آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

38/04/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : دلالة النهي للفساد -

كان الكلام في ماافده النائيني رض في النهي الغيري في محل البحث وجاء في الكلام المنسوب اليه شيء من الاختلاف في اول المقدمة الثانية قال ان النهي الغيري داخل في محل البحث ثم يفسر النهي الغيري بما تقدم في الجلسة السابقة وقال انه خارج عن محل البحث والنهي يدل على الفساد وقلنا انه خلط بين الشروط والموانع للواجب , فان موانع الواجب اذا وجد وفقد شيء منها اذا فقد شرط من الشروط وقيد من القيود للمأمور به يكون باطلا لفقدان ما هو مقوم للعبادة , وارجع رض النهي الغيري الى هذا مثلا لاتصلي في لباس مصنوع من غير مأكول اللحم , وهذا غريب يقول نهي غيري فهو نهي عنه الصلاة , ثم قال ان هذا يدل على الفساد وهو خارج عن محل البحث لأنه نهي عن المأمور به .

وقلنا ان هذا خلط بين النهي الغيري وبين المانع وبين الشرط للواجب لا ينبغي ان يحدث هذا الخلط في البحث العلمي , وقد تتبعنا _ حسب تتبعنا الناقص _ وجدنا موردين للنهي الغيري الاول ما اذا كان ترك الفعل موجبا لفوت خصوصية من خصوصيات الواجب ولا يكون سببا لفوت الواجب كما اذا كان شخص يريد ان يصلي ويوجد طريقان احدهما طويل ووعر يؤخر المكلف والثاني غير مبتلى بالموانع وقصير ثم ينهى ان يسلك هذا الطريق الطويل حتى لا يفوت المكلف خصوصية من خصوصيات العبادة وهو ان يأتي بهدوء وخشوع ثم ينهى المولى عن سلوك الطريق الطويل مقدمة وليس هذا مقدمة للواجب والنهي غيري ,

وكيف يكون البحث عن دلالته على الفساد والبحث ليس بحثا عن فساد الصلاة لأنه ليس مقترنا بالصلاة بل لو كانت هناك عبادة يأتي بها المكلف اثناء سلوك الطريق المنهي عنه هذه العبادة التي اتى بها هل تكون فاسدة او لا ؟ كما لو يصلي النافلة اثناء المشي اثناء الطريق فهذا النهي يكون نهي غيري قد اقترن في فعل عبادي وليس صلاة حتى نقع في المشكلة التي وقع فيها النائيني بل هذه العبادة اثناء المشي وقلنا ان التصرف في المكان مقارنته للعبادة يقتضي الفساد كما قال الاعلام ببطلان الصلاة في الدار المغصوبة , واما اذا لم نقل بذلك كما التزمنا بصحة الصلاة وقلنا من هذه الجهة لا تكون باطلة ولكن المثال يمكن فرضه كما انا امرت احمل الماء او الدواء للمؤمن مسرعا وفي اثناء هذا الطريق الطويل الذي منعت عن السلوك فانا احمل الماء للمؤمن فهذا النقل واجب عبادي يعني هو واجب علي تعبدا اما انه قصد القربة شرط او ليس بشرط فذاك كلام آخر لكن نفس العمل عبادة , ومثال آخر هو كما في الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)[1] فهنا نهي عن البيع وهذا النهي اما هو لأجل احترام صلاة الجمعة والا اذا كان الانسان متمكنا من البيع والشراء واللحوق بصلاة الجمعة فلا يكون ترك البيع مقدمة للصلاة , بل مجرد ارتفاع آذان صلاة الجمعة نهي وترك لكن هذا النهي غيري لأجل ان لا يفوتني شيء من ذلك , فهنا مثال للمعاملة وللعبادة .

القسم الثاني هو اذا كان الفعل مقدمة للحرام ملاك وجوب مقدمة الواجب يوجد في مقدمة الحرام ايضا كما ذلك الملاك يقتضي وجوب المقدمة للواجب كذلك ذلك الملاك يقتضي حرمة مقدمة الحرام ولكن وقف في وجه الفقهاء والأصوليين الاجماع , فأدعي انه لا تحرم مقدمة الحرام فشراء السكين وصنعها وحدها ونحو ذلك كل ذلك مقدمة لقتل النفس المحترمة مثلا لكن هذه المقدمات لم يقل احد بحرمتها , ولكن قد يأتي لادليل على حرمة مقدمة الحرام بما هي مقدمة للحرام فيكون النهي نهيا غيريا على غرار الامر بالوضوء والتيمم بالأمر الغيري باعتبار اذا قمتم للصلاة اي لأجل الصلاة وليس لأجل النفس والتيمم أُلحق بالواجب الغيري ولكن الامر موجود فقد يأتي بالواجب الغيري وقد يأتي الواجب النفسي , كذلك اذا وجد النهي عن بعض مقدمات الحرام كما ورد عن النبي ( ص ) لعن عاصر الخمر والساقي والبائع والشاري والحامل وهكذا من الفاعلين لمقدمة شرب الخمر فهذه محرمات غيرية وليس نفسية والدليل على ذلك انه لو فعل هذه المقدمات كلها ولكن لأجل صنع الدواء او التعقيم فلم يقل احد بالحرمة , فما عدا الشرب هي محرمات غيرية واذا كانت هي محرمات غيري فاذا كانت هناك عبادة تتحقق تلك العبادة مع وجود احد هذه المحرمات بالمحرمات الغيرية فيفرض انه باطل او ليس بباطل كما لو استأجر لعصر الخمر او لبيع او لتقديم الخمر فهذه كلها معاملات فيأتي هناك نهي والنهي هل يدل على الفساد او لا ؟ , اذن بحث النهي يدل على الفساد يشمل النهي الغيري ولكن هذا بالنحو الذي فسرناه لا كما نسب الى المحقق النائيني .

 


[1] سورة الجمعة، آية 9 .