44/08/21
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /رأس المال؛ الفرع التاسع عشر؛ نظریة السید السیستاني؛ النکتة الثانیة
النکتة الثانية: إن لم يكن ملتفتاً إلى إمكان جعل الملاك ذهباً أو عملة أجنبية فيجب عليه أولاً تخميسه رأس ماله بالعملة الرائجة ثمّ جعل الملاك ذهباً و عملة أجنبية.
النکتة الثالثة: هذا الحكم يشمل أيضاً النقود و العملة الرائجة التي جعلت رأس مال الكسب و التجارة.[1]
ملاحظتان علیها:
الملاحظة الأولی:
أما النکتة الأولی، ففیها أنّه قد قلنا في الملاحظة علی نکات الصورة الأولی أنّ محاسبة خمس رأس ماله علی أساس العملة الأجنبیة غیر الرائجة مبتنیةٌ علی أن یکون ملاکیتها للربح و الخسران مقبولةً عند عرف بلادهم، أو أن یکون معاملاته تناسب مع البلاد التي تکون هذه العملة رایجةً فیها، کما في ما إذا کانت عنده علاقات في تجارته مع هذه البلاد.
و هذا لا یمکن تصحیحه بتبدیل رأس ماله إلی هذه العملة الأجنبیة بالصلح و غیره ثمّ تبدیله مجدّداً إلی عملة البلد.
الملاحظة الثانیة:
ما أفاده في النکتة الثانیة أیضاً لا یمکن الالتزام به، لأنّ في هذه السنة أیضاً یمکن محاسبة خمسه بهذه العملة غیر الرائجة في بلاده بشرط مقبولیة محاسبة ربحه و خسرانه عند العرف بملاکیة هذه العملة أو بأن تکون عنده علاقات تجاریة مع هذه البلاد التي العملة المذکورة رایجة فیها، بحیث یقبل العرف أن یحاسب ربحه و خسرانه بهذه العملة.
التردید في تقییم الربح بین عملتین رایجتین
السؤال (59): شخص عنده رأس مالٍ للتجارة و عند رأس كل سنةٍ يحاسب نفسه و يجمع ما عنده من دیون و عروضٍ و مقدار من النقود فتبلغ مالية الجميع بحساب الليرات مقداراً معيناً و بحساب الروپیات أيضأ مقداراً معيناً، و في السنة السابقة حيث كانت الليرة أربع عشرة روپیة، كان جميع ما بيده من ديون و عروض و نقود یبلغ ماليته بالليرات مائة ليرة و بالروپیات ألفا وأربعمائة روپیة بحيث إنه قدّر ماليته في ذلك الوقت بكلا التقديرين.
و لما حضر الآن رأس سنته حيث إنّ الليرة نقصت قيمتها إلى اثنتي عشرة روپية حاسب نفسه فوجد ما عنده من العروض و الديون و النقود تبلغ ماليته بحسب الليرات مائة وعشرين لیرة ويحسب الروپيات ألفاً وأربعمائة روپية، فهل عليه خمس العشرين ليرة أم لا؟ و هل يفرّق في ذلك بين ما لو كان أصل رأس ماله في أول سنِيِّ دخوله في التجارة من أعيان الليرات ثم بعد دخول حساب الروپیات إلى العراق صار يقدّر مالية ما عنده بالليرة والروپية؟ وهل يكون التقدير بكلا التقديرين المذكورين تحويلاً لرأس ماله من أعيان الليرة إلى المالية المقدّرة بكليهما؟
جواب المحقق النائيني: لو لم يكن رأس ماله في السنة السابقة - يعني عند انتهائها وابتداء دخوله في السنة اللاحقة - عين الليرات و كان ما عنده من النقود عين الروپيات أو النوط، و ما له على الناس من الديون مقدرة بالروپية ففي هذه الصورة یحسب رأس ماله - عند انتهاء سنته - بالروپيات[2] ويخمّس الفاضل إن شاء الله تعالى،
و أما إذا كان رأس ماله عين الليرات بأن كان ما عنده من النقود و ما له على الناس من الديون كله أو معظمه عين الليرات فالمسألة لا تخلو عن إشكال[3] .
لكنه[4] لو كان محتاجاً في تكسّبه اللائق بحاله إلى ألف وأربعمائة روپية بحيث لو نقصت من رأس ماله مائتا روپیه كان ذلك تضييقاً عليه ففي هذه الصورة أيضاً یحسب رأس ماله بالروپیات، و لو لم يكن كذلك و كان الألف و المائتا روپیه مثلاً وافياً بأن يكون رأس ماله فالأحوط أن يحسب رأس ماله بالليرات ويخمّس الفاضل - إن شاء الله تعالى.
