45/06/10
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة64؛ فروعات الفقهیة؛ الفرع الثاني: بیع الدار الموروثة و شراء دار من الأرباح
الفرع الثاني: بيع الدار الموروثة و شراء دار من الأرباح
النظرية الأولى: يجب إدخال الثمن في الأرباح ثمّ یشتري المؤونة منها
قال صاحب الجواهر: نعم لو تلفت أو انتقلت ببيع و نحوه، اتّجه احتسابه [أي احتساب تلک الأعیان من المؤن فیشتریها من أرباح سنته] لكن مع إدخال ثمن المبيع منها في ما يريد أن يستجده، فإن نقص أكمل، و إن اتفق انه ربح به دخل في الأرباح التي يجب إخراج خمسها، و كذا في كل ما اتخذه للقنية إذا أراد بيعه، فتأمل.[1]
و قال في نجاة العباد: و لو باعه أدخل ثمنه في الّذي يريد أن يستجده فإن نقص أكمل و ان اتّفق به ربح دخل في الأرباح الّتي يجب فيه الخمس و كذا كلّ ما اتّخذ للقنية إذا أراد بيعه.[2]
النظرية الثانية: لا يدخله في الأرباح فيشتري المؤن من الربح (مختار)
قال بها المحقق الخلخالي و هي الصحیح عندنا
قال المحقق الخلخالي: هل يجوز لمن كان عنده أعيان المؤونة بالإرث و نحوه مما لا يتعلق به الخمس أن يبيعها ثم يشتري من الربح، تخلصاً مما ذكر من عدم صدق المئونة مع وجود أعيان المئونة عنده من مال آخر؟ لا نجد مانعاً عن ذلك عاجلاً و إن كان مخالفا للاحتياط. [3]
أما الدلیل علی النظریة الثانیة:
لا شبهة في جواز بیع الأعیان الحاصلة بالإرث مثل الدار التي هي الموجبة لعدم الاحتیاج إلی شراء دار أُخری، و بعد بیعها فیحتاج إلی دار أُخری للسکون فیها فتصدق المؤونة علیها. و الموضوع قبل بیع الدار هو عدم الاحتیاج إلی الدار الأخری و بعد بیع الدار فیتبدّل الموضوع فیکون محتاجاً إلی شراء دار أُخری.
قال السید الخلخالي: لأنه من تبديل الموضوع، و لا محذور فيه، إذا لم يكن منع بدليل خارج.[4]
الفرع الثالث: من أخرج مؤونته من المال الآخر لا من الربح
الکلام هنا في أن الشخص إذا لم یُخرج مؤونته من أول الأمر من الربح بل أخرجه من مال آخر مخمّس، هل یجوز له استثناء هذا المقدار من الربح و عدم احتساب مقداره في الخمس أو یجب الخمس في تمام مال الربح؟
فهنا نظريات:
النظرية الأولى: عدم جواز الاستثناء و وجوب الخمس في مال الربح
قال بها الشیخ الأنصاري، و المحقق الخراساني، و صاحب العروة، و المحقق الكوهكَمَري، و بعض الأکابر، و السيد عبد الأعلى السبزواري، و الشیخ السبحاني.
قال الشیخ الأنصاري: ... لو اختار المؤونة كلّاً أو بعضاً من المال الآخر الغير المخمّس، فليس له الإندار[5] من الربح. و ما تقدّم من اختيار إخراج المئونة من الربح فمعناه جواز الإخراج من الربح، لا استثناء مقابل المئونة من الربح و إن أخرجها من غيره، أو أسقطها مسقط تبرّعاً، أو تركها الشخص تقتيراً ... .[6]
قال المحقق الخراساني: لا یبعد عدم لزوم تحصیل المؤونة من غیر الأرباح و لکن إذا اشتری المؤونة من غیر الأرباح لا یجوز له أن یحسب مقدارها من الأرباح.[7]
و إلیه ذهب صاحب العروة و قال: إذا اشتری المؤونة من غیر أرباح سنته فلا یجوز استثناء مقدارها من الأرباح.[8]
قال المحقق الكوهكَمَري في تعلیقته علی العروة: و لكن لو أخرجها أو بعضها من ذلك لا يجوز استثناء مقابله من الربح.[9]
قال السيد عبد الأعلى السبزواري: ... لو أخرجها أو بعضها مما لا خمس فيه لا يجوز استثناء مقابله من الربح. نعم، لو اضطرّ إلى حفظ قيمتها ليشتريها بعد ذلك، و يقع مع أداء الخمس في الحرج يمكن عدّها من المؤونة حينئذ. و يأتي في المسائل الآتية نظير المقام.[10]
السؤال (1): إن صرف الموظّف لمؤونته اليومية من ماله المخمّس – و قد قبض راتبه الشهري، أو لم يدفع له بعد- هل يجوز له أن يخصم مقدار قيمته من أرباحه عند وصول سنته الخمسية؟
جواب بعض الأکابر: لا يجوز جبر ما صرفه في مؤونته من مالٍ آخر غير أرباحه بأرباحه.[11]
السؤال (2): دفع شخص خمس ماله النقد البالغ ميليون تومان و ادّخره عنده و في أثناء السنة الجديدة صرف منه مأتي ألف تومان فهل يمكن له أن يخصم نفس المبلغ من ربحه و يضمّه إلى المبلغ المدّخر عنده، أم لا؟
جواب الشیخ السبحاني: في الفرض المذكور لا يجوز له أن يخصم ما صرفه من المال غير المخمّس، بل يجب عليه أن يخمّس كل الأرباح الفاضلة عن مؤونة السنة.[12]
تنبیه: ما صرفه من رأس المال في المؤن یستثنی من الربح
قد ذکرنا سابقاً أنّ ما لا یعدّ للصرف في المؤونة مثل رأس المال إذا صرفه في المؤونة یستثنی من الأرباح بل یحتسب المؤونة من الأرباح، لکن هنا خلافٌ یجئ في مسألة 66.
