بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

46/03/13

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة73؛المطلب الأول؛ النظریة الأولی

 

إيراد المحقق الحكيم:

قال المحقق الحكیم: منه [أي: من كلام الشیخ الأنصاري] يظهر دوران الجبر مدار أحد الأمرين المذكورين [أي: احتساب التلف من المؤونة و مانعیة التلف من صدق الاستفادة عرفاً]، فإذا تحقق أحدهما فلا بد من الجبر، و إذا انتَفيا معاً انتفى الجبر، لعموم ما دل على وجوب الخمس.

ثمَّ‌ إن الأول - أعني: الاحتساب من المؤونة - منتف غالباً. نعم لو اتفق احتياجه إلى ذلك المقدار التالف فاشتراه كان من المؤونة حينئذ، و لا يجب الخمس فيه. لكن الظاهر خروجه عن محل الكلام.

و أما الثاني - و هو المنع من صدق الاستفادة عرفاً مع تلفه - فلا يخلو من وجه. و التفصيل بين الصور التي ذكرها المصنف و غيره [أي: التفصیل بین الخسران الواقع في رأس المال و غیرها] بلا فاصل ظاهر، و العرف لا يساعد عليه.

نعم - بناء على اختصاص الخمس بفوائد الاكتساب - يحسن التفصيل بين الخسران الواقع في الاكتساب فيجبر بالربح الواقع فيه و الواقع في غير الاكتساب فلا يجبر به الربح الواقع فيه، لعدم ارتباط أحدهما بالآخر، أما بناء على عموم الخمس لمطلق الفائدة فالجميع ملحوظ بلحاظ واحد، و تكون موضوعاً واحداً، فالجبر يكون في محله.

و لعل بناء المشهور على عدم جبر الخسارة في غير التجارة بربح التجارة كان لبنائهم على عدم ثبوت الخمس في غير التجارة، و عليه فلا يحسن للمصنف و غيره - ممن قال بثبوت الخمس في مطلق الفائدة - التفصيل المذكور في المتن، بل كان اللازم لهم القول بالجبر مطلقاً.

و بالجملة: التفصيل بالجبر و القول بعمومه ينبغي أن يكونا مبنيين على ما ذكرنا.[1]

و قال السید عبدالأعلی السبزواري في تعلیقته علی العروة فإنه قال: نعم، و لكن قد يمنع عن صدق الربح والفائدة عرفاً.[2]

جواب المحقق الخوئي عن الإيراد:

قال المحقق الخوئي: لا يفرق الحال في ذلك بين القول باختصاص الخمس بأرباح المكاسب، أو التعميم لمطلق الفائدة من وصيّة أو لقطة أو هبة أو وقف و نحو ذلك ممّا هو خارج عن الكسب، ضرورة أنّ كلامنا في الجبر لا فيما يجب فيه الخمس، فمتعلّق الوجوب أيّاً ما كان من العنوان الخاصّ أو العامّ لا تنجبر به الخسارة الخارجيّة، إذ لا علاقة بينهما و لا ارتباط حسبما عرفت، و تلك الخسارة كما لا توجب زوال الربح لا توجب زوال الفائدة أيضاً بمناطٍ واحد، فلا وجه لابتناء الجبر و عدمه على تلك المسألة كما لا يخفى، فلاحظ و تدبّر. [3] [4] [5]

الدلیل الثاني: إطلاق أدلة وجوب الخمس

قال السید عبدالأعلی السبزواري: لإطلاق أدلة وجوب الخمس في الأرباح و الفوائد، و عدم دليل على الجبر إلاّ إذا انطبق عليه عنوان المؤونة، أو كان بحيث لا يصدق - مع لحاظ التلف و السرقة - الربح و الاستفادة، أو كون الخسارة في رأس المال بحيث لو لم يُجبر لوقع الشخص في الحرج و المضيقة، و مع عدم انطباق شيء من ذلك، فالمرجع الإطلاقات و العمومات الدالة على وجوب الخمس.[6]

ملاحظتنا علی النظریة الأولی:

إنّ الفائدة المذكورة في الروایات التي هي موضوع الخمس لیست الفائدة الحاصلة من مكسب خاص، بل المراد الفائدة الحاصلة للمكلّف في هذه السنة، فلابدّ من لحاظ الربح بالإضافة إلى جميع ما يملكه المكلف، و لذلك نقول بجبر الربح لمطلق التلف ولو في غير رأس المال.


[1] مستمسك العروة الوثقى، الحكيم، السيد محسن، ج9، ص552.
[2] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص162.
[3] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج25، ص279.
[4] ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، الصافي الگلپايگاني، الشيخ علي، ج10، ص200. و قریب منه ما قاله الشیخ علي الصافي.: أقول ما يمكن ان يقال فى وجه جبره بالربح الحاصل فى عامه؛ إمّا ما اشار إليه المؤلف رحمه اللّه من توهم عدّه من المؤونة فكما قال رحمه اللّه لا يعدّ ما تلف أو سرق أو نحو ذلك ممّا ليس من مال التجارة من المؤونة ... و إمّا انّ‌ المقدار الربح الحاصل فى قبال ما تلف أو سرق لا يعدّ فائدة عرفا، و فيه انّ‌ هذا مجرد الادعاء بل العرف يعدّ ما حصل له من الربح فائدة تلف عنه شيء أو اشياء اخر او لا
[5] و قال صاحب مباني المنهاج.: لا اشكال في صدق الفائدة، و ورود خسارة عليه بالنسبة الى مال آخر لا يوجب سلب عنوان الفائدة في تجارته مثلا و على هذا الاساس لا وجه للجبران. و بعبارة واضحة: ان المقتضي للوجوب موجود و لا مانع عن الأخذ بدليله اذ المفروض ان ما تلف منه لا يكون مصروفة في المئونة كي يقال يلزم تعلق الخمس بما دون ذلك المقدار من الخسارة فلاحظ. (الغایة القصوی، ص224)
[6] مهذب الاحکام فی بیان حلال و الحرام، السبزواري، السيد عبد الأعلى، ج11، ص454.