نعم لا يبعد أن يكون مالية الأموال بعد استيلاء الإنگليز على العراق مقدّرة بالروپیات، بل بالنسبة إلى العروض هو الأقوى، لكن كون الليرة مقدرةً ماليتها بالروپية مشكل فلا يترك الاحتياط بالنسبة إلى ما مضى.[5]
و التحقیق في الجواب: إن هنا فرضین من جهة انخفاض قیمة اللیرة أو ارتفاع قیمة الروپیة:
أما لو فرضنا نقصان قیمة اللیرة من غیر ارتفاع قیمة البضایع و السلع و الروپیات بحیث لم یربح شیئاً، لما قال من أن رأس ماله بالروپیة في هذه السنة مساوٍ لرأس ماله في السنة السابقة، فحینئذٍ ما ربح شیئاً حتّی یخمّسه.
أما لو فرضنا ارتفاع قیمة الروپیة من دون انخفاض قیمة اللیرة فهنا کأنّه زادت رأس ماله بمقدار، حیث إنّ الألف و الأربعمأة الروپیة في السنة السابقة أقلّ من الألف و الأربعمأة الروپیة في السنة الجدیدة، فحینئذٍ لابدّ من أن یخمّس ما زاد علی رأس ماله.
أما جعل أيّ من العملتین ملاکاً لمحاسبة الخمس، فالظاهر جواز ملاکیة کلّ منهما إلا أنّه لا خمس في التضخمّ، فلو نقصت قیمة اللیرة من جهة انخفاضه فلا یحسب عشرین اللیرات ربحاً.
نعم الأحسن أن یحاسب الخمس بالعملة الصعبة.
و الدلیل علی ذلك: جواز ملاکیة کلّ عملة رایجة في البلد و هکذا عدم وجوب الخمس في التضخّم.
لیس ملاك محاسبة خمس الفائدة هو الأمتعة
السؤال (60): هل یمکن جعل الملاك في محاسبة الخمس نفس الأمتعة بدل قیمتها بالعملة بأن نحاسب خمس الأمتعة بحسب الوزن و العدد بحیث إذا ما زاد وزنها و عددها فلا یتعلّق بها الخمس ؟
و التحقیق في الجواب: لا یمکن تخمیس الأمتعة و البضایع بحسب الوزن و العدد، بدل محاسبة قیمتها بالعملة بحیث إذا ما زاد وزنها أو عددها نقول بعدم تعلّق الخمس بها، لأنّه یمکن ارتفاع قیمتها من دون ازدیاد في وزنها و عددها، فحینئذٍ لابدّ لنا من تخمیس ارتفاع قیمتها.
و الدلیل علی ذلك: هنا قولان مهمّان، لابدّ من أن نشیر إلیهما:
القول الأول: ما هو مشهور عند الأعلام و هو الصحیح عندنا من عدم ملاکیة نفس الأمتعة، فإنّ ملاك تقییم مقدار الفائدة في البضایع و السلع أولاً هو الذهب و ثانیاً العملة و أما نفس البضایع و السلع، فلیست ملاکاً لتقییم الفائدة التي منها ارتفاع القیمة، فإنّ من مصادیق الفائدة ارتفاع قیمة الأمتعة من دون أن یضاف إلی عینها وزناً و عدداً.
القول الثاني: ما أفاده السید الگلپایگاني من جواز جعل وزن الأمتعة و عددها في تقویمها في باب الخمس، کما یستفاد ذلك من بعض استفتاءاته.[6]
لیست الأمتعة ملاكاً لمحاسبة الخمس و إن أدّی الخمس منها
السؤال (61): إذا أدّى شخص خمس رأس ماله غير المحتاج إليه من البضائع فهل يحسب رأس ماله بذاك المقدار من الجنس أو يحسبه بحسب القيمة؟
جواب المحقق البهجت: الملاك في وجوب الخمس هو صدق ربح و الفائدة. [7]
و التحقیق في الجواب: إذا أدّى خمس رأس ماله من الأمتعة فلايحسب رأس ماله بذاك المقدار من الجنس بحسب الوزن و العدد بل يحسبه بحسب قيمته بالذهب أو العملة، لأنّه قد یرتفع قیمتها من دون ازدیاد في وزنها و عددها، فیجب تخمیس ارتفاع قیمتها.
الفرع العشرون: ملاک القیمة جملةً و مفرداً، بین الأقل و الأکثر
کیفیّة تقييم السلع لإخراج خمسها
السؤال (62): إذا اختلفت القیمة السوقیة في البیع جملةً و مفرداً و أیضاً اختلفت القیمة في البیع جملةً بین قیمتین أحدهما أقلّ و الآخر أکثر، و هکذا في البیع مفرداً اختلفت القیمة بین الأقلّ و الأکثر، فکیف نُقوِّم الأمتعة لمحاسبة خمسها؟
و التحقیق في الجواب: إنّ الاعتبار في تقویم البضائع عند التخمیس بالقیمة السوقیة الفعلیة و لکن هنا مطلبان:
المطلب الأول: إذا تفاوتت قیمتها في السوق بین البیع جملةً و بين البيع مفرداً فهنا تفصیل بین صورتین:
الصورة الأولی: ما تیقّن بأنّه سیبیعه مفرداً فلابدّ من أن یحاسب خمس ارتفاع قیمته بالقیمة السوقیة مفرداً.