السؤال (3): شخص خمس ماله، و بقي عنده المال المخمس، فاحتاج إلى مال لصرفه في المؤونة أو في مشاريع خيرية، هل يجوز أن يأخذ ما يحتاج إليه من المبلغ المخمس ثم يرجعه من الربح الذي يحصل عليه؟.
جواب السید الگلبایگاني: لا يجبر ما صرفه بالربح إلا أن يكون ما صرفه من رأس مال تجارته.[13]
ملاحظتنا علی النظریة الأولی:
لا إشکال في جبر المال المخمّس أو الإرث أو ما لا خمس فیه من الربح، لأنّ ما هو المسلّم من سیرة المتشرّعة و ما هو المتعارف بین الناس عدم عزل الربح حتّی یُصرف الربح في المؤونة بعینه، بل یُصرف مال آخر في المؤونة ثم یحتسب من الربح.
النظرية الثانیة: وجوب الخمس في مال الربح علی الأحوط
قال بها صاحب الجواهر و الشیخ الأنصاري
قال صاحب الجواهر في مجمع الرسائل: إذا صرف شخص العين المخمّسة أثناء السنة الجديدة في مؤونته و اکتسب في نفس السنة عوضه، وجب أن یدفع خمس ذﻟﻚ المال على الأحوط.[14]
و قال الشيخ الأنصاري في صراط النجاة: و إذا أنفق المال المخمّس في مؤونته و حصل علی عوضه في نفس ﺗﻠﻚ السنة، لزم أن یدفع خمسه احتیاطا.[15]
ملاحظتنا علی النظریة الثانیة:
لا وجه للاحتیاط الوجوبي بعد ما قلنا بأنّ المتعارف و السیرة المتشرعة هو عدم صرف عین الربح في المؤونة، بل یصرف غالباً من مال آخر فیحتسب من الربح.
النظرية الثالثة: الربح الحاصل حین الصرف یستثنی و غیره فلا (تفصیل)
و التزم بذلک المحقق الخوئي و بعض الأساطین و المحقق المیرزا جواد التبریزي و صاحب فقه الصادق
قال المحقق الخوئي: إذا أنفق من ماله غير مال التجارة في مؤونته بعد حصول الربح جاز له أن يجبر ذلك من ربحه، و ليس عليه خمس ما يساوي المؤن التي صرفها، و إنما عليه خمس الزائد لا غير.[16]
و مثله عبارة بعض الأساطين[17] ، المحقق التبريزي[18] ، و صاحب فقه الصادق [19] ،
السؤال (4): لو كان عنده مبلغ من المال كان قد أخرج خمسه فأنفقه في أثناء سنته لكن تجدد له مبلغ آخر بقدره قبل حلول رأس سنته فهل يخمس المال الجديد عند حلول رأس السنة؟ وهل يستوي في ذلك التاجر وغيره؟
جواب المحقق الخوئي: إن تجدد قبل الصرف أو معه لا يجب تخميس معادل المصروف، ولو تأخر عن الصرف وجب تخميسه ولا فرق فيهما بين التاجر وغيره.[20]
السؤال (5): إذا تعامل مع غيره معاملة ربح فيها لكن لم يقبض الربح خارجاً وإنما هو في الذمة [أي الربح حصل قبل الصرف] فهل له أن يصرف من رأس المال مثلاً أو من مال مخمّس بقصد أن يأخذ بعد قبض الربح منه ويجعله من رأس المال أو مكان المخمّس بدون أن يخمس؟ وعلى فرض أن له ذلك، فصرف من المخمس ثم بعد ذلك فسخت المعاملة بالتقايل فما حكم صرفه من المال المخمس من جهة قصد التدارك من الربح، فهل ذهب ذلك المخمس ضياعاً؟
جواب المحقق الخوئي: يجوز له في الفرض الأول أن يجعل من الربح ما قبض مكان المال المخمّس بدون أن يخمّسه، وفي الفرض الثاني ليس له ذلك.[21]
ملاحظتنا علی النظریة الثالثة:
إنّ الدلیل علی ذلک هو إطلاق أدلّة استثناء المؤونة من الربح الحاصل في السنة الخمسیة، فإنّها لا تقیّد بالربح الحاصل قبل صرف المال في المؤونة و قد تقدّم دلالة سیرة المتشرّعة و ما هو المتعارف بین الناس علی عدم عزل الربح حتّی یُصرف الربح في المؤونة بعینه، بل یُصرف مال آخر في المؤونة ثم یحتسب من الربح.