آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

38/04/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : اقتضاء النهي للفساد -

ثم وقع الكلام في انه هل ان البحث مختص بالنهي النفسي او انه يعم النهي الغيري ثم ان الغيري قسمان غيري اصلي وغيري تبعي فهل هذا البحث بعد فرض شموله الغيري هل يختص بالأصلي او هو يعم التبعي .

وهذا التقسيم هو على قياس تقسيم الامر الى نفسي وغيري والغيري الى اصلي وتبعي ففي بحث الاوامر قالوا ان كان الامر بالشيء لأجل مصلحة في المتعلق فهذا امر نفسي واذا كان الامر بشيء لأجل ادراك مصلحة غيره فهذا امر غيري يعني امر بالوضوء مثلا لإدراك مصلحة الصلاة فهذا غيري ثم هذا الغيري قد يكون ملتفتا اليه من المولى وقد لايكون ملتفتا اليه فان كان ملتفتا اليه فهو اصلي وان كان غير ملتفت اليه فهو تبعي فمثلا اذا قال المولى ادخل السوق واشتري اللحم فحينئذ امر بالدخول وامر بالشراء فاحد الامرين نفسي والآخر غيري كما في اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم , اما اذا قال اشتري الحاجة الفلانية من السوق ولم يقل ادخل السوق فهنا يكون امر نفسي وهو الامر بالشراء وامر غيري وهو الدخول الى السوق لأنه قال اشتري من السوق ولايمكن عادة الاشتراء بدون الدخول الى السوق فحينئذ يكون امرا غيريا ,

واما اذا لم يكن المولى ملتفتا الى ان شراء الحاجة مرتبط بالدخول الى السوق كما لو قال اشتري الحاجة الفلانية ففي مثل هذا هو غافل عن غير الحاجة التي يريد تحصيلها ففي هذه الحالة بما انه يعلم العبد انه لا يمكن شراء الحاجة الا بعد الدخول في السوق ففي هذه الحالة يكون يعلم العبد ان المولى كما يطلب مني الشراء يطلب مني الدخول الى السوق ايضا وان كان كلامه غير شامل وهو غير ملتفت ولذلك لم يقل اشتري من السوق ولكنه لو نبه والتفت لأراده .

قالوا نفس هذا التقسيم كما يأتي في بحث الاوامر كذلك يأتي في بحث النواهي ايضا , والنهي اصلي اذا كان هناك مفسدة في المنهي عنه فالمولى ينهاني تجنبا عن المفسدة الموجودة في الفعل فهذا النفسي , واذا كان التخلص من المفسدة في الفعل متوقفا على ترك شيء فهذا نهي غيري كما في ازل النجاسة فانه يدل على كل عمل ينافي ازالة النجاسة ومن ذلك الصلاة فهي يكون منهي عنها بالنهي الغيري وهذا النهي غيري اصلي لأنه ملتفت حسب الفرض امام اذا لم يكن ملتفتا الى ما ينبغي تركه لأجل ترك المنهي عنه بالنهي النفسي فحينئذ لم يذكروا المثال ولكن معلوم من كلامهم هو ما اذا لم يلتفت المولى الى ذلك حين انشاء التكليف ولكنه لو نبه لبين انه لا يريد ذلك الفعل وانما يريد تركه لأجل ترك المنهي عنه , فهذه اقسام النهي على غرار اقسام الامر .

قال الاعلام ان النهي النفسي داخل في محل البحث والنهي الغيري ايضا داخل لان المولى ملتفت ونبحث ان النهي النفسي كما يدل على حرمة المنهي عنه بالمدلول المطابقي كذلك يدل مثلا على ترك مابه يتم ترك المنهي عنه فيكون نهيا اصليا وغيريا واما اذالم يكن ذلك المنهي عنه بالتبعية ملتفتا اليه ففي هذه الحالة هل يدخل في البحث او لا يدخل

؟ قال في الكفاية انه لا يدخل في البحث لان البحث هنا في المسالة عن دلالة لفظ النهي على الفساد وهذا انما يكون في النهي الذي يوجد في قسم اللفظ واما النهي الذي لا يكون من قسم اللفظ والمعنى فلا يكون هناك مجال للبحث عن الدلالة , فاللفظ غير موجود فلايوجد في باب النهي التبعي لفظ اصلا حتى يبحث على انه هل يدل على الفساد او لا .

وحاول الاعلام ان يجروا البحث يمينا وشمالا , ونحن نقدم ونلفت النظر الى مطلبين :

الاول : ان هذا التقسيم في الاوامر ثم قياس النواهي على الاوامر مبني على ان كل حكم شرعي هو تابعا لمصلحة او مفسدة في المتعلق فيأتي حينئذ هل هناك مفسدة في المتعلق او في شيء آخر وهذا مقدمة الى ذلك الى اخره , فهذا يتصور اذا قلنا بان الاحكام تابعة للمصالح في متعلقاتها وقد قلنا ان هذا غير صحيح , ولكن هذه الملاحظة مبنائية .

الثاني : ان البحث عن دلالة النهي الفساد هل هو بحث عن الدلالة التصورية او هو عن التصديق وبعد التأمل يظهر انه بحث عن تحقق التصديق بالحكم لان الفساد حكم ونحن نقول هذا العمل فاسد نحكم عليه ونصدق بهذا الحكم ويتم اثبات الحكم , وعلى هذا فان البحث عن العبادة فاسدة او غير فاسدة يعني ما هو مقتضى التصديق والمقدمات الموصلة الى هذا التصديق فالبحث في المقام عن التصديق فاذا كان عن التصديق فهو ليس بحث عن دلالة الالفاظ الدلالة اللفظية سواء كانت مطابقية او التزامية او تضمنيه .