الصورة الثانیة: و ما تیقّن بأنّه سیبیعه جملةً و هکذا ما تردّد في أنه هل سببیعه جملةً أو مفرداً؟ فله أن یحاسب خمس ارتفاع قیمته السوقیة جملةً. نعم في السنة اللاحقة إذا باعه بأکثر من ذلك، فلابدّ من تخمیس الزائد، فمثلاً احتمل أنّه قد يبيع مقداراً من البضائع فحاسب خمسه علی القیمة السوقیة جملةً، و لکن بعد السنة الخمسیة باعها مفرداً بقیمةٍ أغلا، فلابدّ من تخمیس المقدار الزائد.
المطلب الثاني: أما بالنسبة إلی اختلاف السوق في القیمة بین الأقل و الأکثر فالملاك في القيم السوقية هو القيمة الأقلّ، سواء في البیع جملةً أو مفرداً.
و الدلیل علی ذلك: هو أنّ الملاك في الخمس القیمة العرفیة في السوق و هي تتفاوت بین البیع جملةً و البیع مفرداً، فإذا تیقّن بأنّه سیبیعها مفرداً فعليه أن یحاسب الخمس علی أساسها و إلا فله أن یحاسب الخمس بالمقدار المتیقّن و هو قیمتها عند البیع جملةً. هنا مسألة منقولة عن السید السیستاني، لابدّ من أن نشیر إلیها:
نظرية المحقق السيستاني:
یکفي للتجار و المكتسبين سواء الذين يبيعون بالجملة و الذين يبيعون بالمفرد أن یقوّموا جمیع السلع و الأمتعة التجاریة ( أي رأس المال ) بقيمتها بالذات و یدفعوا خمسها في نهایة السنة.
و المراد من قولنا: «قيمتها بالذات»، هو القیمة التي تقوّم بها الأمتعة التجاریة للبیع مع غضّ النظر عن المخارج الإضافیة مثل ما يصرفه لعرضها في السوق و قابليتها للبيع من دون لحاظ الانتظار لارتفاع قيمتهاو بیعها بسعر أغلی، كما یفعل عند مزاد الأمتعة و یکفي في هذه الحال تقویم الأجناس بمجموعها و مع البعض .
لابدّ من التنبیه علی أن لا یکون التقویم بشکل یوجب الضرر عرفاً ، بل لا بدّ من أن تناسب القیمة هذه الطریقة من عرض الأمتعة و على أساسها و یدفعوا الخمس بناء علیها.
علی سبیل المثال ، اشتری البزّاز عددا من أقواس الأقمشة للعبائات بمقدار مائة متر و یکون سعر کلّ متر 10000تومان مع الربح الحاصل في أثناء السنة 000، 000، 1 تومان ؛ هو یبیع الأقمشة علی المشترين بنحو الجملة و المفرد مع ملاحظة مخارج الکسب و الربح الذي یرتجیه . فثمن البیع بالمفرد لهذه الأقمشة علی المشترين بإزاء کلّ متر 12000 تومان و ثمن بیعها بالجملة بإزاء کلّ متر 11500 تومان ، لکن إذا أراد أن یعرض الأقمشة في المزاد و یبیعها بثمن معقول من دون لحاظ مخارج الکسب و الربح المرجاة ، یشتریها المشترين بإزاء کلّ متر 11000تومان . فیکفیه أن یحاسب الخمس بناء علی سعر 11000تومان ، و القیمة المشمولة لخمس مال التجارة 1100000 تومان و الخمس الذی تعلّق بمال التجارة 220000 تومان. [8]
و هذا الحکم جارٍ لغیر المكتسبين أیضاً .
و جدیر بالتذکیر ، عند عدم اطّلاع الشخص عن قیمة المتاع، یمکن له أن یرجع إلی أهل الخبرة ممّن لهم الخبرویة في التقویم و لا بدّ من أن يكون ثقة.
و عند تعارض آراء أهل الخبرة – مع ما بیّناه من التوضیح – یقدّم رأي الأکثر خبرویة و عند تساویهم في الخبرویة یلاحظ الوسط من بين آرائهم في التقویم.[9]
ملاحظتنا علی هذه النظریة:
إنّ الملاك في محاسبة الخمس قیمة الأمتعة علی أساس القیمة السوقیة الفعلیة و أما قیمة الحراج هي أقل منها، فلا یمکن محاسبة الخمس علی أساس قیمة الحراج.