46/04/23
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: الفقه الاقتصادی/الربا و البنوک /الطریق التاسع و ثلاثون: اشتراط أداء مبلغ زائد في عقد لازم عند الدفع المتأخر
النظریة الثانیة: صحّة هذا الطریق
إنّ المحقق الفیاض عند ما واجه مشکلة دفع المتأخّر في مبحث بیع العُملة بالعُملة بدل القرض، أشار إلى ذلك و قال:
«إنّ بإمكاننا علاج هذه المعضلة بالتقريب التالي، و هو أن يشترط البنك على عميله المشتري في عقد البيع أن يدفع ديناراً مثلاً عن كلّ شهر إذا لم يسدّد الدين في موعده، و لا يكون هذا ربا، فإنّ إلزام البنك المدين إنّما يكون بحكم الشرط في ضمن البيع لا في ضمن القرض حتى يكون ربا.
نعم، لو اشترط أن يكون له الدينار في كل شهر في مقابل التأجيل و التأخير لكان من اشتراط الربا و بكلمة كما أن بإمكان البائع أن يشترط على المشتري في ضمن البيع أن يخيط له في كل شهر ثوباً إلى سنة أو أكثر، أو أن يهب له في كل شهر ديناراً إلى ستة أشهر مثلاً، كذلك بإمكانه أن يشترط عليه في عقد البيع أن يدفع ديناراً في كلّ شهر يتأخّر فيه عن دفع الثمن المقرّر من حين حلول موعده، و حيث إنّ إلزام المدين هنا بدفع الدينار يكون بحكم البيع لا بحكم عقد القرض، و لا في مقابل الأَجل، فلا يكون من اشتراط الربا.» ([1] )
تنبیه حول إطلاق هذه النظریة:
إنّ اشتراط المذکور بنفسه إذا کان في ضمن بیع الجنس بالثمن مثلاً فلا إشکال فیه، و أمّا إذا کان في ضمن بیع المتجانسین من المکیل و الموزون فهو حرام، کما أنّه إذا کان في ضمن بیع المعدودین فهو محلّ خلاف الفقهاء:
فإن قلنا بأنّ الربا یجري في بیع المعدود و لا یختصّ حرمته ببیع المکیل و الموزون، فیحرم اشتراط المذکور، لأنّ الزیادة المشترطة المأخوذة ترجع إلى الربا مآلاً.
و إن قلنا بعدم جریان الربا في بیع المعدود، فلا إشکال حینئذٍ في اشتراط أداء المبلغ المعیّن بإزاء کلّ یوم أو شهر مثلاً عند الدفع المتأخّر.
الطریق الأربعون: أخذ المال من البنك بعنوان مجهول المالك لا الإقتراض
و هذا الطریق للتخلّص من الربا عند الإقتراض من البنك على مبنی القائل بأنّ أموال البنك مجهول المالك، فلا یلائم مع ما اخترناه من القول بمالکیة الدولة و الشخصیة الحقوقية مثل المؤسّسات و القول بأنّ أموال البنك تعدّ ملکاً له، سواء کان مالکه الدولة؛ کما في البنك الحکومي، أو الأشخاص؛ کما في البنك الأهلي، فهذا الطریق لا یجدینا.
نعم هنا لابدّ من أن نلاحظ في الأموال الموجودة في البنك الّذي منها الأنفال و منها الأموال الغصبیّة الّتي تدخل فيها لامحالة، و لکن ذلك لا یوجب کونها مجهول المالك، بل غایة ما یوجبه هو لزوم إجازة المجتهد الجامع للشرائط في الأخذ من أموال البنك من جهة تقسیم ما کان تحت ملکها و ما لم یکن کذلك.
فعلى هذا إنّه یتخلّص به من الربا على مبنی بعض الأعلام؛ مثل المحقق الخوئي، و هکذا مثل المحقّق السیستاني مدّ ظلّه حیث ذهب إلى أنّ الأموال الموجودة في البنوك الحکومیة مجهول المالك، فقال:
«لا يجوز الإقتراض من البنوك الحكومية بشرط دفع الزيادة؛ لأنه ربا، بلا فرق بين كون الإقتراض مع الرهن أو بدونه، و لو اقترض كذلك بطل القرض و الشرط معاً؛ لأنّ البنك لا يملك ما تحت يده من المال ليملكه للمقترض.
و للتخلّص من ذلك يجوز للشخص أن يقبض المال من البنك بعنوان مجهول المالك لا بقصد الإقتراض، و الأحوط أن يكون ذلك بإذن الحاكم الشرعي، ثم يتصرّف فيه بعد المراجعة إليه لإصلاحه، و لا يضرّه العلم بأن البنك سوف يستوفي منه أصل المال و الزيادة قهراً، فلو طالبه البنك جاز له الدفع حيث لا يسعه التخلف عن ذلك.»([2] )