آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

38/03/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : اجتماع الامر والنهي- التنبيه الثاني _

الأمر الثّاني : قد مرّ في بعضٍ المقدّمات ـ إنّه لا تعارض بين مثل خطاب ( صلّ ) وخطاب ( لا تغصب ) على الامتناع ، تعارض الدليلين بما هما دليلان حاكيان ، كي يقدم الأقوى منهما دلالة أو سنداً [1] ... .

المرجح الثاني : الكلام في المرجح الثاني حس ترتيب الكفاية ,

نأتي الى ما أفاد الاعلام في المقام :

قال السيد الاعظم حسب ما نسب اليه قال ان ترجيح جانب النهي على جانب الامر هذا غير تام وذلك لان مسالة اجتماع الامر والنهي على القول بالامتناع _ على القول بالاجتماع لا يوجد ترجيح كلاهما ثابت _ تكون المسالة من باب التعارض وليس من باب التزاحم لان احدهما ثابت والآخر غير ثابت ولانعلم ان الثابت في الشرع المقدس هو الوجوب او هو الحرمة فيكون من باب التعارض فتجري احكام التعارض وقاعدة دفع المفسدة من جلب المصلحة هذا يجري في باب التزاحم بعد فرض ثبوت الحكمين معا ونعلم ان هذا الحكم ثابت وذاك الحكم ثابت ايضا وفي مقام الامتثال المكلف لايتمكن منهما معا اما يترك المحرم او يأتي بالواجب ويكون هناك فعلان احدهما واجب والأخر محرم والمكلف لايتمكن من امتثالهما معا ولايتمكن من الجمع بين ترك المحرم وفعل الواجب ففي مثل ذلك المقام يصح ان يقال ان دفع المفسدة اولى من جلب المنفعة وفي المقام ليس كذلك , والمثال المعروف في كلماتهم انقاذ الغريق متوقف على الدخول في الارض المغصوبة بدون رضاه وحينئذ اما ان يترك الدخول في الدار المغصوبة فيترك الحرام ولكن لايتمكن من فعل الواجب وهو انقاذ المنفس المحترمة واذا اراد ان ينقذ النفس المحترمة فلابد ان يخالف النهي ويرتكب الحرام وهو الدخول في الارض المغصوبة , ففي المقام الكلام هو في اي الحكمين ثابت هل الحرمة او هو الوجوب هناك نهي وهناك امر ونحن نقول بامتناع الاجتماع يعني احدهما يثبت والآخر لا يثبت كلام في تقديم جانب النهي او جانب الحرمة ولاتجري فيه هذه القاعدة .

وافاد بيانا آخر في رفض هذا الحكم الذي بني على هذه القاعدة يقول لا دليل على ذلك اللهم الا ان تفسر المفسدة بالمضرة والمصلحة بالمنفعة فيصح ان يقال دفع المضرة خير واولى من جلب المنفعة يعني حسب زعمه الشريف نغير التعبير فدفع المضرة خير واولى من جلب المنفعة لا انه دفع المفسدة اولى من جلب المصلحة فأي اية او رواية او حكم عقلائي كل ذلك لم يثبت ابدا .

هذان اشكالان ذكرهما السيد الاعظم ونتأمل فيهما بقطع النظر عما يأتي .

هناك بحث تقدم وآمن به صاحب الكفاية وغيره منهم السيد الاعظم رض وهو الكلام في مبادئ مسالة اجتماع الامر والنهي قالوا ان مورد البحث يأتي في ما إذا احرز ملاك الحرمة وملاك الوجوب في المورد اما اذا لم نحرز الملاكين او احدهما او شككنا ان احد الملاكين موجود او ليس موجود لا يأتي هذا البحث بحث الاجتماع , فقالوا ما إذا كان المجمع مشتملا على ملاك الوجوب وملاك الحرمة على حد سواء , فلابد ان نحرز في الفعل الذي نريد ان ندخله تحت النهي او تحت الامر _ باي طريق من الاحراز _ فبعد احراز الملاك تدخل المسالة في مسائل اجتماع الامر والنهي وقد تقدم الكلام في هذا وارسله صاحب الكفاية ارسال المسلمات , والسيد الاعظم يقول ان هذه القاعدة تجري اذا كان هناك مصلحة ومفسدة في فعلين اما اذا كان الشك ان الثابت هو الحرمة او الوجوب فيكون هذا من باب التعارض .

نقول هذا الكلام اذا لم نحرز ملاك الحرمة وملاك الوجوب وهاهنا احرزت ملاك الحرمة وملاك الوجوب حتى ادخلت المسالة تحت مسائل اجتماع الامر والنهي اذن اصل المصلحة موجود ومحرز واصل المفسدة محرزة كلاهما موجود ولكن لسنا ندري ايهما اقوى ويدفع الآخر , وهذا عين ملاك التزاحم , فانت تقول حيث توجد المصلحة وتوجد المفسدة والمكلف عاجز عن الجمع بينهما معا كذلك في المقام ان رجحنا جانب النهي فمعناه المصلحة التي تقتضي الوجوب تتأخر في مرحلة الاقتضاء والانشاء _ حسب تعبيرهم _ ولاتصل الى مرحلة الفعلية فيكون المقدم جانب المفسدة فتسقط الحرمة وان رجحنا جانب الامر فحينئذ المصلحة تتقدم وتصل الى مرحلة التنجز او الفعلية وتلك المفسدة المقتضية لاتصل الى مرحلة الفعلية والتنجز اذن هذا هو باب التزاحم ايهما اقوى ان كانت المصلحة اقوى فيثبت الوجوب وان كانت المفسدة اقوى فالحرمة تثبت فالكلام هنا ليس في ثبوت الحرمة مع عدم علمنا احراز المصلحة والمفسدة حتى يكون باب التعارض فقط , دل دليل على وجوب صلاة الظهر في يوم الجمعة او الواجب صلاة الجمعة فلست ادري ماهي صاحبة المصلحة هل هي في الظهر او هي في صلاة الجمعة فهنا لا اعلم واما اذا احرزت المصلحة والمفسدة موجودة ولكن ايهما اقوى واشد فتلك تؤثر وتلك تقتضي ثبوت الحكم الذي هو مقتضى المصلحة او مقتضى المفسدة , فانت ياسدينا الاعظم لاتقدر ان تهرب من هذه القاعدة بهذا البيان , فإشكاله غير واضح علينا .

اما بيانه الثاني بتفسير المصلحة بالمنفعة والمفسدة بالمضرة فنقول ما من مصلحة الا فيها منفعة وما من مفسدة الا فيها مضرة , نعم تعبير بكل منهما بالمنفعة بلحاظ جانب معين بما ان الانسان ينتفع يعني يكسب نفعا وبما ان المفسدة يتضرر الانسان بتحملها او بالوقوع يعبر عنها مضرة فكل من المصلحة والمنفعة متلازمان وكذلك كل من المفسدة والمضرة متلازمان , فانت اردت ان تهرب من شيء ووقعت فيه , فالمنفعة والمضرة موجودتان في المصلحة والمفسدة , ثم ان المفسدة والمصلحة اخروية لأنها تابعة للحرمة والوجوب , فما افاده من ان هذا لم يثبت على كل تقدير ليس بواضح علينا .


[1] كفاية الاصول، الاخوند، ص174، ط مؤسسة ال آلبيت.