44/06/17
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة59؛ المطلب الأول؛ النظریة الثالثة؛ استدلال المحقق الخوئی للنظریة الثالثة
استدلال المحقق الخوئي على النظرية الثالثة:
و قال المحقق الخوئي: ... و التفصيل و هو الصحيح بين رأس مالٍ يعادل مؤونة سنته، و بين الزائد عليه، فلا خمس في خصوص الأوّل. و الوجه فيه: استثناء المؤونة ممّا فيه الخمس. و لا ينبغي التأمّل في أنّ المستثنى إنّما هو مؤونة السنة لا مؤونة عمره و ما دام حيّاً. و عليه، فإذا اكتسب أو استفاد مقداراً يفي بمؤونة سنته، كما لو كان مصرفه في كلّ يوم ديناراً فحصل على ثلاثمائة و ستّين ديناراً و كان بحاجة إلى رأس المال في إعاشته و إعاشة عائلته، جاز أن يتّخذه رأس مال من غير تخميس، نظراً إلى أنّ صرف المبلغ المذكور في المؤونة يمكن على أحد وجهين:
إمّا بأن يضعه في صندوق و يسحب منه كلّ يوم ديناراً، أو بأن يشتري به سيّارة مثلاً و يعيش بأُجرتها كلّ يوم ديناراً، إذ الصرف في المؤونة لم ينحصر في صرف نفس العين و إتلاف المال بذاته، بل المحتاج إليه هو الجامع بين صرف العين و صرف المنافع، لتحقّق الإعاشة بكلّ من الأمرين، فهو مخيّر بينهما، و لا موجب لتعيّن الأوّل بوجه.
إذن لا بدّ من التفصيل بين ما إذا كان محتاجاً إلى رأس المال و لم يكن له رأس مال آخر بحيث توقّفت إعاشته اليوميّة على صرف هذا المال عيناً أو منفعةً فلا خمس فيه، و بين غيره ففيه الخمس، ضرورة عدم كون مطلق رأس المال بلغ ما بلغ كعشرة آلاف مثلاً من مؤونة هذه السنة، و قد عرفت أنّ المستثنى هو مؤونة السنة لا غيرها.[1]
إيرادات على النظرية الثالثة:
الإیراد الأول: ملاحظتنا علیه و هو إیراد نقضي
لازم هذا الکلام أنّ هنا استثناءین بعنوان المؤونة:
الأول هو استثناء رأس المال قبل حصول الربح، لاحتیاجه إلی مؤونة السنة.
الثاني: استثناء الفائدة الحاصلة من رأس المال بعد استغنائنا من رأس المال بإخراج المؤونة من الربح.
فينتقض بما إذا جعل رأس المال في صندوق فإنّه على مبناه لا يعدّ صرفاً في المؤونة، فحينئذٍ إذا اشترى سيارة أيضاً لا يعدّ ذلك صرفاً في المؤونة، بل ما يصرفه في المؤونة هو نفس ما استفاده من رأس المال.
الإیراد الثاني: عن السيد الخلخالي[2] و هو إیراد حلّي علی مبناه
إنّ المؤونة هي ما يصرف في المعيشة بوجه و الاسترباح بمال ليس صرفاً له بوجه، بل هو إبقاء له ببدل أصلح و أنفع، فإن اشتراء سيارة بثلاثمائة و ستين دينارا - في المثال - ليس صرفاً للمبلغ المذكور في المعيشة، بل هو إبقاء له بعوض أنفع، و هو السيارة فكيف يكون من المؤونة التي هي عبارة عما يصرفه في المعيشة.[3]
و لا يقاس الاسترباح بالانتفاع بالأعيان المصروفة في المؤونة مباشرة، كالبقرة و الأغنام ينتفع بألبانها أو الشجرة ينتفع بثمرها، فإن هذا من الصرف في المؤونة عرفاً، بخلاف الاسترباح فإنه تحصيل لما يصرفه في المؤونة و ليس هو من الصرف فيها بوجه، فمجرد الحاجة إلى الجامع بين صرف نفس رأس المال و صرف أرباحه في الإعاشة لا يوجب صدق المؤونة على الجميع.[4]
ملاحظتنا علی الإیراد الحلّي:
سیأتي أنه لا یتعبر في المؤونة صرفها في السنة بل المعتبر فیها الاحتیاج إلیها و لو في السنین اللاحقة للاستفادة منها في المعیشة و ما أوردناه علی النظریة الثالثة هو علی مبنا القائلین بها لا علی مبنانا الذي نعتقد به.