44/04/14
بسم الله الرحمن الرحیم
إنّ وجوب الخمس یبتني علی مبنی تعلّق الخمس بالمالیة و صاحب الجواهر و صاحب العروة و هؤلاء الأعلام لا یلتزمون به. بل الحقّ هو أنّه من قبيل الشركة و الإشاعة في العين، کما یعتقد بذلك المحقق الخوئي[1] .
و نظيره أيضاً ما لو أوصى الميّت بمقدار معيّن من ثلثه كعشرة دنانير و لو بوصيّة عهديّة، فإنّه يجب إخراج هذا المقدار المعيّن من تركته التي كانت تسوى عند موته مائة دينار مثلاً سواء أ ترقّت بعد ذلك فصارت مائتين أم تنزّلت فصارت خمسين، فلا فرق في ذلك بين صعود القيمة و نزولها، لتعلّق الحقّ بمقدار معيّن من المال تعلّقه بالعين نحو تعلّق الكلّي في المعيّن، فلا يستوجب تغييرها تبديلاً في هذا التقدير الخاصّ.
ففي المقام أيضاً بناءً على هذا المبنى حينما ارتفعت القيمة من العشرين إلى المائة و العشرين في المثال المتقدّم و استقرّ عليه خمس الزيادة و هو العشرون لزمه الخروج عن عهدة هذا المقدار المعيّن و اشتغلت ذمّته للسادة بهذه الكمّيّة الخاصّة، و لا تأثير لتنزّل القيمة في تغيير الذمّة عمّا اشتغلت به و إن عادت إلى ما كانت عليه من العشرين على ما هو الشأن في عامّة موارد الكلّي في المعيّن.[2]
فما ذكره في المتن من ضمان خمس الزيادة مبني على هذا القول، لكنّه [صاحب العروة] لا يلتزم به.[3]
إن تعلق الخمس بارتفاع القیمة التي نقصت بعد تمام السنة لا ینحصر بالقول بتعلق الخمس بالمالیة بنحو الکلي بالمعین بل علی القول بالضمان أیضا یلزم القول بوجوب ضمان الزائد.
قال بها المحقق الخوئي و السید الگلپایگاني و السید محمود الهاشمي الشاهرودي و صاحب فقه الصادق.
و قال في تعليقته على العروة: في التعبير بالضمان مسامحة، والصحيح أن يقال: إنّه لم يسقط الخمس عن الباقي بالنسبة.[5]
و مثّل لذلك في المستند و قال:
بل هو بعدُ باقٍ في العين، فتخمّس نفس هذه العين بنفس تلك النسبة التي كانت عليها.
ففي المثال السابق حينما ترقّت العين من العشرين إلى المائة و العشرين و تعلّق الخمس بالمائة الزائدة، فبما أنّ المالك يملك رأس المال بضميمة أربعة أخماس الزيادة فمرجع ذلك إلى تعلّق حقّ السادة بسدس ماليّة العين الفعليّة، لأنّ نسبة العشرين الذي هو خمس الزيادة إلى المائة و العشرين التي هي القيمة الفعليّة هي السدس، فإذا تنزّلت القيمة و رجعت إلى ما كانت عليه من العشرين تستحقّ السادة حينئذٍ من العين نفس النسبة التي كانوا يستحقّونها أوّلًا أعني: السدس فتقسّم العشرون ستّة أجزاء: جزء للسادة، و الباقي للمالك، لا أنّه يضمن ذلك الخمس لكي يؤدِّي تمام العشرين.
و هكذا الحال في بقيّة الموارد، فلو كان رأس المال ثمانين ديناراً فربح آخر السنة عشرين فكان الخمس أربعة التي نسبتها إلى المائة نسبة الواحد إلى الخمسة و العشرين، فلو رجعت القيمة إلى الأوّل أعني: الثمانين قسّمت على خمسة و عشرين، و كان جزء منها خمساً و الباقي للمالك...[6]
و هکذا قال صاحب فقه الصادق[8] و السيد محمود الهاشمي الشاهرودي في المنهاج[9] .
