آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

38/02/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : اجتماع الامر والنهي _ الاضطرار بسوء الاختيار وعدم سوء الاختيار _

كان الكلام في مادر بين صاحب الكفاية رض والشيخ الاعظم في ما نسب اليه في مطارح الانظار حيث نسب اليه ان التصرف في الدار المغصوبة لأجل التخلص من الغصب ورفع الظلم هو واجب فقط وليس محرم وصاحب الكفاية يدعي انه محرم فقط وليس بواجب .

وبغض النظر عما تقدم منا نطرح في المقام الكلام الذي نسب الى الشيخ الاعظم رض ثم تعليق صاحب الكفاية ثم نحاول فهم كلماتهما رض ,

قلنا ان صاحب الكفاية يقول ان التصرف في الدار في جميع حالاته مبغوض وليس بواجب ,

والشيخ الاعظم رض يقول انت تقول بوجوب مقدمة الواجب مطلقا كما تقدم في مقدمة الواجب ولاشك في التصرف في الدار المغصوبة حال الانتقال الى الخارج يتوقف عليه الخروج من الدار وبما ان الخروج واجب وهو متوقف على هذا التصرف فهو واجب ومقدمة الواجب واجبة عندك فلما ترفض هذا الوجوب .

صاحب الكفاية يرد عليه فيقول ان وجوب المقدمة لا يترشح الا على المقدمات المباحة فاذا كانت المقدمات مباحة او طبيعي واحد له مصاديق مباحة فتلك المصاديق هي التي تكون واجبة اما الغير مباحة فلا تكون واجبة الوجوب المقدمي الشرعي انما يكون لخصوص المقدمة المباحة _ يقصد بالإباحة الاعم التي هي مقابل الحرام _ , يقول نعم نستثني فيما اذا انحصر الاتيان بالواجب بالمقدمة المحرمة فهنا تجري احكام المزاحمة ايهما اهم المقدمة المحرمة او فعل الواجب فاذا كان الواجب اهم فترتفع الحرمة من المقدمة فتكون واجبة _ كما في الامثلة التي ذكروها _ كما اذا توقف انقاذ الغريق او اطفاء الحريق في الدخول في الدار المغصوبة لإنقاذ النفس المحترمة, باعتبار ان انقاذ النفس المحترمة اهم من دخول الدار المغصوبة فاذا انحصر انيان الواجب الاهم فترتفع الحرمة , وهنا كذلك لان الخروج عن الدار المغصوبة هو رفع الظلم عن صحب الدار ولكن بما انه كان بسوء اختياره فهاهنا لايمكن ان نلتزم بارتفاع الحرمة وثبوت الوجوب والا يلزم من ذلك ان الوجوب والحرمة خاضعين لإرادة المكلف فاذا دخل بقصده واختياره في الدار المغصوبة اصبح واجبا واذا لم يدخل لا يكن واجبا فأصبحت الاحكام الالهية خاضعة لإرادة العبد وهذا خلاف العبودية والمولوية , ففي هذا المورد حيث كان التوغل بسوء الاختيار ان قلنا يرتفع التحريم من المقدمة المنحصرة وينقلب المحرم الى الواجب يلزم من ذلك ان يكون الحكم التكليفي خاضع لإرادة العبد وليس لإرادة المولى , هذا ملخص صاحب الكفاية .

فصاحب الكفاية في كلامه عدة مطالب : منها انه يؤمن بمقدمة الواجب وهذا من آراءه ولكن يقول ان وجوب المقدمة يترشح في خصوص المقدمة المباحة _ معلوم انه يقصد بالإباحة هي الاعم _ فاذا كانت عدة مقدمات او واحدة لها مصاديق والمصاديق كلها مباحة فيكون كل من هذه المصاديق واجبا بالوجوب الغيري واما اذا كان بعض المقدمات او افرادها محرما وبعضها مباحا فهنا يثبت وجوب المقدمة لخصوص المباح , ثم قال ان انحصر _ والمشكلة هنا _ الاتيان بالمقدمة وتوقف الاتيان بذي المقدمة على مقدمة واحدة فهي ان كانت محرمة فتجري احكام التزاحم بين المقدمة والوجوب الثابت لذي المقدمة فيقدم الاهم منهما ولكن يقول هذه الحالة تأتي اذا لم يكن هذا الانحصار بسوء الاختيار اما اذا كان بسوء اختيار العبد كما هو المفروض في المقام فهنا لا نلتزم بارتفاع الحرمة من المقدمة ويبقى وجوب ذي المقدمة وتصبح المقدمة المحرمة واجبة وذلك لأنه يلزم ان يكون الوجوب والحرمة تابعين لإرادة العبد العاصي وغير العاصي لأنه حينما قصد الدخول في الارض المغصوبة فاصبح دخوله بإرادته فهذا التصرف المحرم اصبح واجبا لأنه توغل وتوقف انقاذ نفسه من الحرام على هذا الخروج , هذا ملخص صاحب الكفاية وكلام الشيخ الاعظم , وهذا غير واضح علينا .

