44/05/02
بسم الله الرحمن الرحیم
و هو أن يهب كلّ من المتبايعين جنسه للآخر في ما إذا زاد أحد الموهوبین على الآخر، سواء اشترط الهبة من الطرف المقابل في کلّ من الهبتین أو في إحدیهما، أو لم یشترط.
مناقشتان في إطلاق هذا الطریق:
إنّ صاحب العروة قیّد هبة العوضین في هذا الطریق بعدم اشتراط الهبة في الهبة.
یلاحظ علیها: إنّه قد تقدّم([1] ) عدم تحقق الربا في الهبة المعوّضة و هو مختار صاحب العروة و لعلّ ما أفاده هنا من باب رعایة سائر الأقوال.
إنّ صاحب العروة قیّد هبة العوضین في هذا الطریق أیضاً بعدم قصد المعاوضة بين الهبتين و إلا یکون بیعاً ربویاً.
یلاحظ علیها: إنّ قصد المعاوضة بین الهبتین لا إشکال فیه أیضاً، لما تقدّم من أنّ شرط الربا کون المعاوضة بین العینین([2] ).
شمول هذه الطریقة للربا المعاملي و للربا القرضي:
إنّ هذا الطریق ممّا یعتمد علیه في التخلّص من الربا المعاملي و القرضي، إلا أنّه لابدّ من أن یکون له ضمان حتی یکون طریقاً.
فیکون البیع أو الإقراض بقصد كون المثل بالمثل.
و لهذا الوجه صیاغتان:
و في هذه الصیاغة صورتان:
و لابدّ في هذه الصورة من هبة الزائد، ثمّ اشتراط بیع الجنسین مثلاً بمثل، ففي مثل بیع مائة کیلو من الحنطة بمأتین کیلو منها نقداً، یمکن التخلّص من الربا بهبة المقدار الزائد و هو مائة کیلو و اشتراط بیع مائة کیلو منها بمثلها.
و الأمر هنا مشکل من جهة أنّ هبة المقدار الزائد لا تفید في حلّ المعضلة؛ لأنّ للأجل قسطاً من الثمن، فإنّ الزیادة لیست في ناحیة مائة کیلو فقط، بل الزیادة في ناحیتین: مقدار الزیادة و الأجل.
و هذا الطریق من أسهل الطرق للتخلّص من الاقتراض الربوي من البنك أو غیره، و هو أن یهب المقترض المبلغ الزائد للمُقرِض و في ضمن الهبة یشترط علیه أن یُقرض له مبلغاً معیّناً.
و هبة المقدار الزائد بشرط القرض تتحقّق بصورتین:
أن یهب کلّ المبلغ الزائد إلى المُقرض و یشترط إقراضه حین الهبة، فیقبضه المُقرض. و لکن لمّا کان غرض المقترض غالباً إعطاء الزائد للمُقرض بعد مضيّ مدّةٍ، فلابدّ له أن یزید في مبلغ القرض بالمقدار الذي وهبه حتّی یرجع المقدار الزائد إلیه بصورة القرض.
مثال ذلك: إذا أراد المقترض اقتراض مبلغ ألف دولار و أداءه بعد سنة بمقدار ألفین دولار، فیجوز له أن یهب مقدار ألف دولار للمقرض، و یشترط فیه إقراض ألفین دولار و أداءه بعد سنة و بذلك الطریق یتخلّص من الربا القرضي.
أن یهب جزء من المبلغ الزائد و یشترط في ضمنه أمرین:
الأول: إقراض المُقرض للمقترض المبلغ المعهود للقرض.
الثاني: إهداء المقترض للمُقرض تتمّة المبلغ الزائد.
هي أنّ في بعض الموارد لا یتمکّن المقترض من هبة کلّ مبلغ الزیادة؛ لعدم سهولة إقباضه على المقترض؛ لکثرة ذلك المبلغ و ذلك مثل اقتراض مبلغ خمس مائة ملیون دولار من البنك على أن یستوفي البنك منه مبلغ سبعمائة ملیون دولار و الربح المفروض مثلاً هو مأتان ملیون دولار. فإنّ صحّة الهبة مشروطة بالقبض، و في المثال المذکور المقرض و المقترض لا یتمکّنان من القبض و الإقباض غالباً، و إلا یزدحم عند صندوق البنك و لا یمکن إجراء ذلك بسهولة و حینئذٍ یجوز أن یهب المقترض دولاراً واحداً و یشترط في ضمنه على المُقرض الذي هو المتّهب أولاً: إقراض المتّهب خمسمائة ملیون دولار للواهب؛
و ثانیاً: هبة أُخری من جانب الواهب المستقرض إلى المتّهب المُقرض بالمقدار الباقي من الزیادة المعیّنة وهو مأتین ألف دولار إلا دولاراً واحداً.
أمّا تعیین مبلغ الزیادة فهو میسور لهما بسهولة، فلا محذور من هذه الجهة.
و هبة الزیادة بهذا الوجه متداولة في عصرنا و هي تجري عند الإیداع في البنك بصورة قرض الحسنة، و البنك یعطي الجائزة لبعض المقرضین بقید القرعة. و حیث لم یشترط الزیادة في الإیداع و الإقراض المذکور فلا إشکال من جهة ربویة القرض.