46/03/18
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة73؛ المطلب الثاني
المطلب الثاني: تدارك الخسارة باشتراء بدل المال أو تعمیره
إذا تلف بعضٌ من المؤونة أو وقع خسارة فیها و أراد المکلف تعمیر ما هو من المؤونة أو تدارکه و اشتراء بدله، کان هذا المقدار من المال من مؤونة سنته و هو خارج عن بحث الجبر و يدخل في الاحتياج و الصرف في المؤونة و لا خلاف في ذلك أنّه لو تلف بعض مؤونته ثمّ احتاج إلى التالف في معيشته فهو داخل في المؤونة و يكون ما يصرفه في تحصيلها من المؤونة و قد مرّ كلام المحقق الخوئي في عدم الخمس في ما إذا صرف المال في المؤونة مع أنّه القائل بعدم الجبر في أصل المسألة سابقاً نذكر عبارته مجدّداً.
قال المحقق الخوئي: إذا انهدمت دار سكناه، أو تلف بعض أمواله [1] -مما هو من مؤونته- كأثاث بيته أو لباسه أو سيارته التي يحتاج إليها و نحو ذلك، ففي الجبر من الربح إشكال، و الأظهر عدم الجبر، نعم يجوز له تعمير داره و شراء مثل ما تلف من المؤن أثناء سنة الربح، و يكون ذلك من التصرف في المؤونة المستثناة من الخمس.
و يبقى الكلام في أنّه مع الاحتياج لو لم يصرفها في المؤونة يعدّ ذلك التقتير فيدخل في ذلك البحث و يجري فيه ما جرى هناك إلّا أن يحتاج إلى مال يصرفه في مؤونته في السنة اللاحقة فعندنا لا خمس فيه.
قال المحقق الخلخالي: . و أما إذا لم يصرفه في هذه الحالة أيضا فلا يحسب من المؤونة؛ لأنه بحكم التقتير في المئونة - كما تقدم - و لعل هذا خارج عن محل الكلام.[2]
یلاحظ علیه:
إنّ هذا المال يحسب عندنا من المؤونة، و إن کان تقتيراً فيها، خلافاً للسید الخلخالي حیث قال: «فلا يحسب من المئونة؛ لأنه بحكم التقتير في المئونة»
و کونه من باب التقتیر لا یمنع من عدّه مؤونةً.
و قد اختلف الأعلام في حکم التقتیر و السید الخلخالي تبعاً للمحقق الخوئي یعتقد بوجوب الخمس فيه و لکن قلنا بعدم الخمس فيه و قد بحثنا عن ذلک في مسألة 65 في المجلد الرابع.
المسألة74: أحکام جبر التالف من رأس المال
قال صاحب العروة:
المسألة 74 : لو كان له رأس مال و فرقه في أنواع من التجارة فتلف رأس المال أو بعضه من نوع منها فالأحوط عدم جبره بربح تجارة أخرى[3] بل و كذا الأحوط عدم جبر خسران نوع بربح أخرى لكن الجبر لا يخلو عن قوة خصوصا في الخسارة.
نعم، لو كان له تجارة وزراعة مثلاً فخسر في تجارته أو تلف رأس ماله فيها فعدم الجبر لا يخلو من قوّة، خصوصاً في صورة التلف، وكذا العك
و أمّا التجارة الواحدة فلو تلف بعض رأس المال فيها وربح الباقي فالأقوىٰ الجبر، وكذا في الخسران والربح في عام واحد في وقتَين، سواء تقدّم الربح أم الخسران فإنّه يجبر الخسران بالربح.
توضیح ذلك:
ذکرنا في المسألة السابقة الخسارة أو التلف الحاصلان في الأموال غير رأس المال، فهل تجبر هذه الخسارة من ربح السنة -بمعنی جبر مقدار الخسارة أو التلف ثم تخمیس ما بقي من الأرباح- أم لا یجوز ذلك؟
و البحث هنا یقع في جبران التلف أو الخسارة في رأس المال و يقع البحث في صور ثلاث:
الصورة الأولى: تحصل الخسارة و الربح في معاملة واحدة.
الصورة الثانية: تحصل الخسارة في نوع من المتاجر و يراد جبرها من أرباح ذلك النوع.
الصورة الثالثة: تحصل في نوعٍ و يراد جبرها من ربح نوعٍ آخر مثل ما إذا حصلت الخسارة في الزراعة و يراد جبرها من التجارة.
