آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

37/08/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : اجتماع الامر والنهي _

الثامن : إنّه لا يكاد يكون من باب الاجتماع ، إلّا إذا كان في كلّ واحد من متعلقي الإِيجاب والتحريم مناط حكمه مطلقاً ، حتى في مورد التصادق والاجتماع .. [1] .

السيد الاعظم على ما نسب اليه انه قال ان هذا الكلام من صاحب الكفاية غير واضح فان كلامه يقتضي ارتباط مسالتين مسالة تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد ومسالة اجتماع الامر والنهي لان المناط للحكم يعني الذي يكون مقتضيا لثبوت الحكم هو المصلحة والمفسدة الواقعيتين وهذه المسالة مرتبطة ببحث معروف بين الاشاعرة وبين العدلية حيث ان العدلية يقولون ان احكام المولى لا تكون خاليةً من المصالح ولا تكون اعتباطيةً بخلاف الاشاعرة الذين قالوا ان احكام الشارع اعتباطية وليس مرتبطة بالمصالح والمفاسد , وبما ان العدلية والمعتزلة قالوا لا يمكن ان يصدر من المولى ما لا يليق بشأنه _ بعدما قالوا بالحسن والقبح العقليين _ فلايعقل ان يأمر بشيء بدون مصلحة او ينهى عن شيء بدون مفسدة والاشاعرة قالوا الحسن ما امر به المولى والقبيح ما نهى عنه المولى ولا علاقة للمصالح والمفاسد في متعلقات الاحكام او في نفس الاحكام[2] , فالملاك والمناط لا علاقة له على راي الاشاعرة , هذه مسالة تبعية الاحكام للمناطات والملاكات .

اما مسالة اجتماع الامر والنهي فهي مسالة اخرى اجنبية وترتكز على انه اذا تعلق الامر بشيء والنهي بشيء آخر ووجد متعلق الامر والنهي بوجود واحد فهل يسري احد الحكمين من متعلقه الى متعلق الآخر او لا يسري ؟ فان قلنا يسيري فنقول بعدم جواز الاجتماع وان قلنا لا يسري فنقول بجواز الاجتماع , فمسالة الاجتماع انه جائز او لا اجنبية عن مسالة ان الحكمين لابد ان يكون لهما مناط او ملاك في محل الاجتماع , وقد اطال الكلام رض وقد لخصنا ما قاله رض .

وفيه : نقول لو كان مقصود صاحب الكفاية هو ما نسبه اليه السيد الاعظم فمعنى ذلك لا يوجد مثال لهذا البحث _ بحث اجتماع الامر والنهي _ فيكون بحث فكري فقط وليس له اي مورد في الفقه الاسلامي لا على مسلك الاشاعرة ولا على مسلك الامامية وذلك لأنه على قول الاشاعرة فواضح لأنه ليس عندهم ملاكات واما عند العدلية فتوجد مصالح ولكن لا ندركها فلا يمكن ان ندرك ملاكات الصلاة فلا نعلم لماذا صلاة المغرب ثلاث ركعات والعشاء اربع ركعات ولما ليس ركوعان ! فمادام لا ندرك المصالح فكيف نحرز ان المصلحة موجودة في مورد الاجتماع او غير موجودة فلا علم لي بالمصلحة , فإننا لانعرف مناط وجوب الصلاة , فمقتضى كلامه لا سبيل لنا لمعرفة ان هذا المورد هو من موارد اجتماع الامر والنهي لأنه لابد ان نحرز ملاكات الاحكام ولابد ان نحرز ان ذلك الملاك موجود في مورد الاجتماع وغير مورد الاجتماع ايضا .

والذي نتخيل والعلم عند الله انه يقصد من المناط هو ما انيط به الحكم في لسان الدليل ذلك الذي ربط الحكم به في لسان الدليل ذلك يؤخذ في مورد الاجتماع فماربط الحكم به في لسان الادلة في الواقع فيكشف ان هذا الحكم مثلا اذا زالت الشمس فقد وجبت صلاتان الا ان هذه قبل هذه , فأنيط الحكم بزوال الشمس وبغيره من الشرائط اذا توفرت تعلق الوجوب بذمة الكلف حسب تعبيرنا _او حسب تعبيراتهم ثبت الحكم لهذا الموضوع _ فما انيط به الحكم موجود في مورد الاجتماع ومن اين عرف انيط به الحكم ؟ من الادلة عرف ذلك , ولما انيط فنقول انه يوجد كمصلحة والاشاعرة قالوا انه بلا لي مقتضي اصلا وانما كيفية بحتة للمولى , والملاك عادة يستخدم في كلمات العلماء بمعنى علة الحكم والا لغة هو مأخوذ من مَلك , والسيد الاعظم كتب بدلا عن كلمة المناط بالملاك , فإشكال السيد الاعظم الذي اطال فيه كله مبني على هذا الامر وهو غير واضح علينا .


[1] کفاية الاصول، الآخوند الخراساني، ص154.
[2] التعبير بالمناط جاء في كلام صاحب الكفاية والتعبير بالملاك جاء في كلام السيد الاعظم.