آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

38/02/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : اجتماع الامر والنهي _ الاضطرار بسوء الاختيار وعدم سوء الاختيار _

كان الكلام في ان الخروج من الارض المغصوبة ما حكمه وهذا المثال جعله بعضهم كما تقدم في السابق دليلا على اجتماع الامر والنهي فهو واجب او هو مقدمة كما يظهر من طي كلمات الاعلام فيكون واجبا بالوجوب المقدمي , لكن الوجوب المقدمي عند القائل به هو وجوب شرعي فلا يجاب عنه انه غيري ليس نفسي فلا يفيد القائل بالامتثال , كيف هو مثال عند القائلين بوجوب المقدمة للاجتماع بين الوجوب والحرمة , وقدمنا في الجلسة السابقة مطلبا وقلنا ان هناك خلط بين الخروج وبين نفس الحركات التي تحدث من المكلف لأجل تحصيل الخروج ولأجل تحصيل الكون في خارج الدار وتسمية هذه الحركات بالخروج غير واضح انما هو مقدمة لتحقيق الواجب وهو الكون والثبوت في خارج الدار .

البعض قال ان هذا محرم بالحرمة السابقة مع سقوط النهي فالنهي سقط لآجل حاجته للخروج فالنهي سقط لكن الحرمة باقية .

نقول ما معنى سقوط النهي فان كان نفس صيغة النهي فهذه مجرد ما خرجت من فم الناهي انتهت وليس لها بقاء اصلا فهي صوت فهو تدريجي الحدوث والفناء فهو قبل التورط بالأرض المغصوبة فالنهي بهذا المعنى لم يكن باقيا , وان كان المقصود هو هذا الصوت فقد سقط قبل الدخول في الدار المغصوبة ولم يكون له وجود اصلا قبل الدخول في الدار المغصوبة فما معنى قولك ان هذا النهي يسقط ويكون نتيجة النهي وهو استحقاق العقوبة هو باق .

الملاحظة الثانية : ان الحرمة وهي الحكم الشرعي الملزم بالترك هذه الحرمة علاقتها بالنهي ماهي هل هذه العلاقة علاقة السببية والمسببية او علاقة الكاشف عن المنكشف وبما ان النهي عبارة عن صيغة او مادة النهي فتكون علاقة الحرمة مع النهي سواء كانت مادة او صيغة علاقة الدال والمدلول والدال يرتفع والمدلول باق على حاله فلا معنى لقولك انه في خصوص المقام الحرمة باقية والنهي قد سقط في جميع النواحي كذلك في كل مورد النهي يصدر ويدل على الحكم وهي الحرمة او طلب الترك فالدال ينتهي والمدلول يبقى بوجوده الاعتباري ولم يكن وجود الحرمة تابع لاستمرار النهي حتى تقول النهي ارتفع والحرمة باقية فكل من الدال والمدلول في حدوثه وبقائه تابع لأسبابهما , فالحرمة او طلب الترك فهو عبارة عن امر اعتباري فبقائه وحدوثه خاضع لمن بيده الاعتبار وليس وجود احدهما مرتبطا بوجود الاخر حتى تقول ذاك ارتفع وهذا باق , فهذا غير واضح .

الملاحظة الثالثة : ان كان المقصود من الحرمة هو بقاء اثرها وهو العقوبة فالعقوبة هو يوم القيامة وليس في الدنيا ولعل المراد هو استحقاق فاعل الحرام للعقوبة وهذا الاستحقاق لا علاقة له لبقاء النهي ونحو ذلك انما هو خاضع للحكم الشرعي او الحكم العقلي , اما الحكم العقلي وهو العقلاء يحكمون باستحقاق العبد المتمرد للعقوبة ومن الشارع حيث جعل العقوبة على مخالفة المولى فان الله خلق الجنة لمن اطاع ولو كان كذا وخلق النار لمن عصاه ولو كان كذا , فحينئذ جعل استحقاق العقوبة ونزول العقوبة بالفعل كل ذلك مرتبط بفعل الله تعالى , فنفس الاستحقاق بحكم الشارع ونفس حصول العقوبة , قولك ان العقوبة باقية او الحرمة باقية مع ارتفاع النهي هذا الكلام لامعنى له , لأنه لم يكن احدهما سببا للآخر انما احدهما كاشف والآخر منكشف وارتفاع الكاشف لايرتبط بوجود المنكشف وجودا وعدما وكذلك وجود الواقعي لايرتبط بوجود الكاشف ابدا .

النتيجة : ان هذا القول ان الخروج من الارض المغصوبة واجب لأنه مقدمة للخروج والحرمة باقية كلام فارغ عن المحتوى .

ثم ان المانع من اجتماع الامر والنهي هو التضاد بين نفس الحكم وبين لوازم الحكم بين الحرمة والوجوب بأنفسهما وكذلك التضاد بينهما فهو بين لوازمهما وملزوماتهما الحرمة لازمة للكره والمبغوضية من قبل المولى والوجوب لازم المحبوبية للمولى فملزوم الوجوب والحرمة متضادان متنافيان وكذلك لازمهما الحرمة تحث الانسان على ترك الفعل والوجوب يحث باي نحو من الحث على الاقدام على الفعل فهما متنافيان وكذلك نفس الوجوب ونفس الحرمة امران متضادان في انفسهما اذن ماذا كان سبب قول صاحب الكفاية وسبب قولنا نحن وهو لا يجوز اجتماع الامر والنهي هو لأجل هذه التنافرات الموجودة بينهما فنفرض ان النهي ارتفع ولكن ما به مناط التدافع والتنافر وهو لازم الحرمة ولازم الوجوب ملزوم الحرمة وملزوم الوجوب اذا ابقيته على حاله كيف تريد تقول بهذه المقالة بناء على القول بالامتناع فهذا القول يرد الى اهله ولانهتم به اكثر ما اهتم به الاجلاء , والعمدة هو ماطرحه صاحب الكفاية من دليل القائلين ان هذا الخروج واجب اما لأنه هو الخروج وهذا من كلماته المنسوبة الى غيره واخيرا هو مال الى انه مقدمة الى انه مقدمة ومقدمة الواجب واجبة فيكون هذا الخروج واجبا مقدمة وجوبا شرعيا لأجل كون التوقف في الخارج على ذلك فيكون ذلك واجب فيجتمع فيه الوجوب والحرمة .