46/04/02
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة74؛ الصورة الثانیة؛ النظریة الثامنة
ملاك الاستقلال في فتاوی الأعاظم:
النظریة الأولی: تعدّد الفوائد المنتهیة إلی رأس مال مستقل
قال بها المحقق العراقي
إنّ ملاك الاستقلال عنده تعدد الفوائد عند تعدد أنواع التكسب، و قال في شرح التبصرة: المرجع في وحدة سنخ الفائدة و تعددها حكم العرف.
و مناط وحدة سنخ الفائدة عنده وحدة رأس المال و تعدّد الفائدة عنده هو تعدّد رأس المال بمعنی أن یكون لكلّ تجارة رأس مال مستقلّ و لذا قال في موضع آخر: ... صدق تعدّد التجارة علىٰ وجهٍ ينتهي كلّ واحد إلىٰ رأس مال مستقلّ.[1]
النظریة الثانیة: الشعبة المركزیة بحسب المحاسبات
قال بها بعض الأكابر
إنّ ملاك الاستقلال عنده هو ما كان له رأس مال جعله في شُعَبٍ لم يجمعها شعبة مركزية بحسب المحاسبات والدخل والخرج والدفتر.
قال في تعلیقة العروة: فإذا جمعها شعبة مركزية بحسب المحاسبات والدخل والخرج والدفتر، لا یكون مستقلاً.[2]
النظریة الثالثة: الاتّجار في مركز واحد
قال بها بعض الأكابر أیضاً.
قال في تحریر الوسیلة: ملاك الاستقلال اتّجاره في أنواع مختلفة من الأجناس لم یكن في مركز واحد ممّا تعارف الاتّجار بها فيه.
و علی هذا ملاك عدم الاستقلال هو أنّه لم یتّجر في أنواع مختلفة من الأجناس في مركز واحد ممّا تعارف الاتّجار بها فيه
النظریة الرابعة: عدم اتحاد رأس المال
قال بها السید الگلبایگاني
إنّ السید الگلبایگاني أفاد في الصورة الثالثة مناط الاستقلال فقال: إنّ ملاك الاستقلال عنده عدم اتحاد رأس المال، فمع اتحاد رأس المال لا یكون مستقلاً.
النظریة الخامسة: عدم اتحاد رأس المال و الحسابات
قال بها المحقق السیستاني و المحقق الشبیري الزنجاني.
كأنّ هذه النظریة تلفیقٌ و جمعٌ بین النظریة الثانیة و الرابعة.
ملاك الاستقلال تمايز التجارات فيما يرتبط بشئون التجارة من رأس المال و الحسابات و الأرباح و الخسائر و نحوها.[3]
و علی هذا ملاك عدم الاستقلال هو وحدة رأس المال و الحسابات.
الدليل على هذه النظرية:
و قال المحقق العراقي في شرح تبصرة المتعلمین بعدما قال بأنه في صورة تعدد أنواع التكسب حكم العرف بتعدد الفوائد: بعد ما ورد بأنّ الخمس في كل فائدة، فالمرجع في وحدة سنخ الفائدة و تعددها حكم العرف، و من المعلوم أنه حاكم بتعدد الفوائد عند تعدد أنواع التكسب، من التجارة و الزراعة و غيرهما، و لا يرى تمام ما يملكه شيئا واحدا، و الزيادة بالقياس إليه من أي جهة فائدة واحدة.
