آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

38/04/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : دلالة النهي للفساد - معنى العبادة

قدمنا بعض الملاحظات في القسم وهو اذا كان الفعل بنفسه عبادة وقال كالسجود والتقديس وقبل الدخول في ذلك نقول نلفت النظر ،

الفات نظر : ان اصل هذا المطلب ما هو الغاية منه ؟ ان الغاية كما قال به غير واحد من المحققين هو كيف يكون الفعل عبادة وفي نفس الوقت منهي عنه ، فالعبادة لابد ان يكون الفعل مطلوب بنحو الالزام او لا بنحو الالزام ، فكيف يكون مقربا لله سبحانه وفي نفس الوقت ينهاني عنه ، ولحل هذه المشكلة عقد هذا البحث لتحديد المراد من العبادة وما هو المقصود منها ،

والبحث ليس بحثا اخلاقيا او فقهيا انما هو بحث مقدمة للبحث القادم وهو هل النهي يدل على الفساد او لا يدل .

وبعد هذا الالفات نقول السجود انت تقول انه عبادة وتعريف المصنف الاول هو انه يمكن ان يكون بنفسه عبادة ولم تكن عباديته ناشئة من طلب الله سبحانه بل هي داخلة في كنه ها الفعل واذا كانت كذلك فليس الله جعله عبادة حتى يتنافى كونه عبادة من الله وكونه منهي عنه من الله ، وهذا التنافي انما يأتي في ما يكون الله سبحانه جعله عبادة ثم ينهاني عنه ، فتعريفه الأول لرفع هذا التهافت الموهوم بين عبادية الفعل وبين النهي المولوي من الله سبحانه عن هذا الفعل يقول هذا التدافع والتنافي انما يتصور لو كانت عبادية الفعل مجعولة من الله سبحانه واما اذا كانت العبادة داخلة في كنه الفعل وذات الفعل والله تعالى لم يجعله عبادة فله الحق ان يسمحلي وان يمنعي فمنعني عن السجود لغير الله سبحانه وتقديس وتسبيح غير الله سبحانه مثلا ، فقال هذا القسم من العبادة ليس فيه تنافي .

نعود الى كلام صاحب الكفاية يقول المراد بالعبادة اما يكون عبادة بنفسه او يكون عبادة لو امر بها فذاك القسم الثاني ، فمع قطع النظر عن تلك الملاحظات فغايته رض من وضع هذا البيان هو لرفع التهافت الموهوم ، فمقتضى كلامه هنا وغيرها من المباحث انه يمكن لله تعالى ان ينهاني للسجود للصنم او لغير الله تعالى مطلقا ، فهذا الفعل بنفسه عبادة ولكن الشارع نهاني عن العبادة لغيره .

فاذا كانت العبادة ذاتية فهي ليس من الله تعالى حتى تتنافى مع النهي من الله تعالى كالسجود عباديته ذاتية ، ومع قطع النظر عن مثالنا السابق في السجدة الثالثة المنهي عنها ، السجدة لغير الله سبحانه مثلا للصنم فهذا مقصوده من السجدة المنهي عنها السجدة لغير الله فهذا يمكن ان يتعلق به النهي وان كان عبادة ويكون النهي متعلقا بالعبادة بما هي ذاتية وليس مجعولة والنهي من الله سبحانه وليس العبادية من الله حتى يتنافى مع السجود ، هذا ملخص ما أراده صاحب الكفاية في القسم الاول .

وهذا جدا غير واضح : وذلك لان محل البحث هنا ان المراد من العبادة هي عبادة الله تعالى وليس عبادة غير الله اما عبادة غير الله فهي نسأل عنها الغير فاذا كان في وقت ممنوعا فالذي يمنع هو صاحب المنع اي من قصد الخضوع له او العقل يمنعني ، فانت بهذا البيان لم تخلص من هذه المعضلة ، فالعبادة قلنا غير معقول ان تكون ذاتية لأنه قلنا ان العبادة هي منتهى الخضوع وهو قد يكون بالسجدة وقد يكون بغير السجدة فالسجدة واسطة لإبراز الخضوع وليس هو نفس الخضوع ، فالنتيجة ان المخلص الذي يبحث عنه صاحب الكفاية في هذا البحث لم يوفق له .

واما القسم الثاني الذي ذكره وهو ما لو تعلق الامر به لكان عباديا فسر عباديا بمعنى قصد القربة حتى يتخلص من الدور الذي توهمه المشكيني رض .

وهذا لايفيد ايضا لدفع المحذور وهو ان يكون عبادة وتعلق النهي به ، وليس هو ما يمكن ان يكون عباديا لأنه كل عمل حتى السجود لو كان امر به لكان الامر عباديا ، فانت ذهبت بعيدا ،

وبعبارة واضحة ان محل البحث قرينة مشروطة عامة يعني العمل بوصف كونه عبادة ورد النهي فهل هذا النهي يدل على الفساد ، وليس محل البحث قضية مشروطة عامة على وصف الفارابي انه يمكن ان يكون عبادة فورد النهي عنه ، ونحن على ذكر من هذا البحث انه وصف عنوان الموضوع في القضية الحملية هل هو بنحو الفعلية او هو بنحو الامكان فان قلنا انه بنحو الفعلية فهذا منسوب الى ابن سينا والآخر انه على نحو الامكان فهذا راي منسوب الى الفارابي ، فيقول في القسم الثاني مايمكن ان يكون مأمورا به يعني ما يمكن ان يكون عبادة اذا تعلق به النهي هل يكون العبادة فاسدة او لا ؟ ونقول كيف هذا اين ذهبت انت وكلامنا في المشروطة العامة على رأي ابن سينا وهو ان يكون الفعل بعد اتصافه بوصف العبادية بكونه عبادة كيف يمكن تعلق النهي والا هذا التعريف الثاني ينطبق على المحرمات كشرب المسكر وقتل المؤمن وغيرها ان كان الامر به لكان عباديا لما سقط الا بقصد القربة ايضا تبحث عنه النهي عن قتل المؤمن يدل على فساده اولا ؟ ! جدا غير واضح ، فالمطلب الاول لا ينفعه لرفع التناقض لأنه يقول النهي عن السجود للصنم وكلامنا في العبادة لله سبحانه اذا جاء النهي ، والثاني لو تعلق به لكان الامر عباديا فنقول الفجور كذلك وهدم الكعبة كذلك و .. ! .