44/05/24
بسم الله الرحمن الرحیم
إنّا نتصوّر حلّ المشکلة بطریق آخر و هو أنّ الأموال ودیعة في البنك لکن الشرط الارتکازيّ المسلّم بین المودع و البنك هو أنّه رخّص و أباح التصرف في عین المال للبنك مع ضمان البنك بالنسبة إلى المال.
و من هنا قال المحقّق الفياض مدّ ظلّه:
«یمكن تصوير أن هذه الودائع، ودائع بالمعنى الفقهي ثبوتاً و باقية في ملك أصحابها، و أن الإذن بالتصرف فيها إنما هو مع الاحتفاظ بملكية المودع للوديعة من طريق ضمان البنك الودائع، لا بالقرض لكي تخرج عن ملك أصحابها، و لا بمعنى النقل من ذمة إلى ذمة، فإنه لا يتصور إلا في الدين، بل بمعنى تعهد البنك و جعلها في مسؤوليته مع بقائها على ملك المودع، و هذا نحو من الضمان المعاملي ؛ فإنه على نحوين:
أحدهما: مختص بباب الديون، و يعبّر عنه بنقل الدين من ذمة إلى ذمة.
و ثانيهما: لا يختص بها، بل يشمل الأعيان الخارجية أيضاً، و هو التعهد بشيء و جعله في عهدة الشخص، و في المقام يقوم البنك بإنشاء التعهد و تعاقده مع المودعين على ذلك، فإذا قام البنك بذلك تصبح الودائع في عهدته و مسؤوليته مع بقائها على ملك المودعين، و نتيجة هذا التعهد هي أن خسارتها على ذمة البنك لو تلفت.» ([1] )
إنّ الودیعة عقد جائز و مفادها الائتمان في الحفظ، و التحفّظ على العین الشخصیّة ینافي اختلاط العین بسائر أموال البنك و لذا صرّح المحقق الخوئي في کتاب الودیعة من منهاج الصالحین([2] ) بـ:«أنّ الودعي یضمن الودیعة لو تصرّف فیها تصرّفاً منافیاً للاستئمان و موجباً لصدق الخیانة کما إذا خلطها بماله بحیث لا تتمیّز» و المودع و الودعي کلاهما یُقدمان على الاختلاط و یقصدان ذلك، فما قصدا منافٍ لحقیقة الودیعة التي هي الائتمان في الحفظ، و نتیجة ذلك هو أنّ العقد لا یکون ودیعة.
إنّ المال قد یجري علیه عقود متعدّدة، فإنّ المال في ابتداء الأمر یکون ودیعة عند البنك و لو بقدر دقائق قلیلة، و لکن المودع یوکّل البنك لإجراء عقود شرعیة علیه، و قصد إجراء تلك العقود علیه لا ینافي تحقّق ماهیة الودیعة.
فتحصّل من ذلك صحّة الجواب الرابع.