[تردید المحقق العراقي في إلحاق الصورة الثانیة بالصورة الأولی ونتیجته الجبر أو إلحاقه بالصورة الثالثة و نتیجته عدم الجبر، خلافاً لكلامه في تعلیقة العروة، حیث لم یتردّد في الصورة الثانیة بل فصّل فیها بین تعدّد الفائدة المنتهیة إلی رأس مال مستقل أو وحدتها بحسب ملاحظة العرف] نعم يبقى الكلام في أنّ العرف يقتصرون في حكمهم بتعدد الفوائد على صورة تعدد أنواع التكسب أم يرون تعدد أصناف كل نوع أيضا موجبا لتعدد عنوان الفائدة، الواقعة موضع ثبوت الخمس، بعد الجزم بعدم حكمهم أيضا بتعدد الفائدة المضافة الى رأس المال بلحاظ تكرر استفاداته، من صنف واحد و تعدد وجوداتها في المعاملة الشخصية، الواردة على المال الواحد في صنف من أصناف التجارة مثلا، بل يحكمون بأنه فائدة واحدة حاصلة باستفادات متعددة، لا أنه فوائد متعددة. ففي الحقيقة التعدد بنظرهم في هذه الصورة ملحوظ في الاستفادة المتعلقة بفائدة واحدة، لا في نفس الفائدة. و هذا بخلاف القسم السابق الراجع الى اختلاف النوع. [4]
مقتضی الأصل العملي في الصورة الثانیة:
إنّ المحقق العراقي یری أنّ مقتضی الأصل العملي في الصورة الثانیة هو وحدة الفائدة و عدم تعدّدها و نتیجة ذلك هو القول بالجبر لجریان البرائة بالنسبة إلی الفائدة التي في مقابل الخسارة، خلافاً لمن یری استصحاب بقاء شخص الفائدة، فإنّ نتیجته عدم الجبر.
قال: إنما الكلام في فرض اختلاف الصنف [الصورة الثانیة] من أنه من قبيل اختلاف النوع [الصورة الثالثة]، الموجب لصدق تعدد الفائدة، أو من قبيل اختلاف المعاملات الشخصية في صنف واحد [الصورة الأولی]، الموجب لملاحظتهم التعدد في استفاداته، لا فيما تتعلق به الاستفادات.
و حيث بلغ الأمر هذا المقام أمكن أن يقال: انه مع إمكان دعوى عدم ملاحظة العرف تعدد الأصناف مناطا لتعدد الفائدة، فلا أقل من الشك فيه. و بعد ذلك يشك في صدق فائدة السنة، مع احتمال الاحتياج الى الجبر المزبور، و عليه - فعلى المختار - كان مجرى البراءة.
نعم على المسلك الآخر قد يتوهّم استصحاب بقاء شخص هذه الفائدة الفعلية حتى مع الجزم بورود خسارة في صنف آخر من المعاملات. و لكنه في غير محله، لأنّ منشأ التشكيك المزبور إذا كان من جهة الشك في كيفية اعتبار العرف، فتكون الشبهة فيه من قبيل الشبهات المفهومية، المردد أمرها بين مقطوع البقاء و مقطوع الارتفاع. و الاستصحاب غير جار في أمثالها، لعدم تعلق الشك بما له الأثر واقعا، من بقاء ما هو فائدة في اعتبارهم واقعا كما لا يخفى.[5]
یلاحظ علیه:
إنّ نظر العرف تارة یتوجّه إلی شخص المكلّف و أخری إلی أنواع تجاراته، فهنا لحاظان:
أما اللحاظ الأول: بأن یری العرف المكلّف من جهة ما یحصل له من الغنائم و الفوائد بجمیعها، فیؤدي ذلك إلی القول بالجبر.
أما اللحاظ الثاني: بأن یری العرف استقلال كلّ تجارة عن تجارة أخری من جهة استقلالهما في الحسابات في رأس المال و الأرباح و الخسارات و نتیجة ذلك هو التعدّد العرفي بین التجارتین فیؤدّي ذلك إلی القول بعدم الجبر.
و الصحیح هو اللحاظ الأول، لأنّه المستفاد من صحیحة علي بن مهزیار[6] حیث وجّه التكلیف إلی المكلّف بالنسبة إلی غنائمه و فوائده جمیعاً حتّی یحاسب الخمس في كلّ عام.
و إطلاق هذه الصحیحة یعمّ المكلّف بالنسبة إلی جمیع فوائده أو كلّ فائدة، فلو اختار المكلّف سنةً واحدة لجمیع فوائده، فلابد أن یخمّس في السنة مرّةً واحدةً لجمیع فوائده و إن كان كلّ تكسّب من تكسّباته مستقلاً، فلابدّ من القول بالجبر.