46/03/14
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة73؛ المطلب الأول؛ النظریة الثانیة
النظریة الثانیة: جواز جبر الخسارة من الربح من دون الصرف
قال بها المحقق الحکیم و السید محمد باقر الصدر و السید محمد سعید الحکیم.
و الوجه فیه عندنا هو أنّ الفائدة التي هي موضوع الخمس هي ما حصلت للمکلّف في هذه السنة، لا ما حصلت له من شغل أو صنعة أو تجارة خاصّة، و مقتضی ذلک أن نلتزم بهذه النظریة.
قال المحقق الحکیم في منهاجه: ... أمّا إذا تلف بعض أمواله ممّا ليس من مال التكسّب كما إذا انهدمت دار غلّته ففي الجبر حينئذٍ إشكال، وكذا إذا انهدمت دار سكناه إلّاأن يعمرها فيكون تعميرها من المُؤَن المستثناة، وإن كان الأظهر الجبر أيضاً في الفرضين معاً.[1]
و ذهب إلیها الشهید الصدر حیث لم یعلّق علی هذه العبارة.[2]
قال السید محمد سعید الحکیم: الظاهر جبر الربح للتلف الحاصل فيه أو في رأس المال، كما لو ربح في تجارته وسرق بعض بضاعته أو نقوده. بل الظاهر جبر الربح للخسارة الخارجة عن المكسب، كما لو ربح في تجارته واحترق بعض أثاث بيته أو هدمت داره، وإن كان الأحوط استحباباً في ذلك عدم الجبر.[3]
و بها قال بعض معلّقي العروة مثل مفتي الشیعة.[4]
الدلیلین علی هذه النظریة:
الدلیل الأول: الأصل اللفظي
إن موضوع وجوب الخمس مطلق الفائدة من غیر تقیید بشیء، فالإطلاق یمنع تقیید الفائدة و الغنیمة بکونها من شغل خاص أو من رأس المال لتجارة خاصّة فالمراد من الفائدة هو کلّ ما استفاده الإنسان في سنته بالإضافة إلی ممتلکاته، سواء کان له شغل واحد أو کان له مشاغل کثیرة، بل الفائدة تلاحظ بالإضافة إلی جمیع ذلک بلحاظ واحد و حینئذٍ إذا تلف بعض أمواله أو خسر في تجارته فلابد من جبرها.
الدلیل الثاني: الأصل العملي
قال السید محمد سعید الحکیم: وكأن منشأ الإشكال في الجبر هنا مع البناء عليه في تلف رأس المال هو الفرق بين الموردين بأن التالف في المقام خارج عن موضوع الاكتساب وأجنبي عنه، فلا ينافي صدق الربح الذي هو بمعنى الباقي للمكلف بلحاظ مجموع أفراد التكسب، بخلاف تلف رأس المال.
لكنه يندفع بأنه بعد أن كان المراد من الربح هو الباقي للمكلف، فكما يمكن لحاظه بالإضافة إلى خصوص أنواع الاستفادة والتكسب، المستلزم لعدم جبر الربح لتلف رأس المال، أو ما يعم خصوص رأس المال المستلزم لجبر الربح لتلف رأس المال دون غيره من الأموال الخارجة عن التكسب، كذلك يمكن لحاظه بالإضافة إلى جميع ما يملكه المكلف المستلزم لجبر الربح لمطلق التلف ولو في غير رأس المال.
وحينئذٍ يكون المورد من موارد إجمال موضوع الخمس المستلزم للاقتصار فيه على الأقل، والرجوع في مورد الشك للأصل المقتضي لعدم ثبوت الخمس.[5]
ملاحظتنا علی النظریة الثانیة:
إنّ المبنی المختار في تفسیر الفائدة التي هي موضوع وجوب الخمس، هو أنّ المراد منها کل فرد من أفراد الفائدة، لما تقدّم من انحلال الحکم بحسب أفراد موضوعه، لا الفائدة الکلية الحاصلة في کلّ سنة للشخص بحسب ما کان یملکه، و الفرق بینهما هو الفرق بین الکلي و الجزئي.
توضیح ذلک هو أنّ ما اختاره السید المحقق الحکیم هو الفائدة بمعنی ما زاد علی ما یملکه في هذه السنة دون أفراد الفائدة، و لکن المحقق الخوئي فسّر الفائدة بکلّ فرد من أفراد الفائدة بحسب انحلال الحکم بعدد أفراده.
و قد تقدّم أنّ المختار هو ما أفاده المحقق الخوئي.
النظرية الثالثة: التفصيل بين صدق المؤونة علی الفائدة و عدمه (المختار)
قال بها المحقق البهجت و السید الشبیري الزنجاني علی ما یظهر من مجموعة فتاویهما. فهنا فرضان:
الفرض الأول: فإنّ المؤونة إذا تلفت و لکن المکلّف یحتاج إلیها أو من شأنه أن یمتلکها، فحینئذٍ تصدق المؤونة علی الفائدة الموجودة بإزائها، کما تصدق المؤونة علی جهاز العرس، فلا یتعلّق الخمس بالفائدة المذکورة.
فإنّه إذا تلف مال و حانت السنة الخمسية و فضل من أرباحه شيء و ما تلف مورد احتیاجه في السنة اللاحقة و لا يستطيع أن یحصّله إلّا بهذا المال فلا يتعلّق به الخمس.
الفرض الثاني: ما تلف من أمواله التي لیست من مُؤَنه، فالفائدة التي بإزائها أو الفائدة التي اشتری بها بدیل ما تلف، لا تصدق علیها المؤونة، فیتعلّق الخمس بالفائدة في هذه الصورة.
قد سبق في النظرية الأولى أنّ المحقق البهجت قد أطلق بالنسبة إلى عدم الجبر و لم يقيّده بصورة الاحتياج إليه و لكن مع ملاحظة سائر فتاويه يفهم أنّه قائل بالتقييد و قد مرّ في المسألة 61 و فروعاتها بأنّه يقول بعدم الخمس فيما يحتاج إليه في السنة أو السنين اللاحقة.[6]
قال السید المحقق موسی الشبیري الزنجاني: إذا تلف شيء غير رأس المال، لا يجوز له أن يجبره من الأرباح التي حصل عليها، و لكن إذا كان يحتاج إلى ذلك الشيء في تلك السنة، يجوز له الحصول عليه في خلال السنة من أرباح المكاسب. و كذا الحكم لو كان ما يحتاج إليه في السنوات اللاحقة، و لكنه إذا لم يحصل عليه في هذه السنة، لا يجوز [يمكن] له الحصول عليه في السنوات اللاحقة.[7]