آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

38/03/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : اجتماع الامر والنهي _ الاضطرار بسوء الاختيار وعدم سوء الاختيار –

كان الكلام في ماافد المحقق النائنيني رض وماعلق به عليه السيد الاعظم رض وقلنا المحقق رض قال ان الذي قال به صاحب الكفاية وهو حكم العقل بلزوم التصرف حال الخروج من الارض المغصوبة هو من باب اخف المحذورين يقول هذا الكلام يأتي اذا كان هناك محرمان مستقلان وكان احد المحرمين اخف عقوبة من الآخر والعقل لاضطرار المكلف لارتكاب احدهما يلزم الانسان بارتكابي اخف المحذورين اما في المقام فليس كذلك فان الفعل طبيعة واحدة وهو رد المال لصاحبه وله فردان فرد بسوء الاختيار والفرد الآخر كان بغير سوء الاختيار فملاك الوجوب واحد فيحكم بالوجوب ولا يحكم بالحرمة .

وقلنا السيد الاعظم فرق بينهما وقال اذا لم يكن التصرف بسوء الاختيار فلا يكون هذا التصرف ظلم ولا مبغوضا للمولى وانما هو مطلوب منه لأجل اختيار اخف المحذورين وقلنا انه هذا غير واضح وقلنا في معنى الظلم انه وضع الشيء في غير محله وهذا قد ترتفع الحرمة بواسطة حكم الله تعالى بجريان البراءة الشرعية مثلا , لأنه الانسان كان جاهلا فالشارع لا يؤاخذه منةً منه عل العباد لا انه لم يفعل ظلما , ونضيف الى ذلك انه يقول رض ان هذا الفعل وهو التصرف في حالة التخلص لايكون مبغوضا .

نقول جدا غير واضح انما هو مبغوض للمولى فهو يريد منه ان يخرج فالمبغوضية باقية على حالها لا كما ان مناط الظلم باق على حاله كذلك المبغوضية باقية فالتصرف حال الخروج مبغوض لان المالك لا يرضى بذلك فالمالك ساكت لأنه لايمكنه تخليص ارضه الا بهذه الطريقة وليس يعني ذلك انه ليس مبغوضا , على غرار لو كانت عملية جراحية يحتاج المريض فيها الى قطع بعض اعضائه فهو مضطر الى ذلك وليس انه لايبغض تلك العملية , فدعوى السيد الاعظم من انه التصرف حال الخروج غير مبغوض للمولى جدا غير واضح .

بقي كلام المحقق النائيني قلنا انه يقول ان الحكم العقلائي او العقلي باختيار اخف المحذورين في ما اذا كان هناك محرمان مستقلان زنا او شرب الخمر فاخف المحذورين هو الثاني حتى العقوبة في الدنيا اخف اذا صدر منه بدون اضطرار فاذا اجبره الظالم فالعقل المتدين يدفعه الى الثاني , يقول واذا كانت طبيعة واحدة ولها فردان والفرد الثاني اخف قبحا مثل الظالم يجبره بين قطع رأس المسلم او القتل ولا شك في انه هنا فعل واحد وهو محرم وهو التجاوز على هذا المسلم البريء بقطع رقبته او القتل فكلامه ظلم على المكلف فالعقل يحكم ويلزمه باختيار اخف المحذورين وكذلك لو قال اتلف ماله هذا او اتلف ماله هذا او نفس المال اتلف هذا بمقدار شبر او بمقدار شبرين فهاهنا حرام واحد وهو اتلاف مال المسلم وله فردان ففي مثل ذلك كما ان العقل في الحرامين المستقلين يلزم الانسان بارتكاب اخف المحذورين كذلك في المقام .

