44/05/02
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة56؛ النظریة الثانیة؛ الدلیل الثالث للنظریة الثانیة
الدليل الثالث على النظرية الثانية:
قال المحقق الحكيم: أنه لابدّ من تقييد الأرباح بالسنة على الوجه الأول [النظرية الأولى]، مع أنه لا قرينة عليه. بخلاف الوجه الثاني [أي النظرية الثانية حيث لا يحتاج إلى تقييد الأرباح بالسنة].
قال المحقق الخوئي: فالأظهر هو القول الأخير الذي اختاره الشهيد الثاني، نظراً إلى أنّ المستفاد من الآية المباركة بناءً على شمول الغنيمة لكلّ فائدة و كذا الروايات الدالّة على أنّ الخمس في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير: أنّ الحكم انحلالي، فكلّ فرد من أفراد الربح و الفائدة موضوع مستقلّ لوجوب التخميس كما كان هو الحال في المعادن و الكنوز.
فلو كنّا نحن و هذه الأدلّة و لم يكن دليل آخر على استثناء المؤونة لالتزمنا بوجوب الخمس فوراً و بمجرّد ظهور الربح، و لكن دليل الاستثناء أوجب ارتكاب التقييد في الوجوب التكليفي إرفاقاً و إن كان الحقّ ثابتاً من الأوّل، فلا يجب البدار إلى الإخراج، بل له التربّص و التأخير ريثما يصرف[1] في مئونة السنة، فيتقيّد الوجوب بعدم الصرف فيها.
و أمّا ارتكاب تقييد آخر أعني: ضمّ الأرباح بعضها إلى بعض بحيث يستثني حتى المؤن الحاصلة قبل الربح المتجدِّد أي المؤنة المتخلّلة بين الربحين فهذا لم يقم عليه دليل.
و بعبارة أُخرى: الذي ثبت إنّما هو استثناء المؤونة من الربح المتقدّم لا من الربح المتأخّر و لو كان الربحان في سنة واحدة، لوضوح عدم عدّ السابق من مؤونة الربح اللّاحق لكي يستثني منه، لفرض عدم صرفه فيها، فما هو الموجب للاستثناء؟!
و كذلك الحال فيما لو حصل الربح قبل انتهاء السنة كاليوم الأخير من ذي الحجّة مثلاً فإنّ الالتزام بوجوب تخميسه عند هلال محرّم مع أنّه لم يمض عليه إلّا يوم واحد بلا موجب بعد تقييد الوجوب بما دلّ على أنّه بعد المؤونة، فإنّ هذا الربح مشمول لدليل الاستثناء، و مقتضاه جواز صرفه في شهر محرّم و ما بعده من الشهور إلى انتهاء سنة هذا الربح في حوائجه و مئونته من زواج و نحوه، فلو صرف يصحّ أن يقال: إنّه صرفه في مئونته أثناء السنة، و معه كيف يجب عليه الآن إخراج خمسه؟! و الحاصل: أنّ الضمّ يحتاج إلى الدليل، و لا دليل.
فالظاهر أنّ ما ذكره الشهيد الثاني من أنّ كلّ ربح موضوعٌ مستقلّ و له سنة تخصّه و تستثنى مئونة السنة عن كلّ ربح بالإضافة إلى سنته هو الصحيح.
نعم، قد يكون هناك تداخل في المؤن الواقعة فيما بين الأرباح، حيث يبقى مقدار من ربح محرّم و يصرف في مئونة صفر، و يبقى منه و يصرف في ربيع، و هكذا، فيتداخلان في المدّة المشتركة، و لا ضير فيه كما لا يخفى.[2]
قال صاحب المرتقى: و إثباته سهل المؤونة، إذ هو ظاهر الادلة، فان ظاهرها ثبوت الخمس في كل ربح ربح بنحو العموم الاستغراقي، و استثناء المؤونة من الأرباح الثابت فيها الخمس، فهي تستثنى من كل ربح بنحو العموم الاستغراقي أيضاً، فيحسب لكل ربح سنة خاصة به و تستثنى منه مؤونتها و يدفع الخمس عن الزائد عليها.[3]
الدليل الرابع على النظرية الثانية:
قال المحقق الحكيم: من جهة ما تقدم في الغوص و المعدن و الكنز، من البناء على ملاحظة كل فرد مستقلاً موضوعاً للحكم مع التعدد عرفاً. و لا يظهر الفرق بينهما و بين المقام.[4]
قال السيد الهاشمي الشاهرودي في توضيح هذه العبارة: انّ ظاهر الاطلاق أو العموم في ادلة الخمس في كل فائدة أو معدن أو كنز الاستغراقية لا المجموعية، و التصور الاول يقتضي العموم المجموعي لا الاستغراقي بخلاف التصور الثاني، فيكون خلاف ظاهر دليل الخمس.[5]
إيراد السيد الهاشمي الشاهرودي:
قال: انّ التصور الأول [النظرية الأولى] لا يقتضي التصرف في موضوع الخمس و هو الفائدة و حمله على المجموعية، و انما الموضوع مطلق الفائدة المقيدة بعدم صرفها في مئونة السنة الواقعية للربح أو السنة المجعولة.[6]
ملاحظتنا علی إیراد السید الهاشمي الشاهرودي:
ما أفاده واضح البطلان، فإنّ تعلّق الخمس بما أنّه حکم وضعي بمطلق الفائدة معناه تعلّقه بکلّ فرد من أفراد الفائدة، بناءً علی انحلال الحکم، و أما ما أفاده هنا یحتاج إلی التقیید بقید المجموع و هذا واضح لا سترة علیه.