45/04/23
بسم الله الرحمن الرحیم
أقول: تقدّم الكلام حول هذه المسألة و قلنا: إنّ قصد القربة لازم، لا للإجماع فقط ليتطرّق الخدش فيه، بل للآية و الروايات.
أمّا الآية: فقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ﴾[3] بعد تفسير الصدقات بالزكاة في كثير من الروايات، ...
و أمّا الروايات: فقد ورد في جملة وافرة من النصوص أنّه بني الإسلام على خمس و عدّ منها الزكاة، فقورنت بالصلاة و الصيام و جعلت من مباني الإسلام...
... و لكن غاية ما يمكن أن يستفاد من هذه كلّها اعتبار القربة حالة الاتّصاف بالصدقة، أعني: زمان الإخراج و العزل الذي يتّصف المعزول حينئذٍ بكونه زكاة و يتعيّن فيها. و أمّا اعتبارها في مقام الدفع و الإيصال الخارجي فليس عليه أيّ دليل، إذ الدليل اللّفظي ليس إلّا ما عرفت، و الإجماع لم يثبت انعقاده حتّى في هذا المقام. و عليه، فالظاهر هو الإجزاء، لأنّه بالأخرة أوصل المال إلى مالكه و لو لم يقصد القربة، بل و إن قصد الرياء، غايته أنّه لا يثاب عليه. فما ذكره في المتن من الإجزاء حينئذٍ هو الصحيح.[4]
على أنّ عباديّة الخمس في سائر الأنواع أيضاً لم تثبت بدليل لفظي لكي يتمسّك بإطلاقه، و إنّما استندنا فيها مضافاً إلى الإجماع و الارتكاز و السيرة القطعيّة بما تقدّم في كتاب الزكاة من حديث المباني المتضمّن أنّ مباني الإسلام خمسة و عدّ منها الزكاة و معلوم أنّ الخمس بدل الزكاة حيث إنّ مبنى الإسلام لا يكون مجرّد الإمساك أو دفع شيء من الأموال و نحو ذلك، بل لا بدّ و أن يكون أمراً عباديّاً كالصلاة.[5]
و نحن نعتقد بأنّ الخمس عبادةٌ فلابدّ فیه من قصد القربة و لکنّا نرى عدم توقّف الإجزاء على قصد القربة، لعدم الدليل على ذلك و لا يمكن قياس الخمس بالصلاة فإن الصلاة أمر عبادي ذاتاً فالإجزاء فيها متوقف على قصد القربة، و لكن الأمر في الخمس ليس كذلك.
توضیح ذلک هو أنّ الخمس له جهتان:
الأولی: جهة الحكم التكليفي فهي لا تتحقّق إلّا بقصد القربة
الثانیة: جهة الحكم الوضعي، لأنّه دين على ذمّة المكلّف لأرباب الخمس. فحینئذٍ إذا أوصل المكلّف خمسه إلی الإمام أو وکیله و لکنّه لم ينو قصد القربة سقط الحكم التكليفي بالمعصية و هو لم یمتثل الحکم التکلیفي و لكن أدّی دینه و نقل ملک الإمام و سهم السادة من ماله المشاع إلی الإمام و السادة فعلی هذا یسقط الحكم الوضعي و يجزي ما أدّاه إلى أرباب الخمس وضعاً و لا يلزم الإعادة.