وماكان ان يخفى على النائيني مثل هذا المطلب فاختلاف الافراد من حيث القبيح وكذلك من حيث الرجحان فقد يكون الطبيعة واحدة لها بعض الافراد اقرب للشارع من بعض الافراد الاخرى ففيه اجر اكثر من الفرد الآخر فزيارة سيد الشهداء غير الزيارة التي تكون بطريق آخر بواسطة النقل فالثاني اخف تعبا من الفرد الاول كما ورد خير الامور احمزها يعني اشقها فهذا العمل الواحد افراده تختلف عظمة وشرفا كذلك في المحرمات كما قلنا اتلف ماله بمقدار شبر او شبرين فاحدهما اقبح من الاخر فدعواه انه يأتي في حرامين مستقلين جدا غير واضح ولا دليل على ذلك بل الشواهد على عكس ماذكره النائيني رض .

يقول هذا التصرف سواء كان التوسط بسوء الاختيار او لا بسوء الاختيار هو مصداق لرد المال لصاحبه نقول ليس كذلك لأنه قد اعلم انني اذا خرجت مجرد الخروج يستولي عليه غاصب آخر يستولي على الارض ولا يعود المال الى المالك فعلى هذا لابد ان يحكم المحقق انه لا يجب علي الخروج مادام لم يرجع المال الى مالكه لان الخروج عنده لأجل ارجاع المال وهنا لا يرجع المال لصاحبه انما يأخذه الظالم عند خروجي , فكلامه غير واضح وهذا يختلف عن كلامه السابق فهو يقول انه واجب من باب ارجاع المال الى صاحبه وهذا الملاك موجود في الفردين معا فيقول هذا واجب , فاذا كان الظالم يأخذه هل لايجب علي الخروج ؟ ! فهو يقول بملاك وجوب رد المال الى صاحبه يقول هذا المال مشترك , انما هذا غير متصف بالوجوب ابدا وقد قلنا انه تتبعنا في الروايات لم نجد دليل يقول يجب ارجاع المال الى صاحبه انما الدليل الموجود هو فقط لا يجوز التصرف في المال بغير اذن مالكه , فلا دليل على ان تفتي بالوجوب .

قلنا انه قد يتخيل ان مااخترناه في المقام هو عين ما اختاره صاحب الكفاية فنقول فرق بين ما ألتزم به وهو ان كل من البقاء والحركة الى الخارج محرم وأحد المحرمين اخف قبحا من المحرم الآخر فيتهيأ موضوع لحكم العقل او العقلاء بترجيح هذا على ذاك هذا الذي نتخيله صحيحا في مثل المقام , اما صاحب الكفاية فيقول هو مبغوض لدى المولى ولكن الحرمة مرتفعة فيقول هذا حرام , نقول الحرمة لم ترتفع فالمفروض ان التوسط كان بسوء الاختيار فالدخول والبقاء والخروج كله محرم ولكن لما دخل فجاء العقل فيقول اختر اخف المحذورين وهو الخروج , وصاحب الكفاية يلتزم بعدم الوجوب وعدم بقاء الحرمة وبقاء المبغوضية يقول النهي قد سقط ونقول لم تسقط فالحرمة باقية على حالها .

ثم نعود الى البحث وهو حول الصلاة في حال الخروج وقلنا ان السيد الاعظم يفتي على انه الصلاة لاتتحقق بدون التصرف في المكان الذي هو فيه خصوصا السجود لأنه السجود هو وضع الجبهة والاعضاء مع الاعتماد عليها يعني دفع الاعضاء الى الارض وهذا داخل في مفهوم السجدة فعليه تكون السجدة مشتملة على التصرف في الارض التي يصلي فيها ولذلك يلتزم ببطلان الصلاة .

وينبغي ان نفرق بين مطلبين بين ما هو لازم للفعل وبين ما هو جزء للفعل ونتخيل ان كلام السيد الاعظم مبني على الخلط بين اللازم الغير منفك وبين ما يكون جزء من الفعل ما افاده رض وجاء في كلمات مقرري بحثه من انه السجود مشتمل على الاعتماد على ما يصح الصلاة عليه الاعتماد بلا اشكال جزء من السجود لكن لازم كون الاعتماد يكون على شيء هذا لازم وليس داخلا في ماهية السجود فيوجد خلط في كلامه بين ماهو جزء وبين ماهو لازم للمركب او لازم لجزء المركب .