بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

46/05/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الفقه الاقتصادی/العقود المستحدثة /صحة العقود المستحدثة؛ النظریة الأولی؛ الدلیل الأول؛ الأمر الأول: الألف و اللام في العقود

 

یلاحظ علیه:

أولاً: إنّ فرض كون «أل» للعهد الذهني یوجب التخصّص و عدم شمول الحكم لجمیع أفراد العامّ فلا تصل النوبة إلی التخصیص، فما ذكره من عدم دلالة «ال» علی التخصیص في غیر محلّه.

ثانیاً: ما مثّل به من إرادة العموم من الفواحش و الزور، هو من جهة دلالة القرائن الخارجیة علی العموم لقبح كلّ فاحشة و كلّ زور.

الإیراد الثالث:

قال المحقق النائیني علی ما في تقریرات درسه: لا وجه لدعوى اختصاصه [أي: عموم أوفوا بالعقود] بالعقود المتعارفة و المعاملات المتداولة إلاّ إرادة العهد من اللاّم و هو خلاف ظاهر اللاّم في كلّ‌ مقام لا سيّما في مثل هذه الأحكام.[1]

قال السید محمد سعید الحكیم: ولا موجب لاحتمال التخصيص بالبعض إلا احتمال كون اللام للعهد الذهني، لقيام القرينة الحالية على تعيين المراد [بمعنی الأفراد المعهودة الخارجية]

و هو مدفوع بالأصل، الراجع لأصالة عدم القرينة المعوّل عليها عند أهل اللسان. ولذا كان الأصل في اللام الجنس، وكان البناء على العموم[2] لتمام أفراد مدخولها.[3]

الخامس: العهد الذكري

نُمثّل لهذا الوجه بكلمة «رسول» في قوله تعالی: ﴿كما أرسلنا إلی فرعون رسولاً، فعصی فرعون الرسول﴾[4] حیث ذكر مدخول اللام قبل.

و إن فرضنا هذا الوجه، سقط الاستدلال بالعموم و لم تشمل الآیة العقود الجدیدة.

یلاحظ علیه:

إنّ حمل اللام علی هذا الوجه لا معنی له، لأنّ «العقود» لم یذكر في الآیات السابقة و لم نعثر علی من حمَل اللام في هذه الآیة علی هذا الوجه.

الخامس: العهد الخارجي و الحضوري

و قد مثّل لذلك بقوله تعالی: ﴿الیوم أكملت لكم دینكم﴾[5] ، و «أل» هنا هو بمعنی الیوم الحاضر في عالم الخارج. فإذا حملنا اللام علیه، فلا تدلّ الآیة علی العموم.

یلاحظ علیه:

لم یذكر هذا الوجه أحدٌ من الأعلام و لا وجه لحمل اللام علی العهد الخارجي و الحضوري، لعدم الحضور الخارجي للعقود عند التخاطب.

الأمر الثاني: المراد بالعقود

النظریة الأولی: العقد هو مطلق العهد

ذكر الشيخ الأنصاري[6] بأنّ العقد بمعنی مطلق العهد

و استشهد له بـصحيحة عبد اللّه بن سنان، فحينئذ الآية تدلّ على لزوم ما شكّ في لزومه.

قال عليّ بن إبراهیم: حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: قَوْلُهُ ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ قَالَ: بِالْعُهُود.[7] [8] [9]

و قال صاحب العروة: هذا هو الأظهر و يشمل ما كان بين الاثنين و غيره كالإيقاعات و يؤيّد ذلك شموله للعهود الإلهيّة من التّكاليف.[10]

و هنا منهجان: الأول: أن تدلّ الأمر علی الوجوب و یخرج المستحبّات و العقود الجائزة من باب التّخصيص و الثاني: أن يجعل للقدر المشترك بين الوجوب و النّدب، كما قال صاحب العروة: الظّاهر كما صرّح به بعضهم أنّ‌ المراد من العقود في الآية مطلق العهود أعمّ‌ من التكاليف الإلهيّة و العهود الّتي بين الخلق و الخالق كالنّذر و شبهه و العهود الّتي بينهم بعضهم مع بعض،

و حينئذ فإمّا أن يجعل الأمر للوجوب و يكون خروج المستحبّات و العقود الجائزة من باب التّخصيص و إمّا أن يجعل للقدر المشترك بين الوجوب و النّدب فيشملها أيضاً و على هذا يسقط الاستدلال.[11]

و علی أيّ حالٍ فلا یتفاوت في ما نحن بصدده من أنّ العقود المستحدثة صحیحة شرعاً، و أما الوفاء بها واجب أو مستحبّ فهي مسألةٌ أخری.

نعم إنّ صاحب العروة اختار القول بدلالة الأمر علی الوجوب، فقال: إذا دار الأمر بين التّخصيص و المجاز [القدر المشترك بين الوجوب و النّدب] فالأوّل أولى.[12]

و هكذا قال المحقق عبدالله المامقاني: إنّ‌ الأمر حقيقة في الوجوب و التّخصيص اولى من المجاز.[13]


[1] منية الطالب في حاشية المكاسب‌، النجفي الخوانساري، الشيخ موسى؛ تقرير بحث الميرزا النائيني، ج1، ص104.
[2] و العبارة فیه اضطرابٌ و مسامحةٌ، لأنّ «ال» إما أن یكون للجنس و إما أن یكون للعموم الاستغراقي، نعم إذا كان للجنس فلازمه الدلالة علی العموم.
[3] مصباح المنهاج / كتاب التجارة، الحكيم، السيد محمد سعيد، ج1، ص7.
[4] السورة مزمل، الأية 16.
[5] السورة مائده، الأية 3.
[6] المكاسب، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج1، ص329.
[7] تفسير القمي، القمي، علي بن ابراهيم، ج1، ص160.
[8] تفسير العيّاشي، العياشي، محمد بن مسعود، ج1، ص289.
[9] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج23، ص327، أبواب کتاب النذر و العهد، باب25، ح3، ط آل البيت.
[10] حاشية المكاسب‌، الطباطبائي اليزدي، السيد محمد كاظم، ج1، ص74.
[11] حاشية المكاسب‌، الطباطبائي اليزدي، السيد محمد كاظم، ج2، ص3.
[12] حاشية المكاسب‌، الطباطبائي اليزدي، السيد محمد كاظم، ج2، ص3.
[13] نهاية المقال في تكملة غاية الآمال، الشيخ عبد الله المامقاني، ج1، ص7.