قال المحقق الخوئي في الاستدلال علیه:
و التحقيق ابتناء المسألة على كيفيّة تعلّق الخمس بالأعيان:
فبناءً على أنّ الخمس متعلّق بالعين كما هو ظاهر أدلّة وجوبه، و قد صرّح به الماتن في المسألة ٧٥ فلا أثر لتنزّل القيمة بعد تعلّق الوجوب و تأخير الأداء في الضمان، فإنّ متعلّق الحقّ هو نفس العين الخارجيّة و هي موجودة من دون نقصان، و إنّما النقيصة في أمر اعتباري و هو القيمة، و لا موجب للضمان بالإضافة إليه.
و لا فرق في ذلك بين القول بأنّ التعلّق من باب الإشاعة كما هو الصحيح، أومن باب الكلّي في المعيّن على ما اختاره، فإنّ متعلّق الحقّ على كلا التقديرين هو الخمس من العين الموجودة، و إنّما يفترقان في جواز التصرّف في غير مقدار الخمس قبل أدائه و عدم جوازه، و هذا أمر آخر خارج عن محلّ الكلام ... .
و أمّا بناءً على ما هو الحقّ من أنّه من قبيل الشركة و الإشاعة في العين كما هو ظاهر قوله تعالى فَأَنَّ لِلّه خُمُسَهُ، إلخ، أو القول بأنّه من قبيل الكلّي في المعيّن في نفس العين، فلا ضمان حينئذٍ، بل اللّازم إخراج الخمس من ماليّة هذه العين على النسبة التي كانت عليها حسبما بيّناه...
ملخّص الكلام: أنّ نقصان الماليّة لا ضمان فيه كما أسلفناك، و أمّا خمس الزيادة التالفة بالتنزّل فضمانه مبني على أنّ تعلّق الخمس من قبيل الكلّي في المعيّن في الماليّة، و أمّا على المختار من أنّه من قبيل الشركة في العين أو القول بأنّه من قبيل الكلّي في المعيّن في نفس العين فلا ضمان، بل يجب التخميس بنفس النسبة التي كانت عليها قبل التنزّل حسبما عرفت.[10]
ما أفاده من تعلّق الخمس بنحو الإشاعة بالعین صحیحٌ و لکنا نقول بضمان ارتفاع قیمة العین التي تعلق بها الخمس ثمّ نقصانها.
و الدلیل علی الضمان من جهاتٍ:
في الکافي: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ (عَنْ أَبِيهِ) عَنْ صَالِحِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَوْمٌ اشْتَرَكُوا فِي شِرَاءِ جَارِيَةٍ فَأْتَمَنُوا بَعْضَهُمْ وَ جَعَلُوا الْجَارِيَةَ عِنْدَهُ فَوَطِئَهَا. قَالَ يُجْلَدُ الْحَدَّ وَ يُدْرَأُ عَنْهُ مِنَ الْحَدِّ بِقَدْرِ مَا لَهُ فِيهَا وَ تُقَوَّمُ الْجَارِيَةُ وَ يُغَرَّمُ ثَمَنَهَا لِلشُّرَكَاءِ فَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي وَطِئَ أَقَلَّ مِمَّا اشْتُرِيَتْ بِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ أَفْسَدَهَا عَلَى شُرَكَائِهِ وَ إِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي وَطِئَ أَكْثَرَ مِمَّا اشْتُرِيَتْ بِهِ يَلْزَمُهُ الْأَكْثَرُ لِاسْتِفْسَادِهَا.[11]
و یستفاد من هذه الروایة ضمان المالیة لما ورد فیها من ضمان القیمة الأکثر، للتعدّي.
في الکافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ جَمِيلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي شَاهِدِ الزُّورِ قَالَ إِنْ كَانَ الشَّيْءُ قَائِماً بِعَيْنِهِ رُدَّ عَلَى صَاحِبِهِ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِماً ضَمِنَ بِقَدْرِ مَا أُتْلِفَ مِنْ مَالِ الرَّجُلِ.[12]
و رواه الصدوق في الفقیه عن مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ.[13]