا بما يقتضيه العمل. و إن تقدّم الخسران لم يجبر بالربح المتأخّر.و إن كان الثالث [أي: تجارتین في مالین]- كأن يشتري أمتعة بمائة و اخرى بمائة أيضا، و باع الأولى بمائة و خمسين و الثانية بخمسين - فلا يجبر الخسران أصلا.و ليعلم أنّ‌ وحدة التجارة إنّما تتحقّق باشتراء الجميع دفعة و لو تعدّد البيع، أو البيع دفعة و لو تعدّد الشراء