الموضوع: الفقه الاقتصادی/الربا و البنوک /الطریق التاسع عشر؛ الدلیل الثاني لبطلان اشتراط الضمان
الدلیل الثاني على بطلان اشتراط الضمان: قاعدة أنّ الأمین لا یضمنإنّ المحقق الخوئي استدلّ على بطلان اشتراط الضمان بقاعدة الأمین لا یضمن، و قبل توضیح استدلاله لابدّ من بیان مقدمة:
إنّ هذه القاعدة تجري في أبواب متعدّدة من العقود، مثل عقد الودیعة و العاریة و الشرکة و الإجارة و المضاربة.
إنّ السید المحقق السبزواري أشار إلى أدلّة عدم ضمان الأمین في باب المضاربة، فاستدلّ أولاً بالإجماع، و ثانیاً بالسيرة، و ثالثاً بظواهر الأدلّة و قال: الظاهر أنّه من المسلّمات الفطرية. ([1]
)
و الکلام هنا في عقد المضاربة، و لابدّ من أن نشیر إلى دلیل عدم ضمان عامل المضاربة، فنقول:
إنّه لم یرد دلیل علی عدم ضمان الأمین بخصوص هذا اللفظ في باب المضاربة بل استفادوا ذلك من النصوص الواردة في باب العاریة و الودیعة و ما ورد في الاستبضاع الذي هو عکس المضاربة و هو بمعنی إعطاء المال لشخص حتّی یربح منه لنفسه من غیر أن یرجع الربح إلى المالك و الأعلام استنبطوا من تلك النصوص أنّها قاعدة کلیّة تجري في أبواب مختلفة من العقود.
استدلال المحقق الخوئي:
«الأقوى هو التفصيل، بين ما إذا كان الشرط هو الضمان و كون الخسارة في عهدة العامل فيبطل، و بين ما إذا كان هو التدارك الخارجي فيصحّ.
أمّا الأوّل: (أي بطلان الضمان المصطلح)فليس ما ذكرناه من جهة كونه منافياً لمقتضى العقد، إذ الضمان و عدمه كالجواز و اللزوم خارجان عن مقتضى العقد أصلاً و إطلاقاً، فإنّ مقتضاه ليس إلَّا عمل العامل بالمال و تصرّفه فيه على أن يكون الربح بينهما على ما اتّفقا عليه و إنما ذلك من جهة ملاحظة أن العامل أمين، و مقتضى ما دلّ على أن الأمين لا يضمن، و لا سيما بعض النصوص الواردة في خصوص المضاربة، هو عدم الضمان. ([2]
)
و عليه فيكون اشتراط الضمان من الشرط المخالف للسنة، حيث إنّ مقتضاه عدم ضمان الأمين، سواء اشترط ذلك عليه أم لم يشترط، فيبطل لا محالة.
[2] . أمّا النصوص الدالّة على أنّ الأمین لا یضمن فهي في باب العاریة کثیرة نکتفي فیها بصحیحة محمد بن مسلم و صحیحة عبد الله بن سنان.أمّا صحیحة محمد بن مسلم:مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبَانٍ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِم عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ
قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْعَارِيَّةِ يَسْتَعِيرُهَا الْإِنْسَانُ فَتَهْلِكُ أَوْ تُسْرَقُ فَقَالَ إِذَا كَانَ أَمِيناً فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ. قَالَ: وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الَّذِي يَسْتَبْضِعُ الْمَالَ فَيَهْلِكُ أَوْ يُسْرَقُ أَ عَلَى صَاحِبِهِ ضَمَانٌ؟ فَقَالَ
: لَيْسَ عَلَيْهِ غُرْمٌ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ أَمِيناً.أمّا السند: فصحیح لأنّ الحسین بن محمد بن عامر من ثقات الإمامیة و معلّي بن محمد أیضاً من ثقاتنا الأجلّاء نعم إنّه مضطرب الحدیث و غایته عدم الأخذ بمضطرباته، و الحسن بن علي الوشّاء من الأجلّاء و أبان بن عثمان و محمد بن مسلم کلاهما من أجلّاء أصحاب الإجماع.و لغة الإبضاع على ما في مجمع البحرین: هو أن يدفع الإنسان إلى غيره مالاً ليبتاع به متاعاً و لا حصّة له في ربحه بخلاف المضاربة. و في
القاموس الفقهي، سعدي أبو حبيب، ج1، ص37.: «الإبضاع مصدر في المجلة: إعطاء شخص آخر رأس مال علی کون الربح تماماً عائداً له فرأس المال البضاعة و المعطي المبضع و الآخذ المستبضع»أمّا صحیحة عبد الله بن سنان:مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ
. عَنِ الْعَارِيَّةِ؟ فَقَالَ: لَا غُرْمَ عَلَى مُسْتَعِيرِ عَارِيَّةٍ إِذَا هَلَكَتْ إِذَا كَانَ مَأْمُوناً.فهذه الروایة أیضاً صحیحة سنداً فإنّ عبد الله بن المغیرة من أصحاب الإجماع و عبد الله بن سنان من الأجلّاء