الصورة الأولی: حصول الخسارة و الربح في نوع واحد من المتاجر
لا خلاف بين الأعلام في جبر خسارة التجارة الواحدة و إنّما الخلاف بینهم في جبر التالف، فهنا نظريات:
النظرية الأولى: جواز جبر الخسارة و التلف (المختار)
قال المحقق الهمداني: و لا يعدّ على الظاهر جبر الخسارات، أو تدارك النقص الوارد عليه بسرقة أو غصب و نحوه، و لو في هذه السنة، فضلا عن السنين السابقة من المؤونة عرفاً. نعم قد يتّجه الجبر و التدارك في ما يتعلّق بتجارة واحدة.[4]
قال صاحب العروة في آخر عبارته: ... أمّا التجارة الواحدة فلو تلف بعض رأس المال فيها وربح الباقي فالأقوىٰ الجبر، وكذا في الخسران والربح في عام واحد في وقتَين، سواء تقدّم الربح أم الخسران فإنّه يجبر الخسران بالربح.
قال السید أبوالحسن الإصفهاني: لو اتجر برأس ماله في السنة في نوع واحد من التجارة فباع و اشترى مرارا فخسر في بعضها و ربح في بعض آخر يجبر الخسران بالربح، فإذا تساويا فلا ربح و إذا زاد الربح فقد ربح في تلك الزيادة.[5]
و يظهر من عدم تعليقته على متن العروة في هذه المسألة موافقته لصاحب العروة.
قال المحقق الحكيم: إذا اتجر برأس ماله مرارا متعددة في السنة فخسر في بعض تلك المعاملات في وقت و ربح في الآخر يجبر الخسران بالربح، فإن تساوى الخسران و الربح فلا خمس، و إن زاد الربح وجب الخمس في الزيادة، و إن زاد الخسران على الربح فلا خمس عليه و صار رأس ماله في السنة اللاحقة أقل مما كان في السنة السابقة ... .
و كذا الحكم فيما إذا تلف بعض رأس المال أو صرفه في نفقاته كما هو الغالب في أهل مخازن التجارة فإنهم يصرفون من الدخل قبل أن يظهر الربح، و ربما يظهر الربح في أواخر السنة فيجبر التلف بالربح أيضاً في جميع الصور المذكورة.[6] و بمثله قال الشهید الصدر[7] و المحقق السيستاني.[8]
قال بعض الأكابر: لو اتّجر برأس ماله في السنة في نوع واحد من التجارة، فباع واشترى مراراً، فخسر في بعضها وربح في بعض آخر، يجبر الخسران بالربح، فإذا تساويا فلا ربح، و إذا زاد الربح فقد ربح في تلك الزيادة.[9]
و هکذا يظهر من عدم تعليقته على متن العروة موافقته لصاحب العروة في هذه المسألة.
و قال بعض الأساطین عند تعلیقته علی احتیاط المحقق الخوئي في المنهاج في عدم جواز جبران الخسارة: بل الأقوى هو الجبر.[10]
و قال السید محمد سعید الحکیم: الظاهر جبر ربح السنة للخسران الحاصل فيها، سواء كانا في أبعاض معاملة واحدة، كما لو اشترى بضاعة فباع بعضها بربح وآخر بخسارة، أم في أفراد نوع واحد من المعاملات، كما لو اتجر تجارتين فربح في إحداهما وخسر في الاُخرى.[11]
الظاهر جبر الربح للتلف الحاصل فيه أو في رأس المال، كما لو ربح في تجارته وسرق بعض بضاعته أو نقوده.[12]
أدلّة النظرية الأولى:
الدلیل الأول: عدّ المعاملات تجارةً واحدةً عند العرف
قال المحقق الهمداني: لا يلاحظ في إطلاق الربح و الخسران كلّ جزئي جزئي من المعاملات بحياله تجارة مستقلّة.[13]
الدلیل الثاني: إطلاق قوله «إذا أمكنهم بعد مؤونتهم»
قال المحقق الهمداني: لا يبعد أن يدّعى أن المنساق إلى الذهن من مثل قوله: «إذا أمكنهم بعد مؤونتهم» إرادته في الزيادة الحاصلة في أموالهم بالتجارة و الصناعة ممّا لا يحتاجون إلى صرفه في معيشتهم في عامهم، فيتّجه حينئذ جبر الخسارة و النقصان الواردة عليه في هذه السنة و لو في غير هذه التجارة، و لكنه لا يخلو عن تأمّل، فالأشبه ما عرفت.[14]