ونبدأ بكلام صاحب الكفاية : هذا المطلب الاخير الذي اعتمد عليه رض من انه لو قلنا بأن اختيار الدخول في الدار المغصوبة عن سوء الاختيار ان قلنا انه يصبح واجبا ويخرج عن كونه حراما يلزم من ذلك تبعية الاحكام الى ارادة العبد , فنقول ردا عليه اذا فلان تزوج باختياره وجب عليه الانفاق على زوجته فهل الانفاق تابع لإرادة العبد ؟ لو لم يتزوج باختياره لم يجب عليه الانفاق ! فكيف هذا ؟ , مثلا لو شخص وهب لآخر مالا وقبول الهبة بإرادته فقبل الهبة فوجب الحج فبإرادته اوجب الحج على نفسه , وكذلك قد يكون تزوج بواحدة حرمت عليه امها واختها جمعا بإرادته فهل هذا صحيح ياصاحب الكفاية ؟ ! , وكلامه فيه خلط بين المقدمة وايجاد المقدمة بين الموضوع وبين اختيار الموضوع فاختيار الموضوع وكون الشيء موضوعا لحكم مطلب آخر فكثير من الاحكام الالهية تثبت لموضوعاتها وتلك الموضوعات افعال اختيارية للعبد سواء كانت تلك الاحكام تكليفية او ولائية فمثلا باردته القى ملابسه في النجاسة فصارت نجسة فهل كان هو سبب النجاسة , فهو اوجد الموضوع باختياره اما الموضوع بالقياس الى الحكم فبإرادة الله سبحانه منشأ الحكم لهذا الموضوع ولا ينشأ الحكم لهذا الموضوع فهنا خلط جدا في كلام صاحب الكفاية , وتترتب مفسدة على هذا الرأي عالية جدا من انه اذا اوجد المكلف الفعل ويكون ذلك موضوعا للحكم فلا يسند الحكم المجعول من قبل المولى الى فاعل الموضوع ابدا فهو خلط بين ايجاد الموضوع وبين انشاء الحكم , اذن هذا الذي ذكره لا يلزم وقد ذكرنا الامثلة .

الملاحظة الثانية : يقول فرق بين ان يكون توقف ذي المقدمة على المقدمة بسوء اختيار العبد او لا بسوء اختياره _ الكلام في سورة الانحصار في المقدمة المحرمة فانه قال المقدمات المباحة واجبة _ ففي حالة سوء الاختيار هذا التوقف لا يقتضي بحكم العقل خروج هذه المقدمة عن الحرمة وتصبح واجبة ,

هذا الادعاء لنا عليه ملاحظتان _ الوجوب في ذي المقدمة اهم _ يقول في هذه الحالة لايكون الخروج وفعل المقدمة واجبا عقلا لأنه كان بسوء الاختيار : اولا : انك تقدم منك في بحث مقدمة الواجب وجوب المقدمة بحكم العقل الكاشف عن حكم الشرع والآن تخصص حكم العقل بحكم العقل الآخر من اين هذا وقد تقدم ان احكام العقل لاتخصص , نعم يخرج ما إذا كان حرمة المقدمة اهم من وجوب ذي المقدمة ذلك خارج موضوعا عن حكم العقل لا أنه يلزم التخصيص والتخصيص بحكم العقل يلزم اذا لم يكن التحريم في جانب المقدمة اهم من الوجوب في جانب ذي المقدمة هنا يلزم التخصيص لأنه هاهنا مصداق للحكم العقلي الذي آمن به في مقدمة الواجب , واما دعواه الثانية من ان العقل يحكم بارتفاع الحرمة وبقاء الوجوب هذا جدا غير واضح بعد فرض ان ملاك المقدمية موجودة في هذه المقدمة بعد ايمانك بوجود ملاك المقدمية وهو التوقف ذاك موجود فلما يحكم العقل بعدم ارتفاع الحرمة بعد فرض وجوب المقدمة وان ملاكه وهو المقدمية باقية فلا يمكن لك ان تنكر ذلك فما افاده غير واضح .