آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

37/08/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : اجتماع الامر والنهي

نعرض مطالبا لعله يكون مفتاحا لحل كثير من المشاكل التي اثيرت في المقام :

المطلب الاول : وهو انه قرر في محله ان الماهيتين لا تتحدان لان الماهية سواء قلنا انها اصيلة او قلنا ان الوجود اصيل على كلا الرأيين ماهية كل شيء ما به الشيء هو هو او يكون الماهية بمعنى الدخول في احدى المقولات فالماهيتان تصبحان واحدة هذا غير معقول فاذا كان هذا المعنى غير معقول فمثلا مقولة الكيف تتحد مع مقولة الفعل مستحيل ماهية الجوهر تتحد مع ماهية العرض غير ممكن وكذلك المقولات العرضية كلها يستحيل ان تتحد ماهيتان وتصبح ماهية واحدة مجمعا لماهيتين هذا امر غير معقول في نفسه , ولا نطيل الكلام في مطالب واضحة قررت في محلها .

المطلب الثاني : لا يكون لماهية واحدة الا وجود واحد _ الوجود الممكن _ ولا يكون لوجود واحد الا ماهية واحدة لا يمكن ان يكون الوجود الواحد ينصب على ماهيتين بحيث توجد الماهيتان معا بوجود واحد امر غير معقول اقيمت البراهين على ذلك فللوجود الواحد ماهية واحدة والماهية الواحدة ان كانت ممكنة ولها وجود واحد لا يعقل ان يكون للماهيتين وجود واحد او لوجود واحد ماهيتان فهذا غير ممكن وذاك غير ممكن اذن لا يتعلق الامر بالماهية فالماهية بلحاظ وجودها في الطبائع تسمى طبيعةً لا يمكن ان يتعلق الامر والنهي في ماهية اخرى ثم تتحد ماهيتان في مورد واحد يعني تصحبان ماهيةً واحدة هذا غير ممكن , يستشم من كلمات الاعلام انه طبيعتان تصادقا على واحد .

المطلب الثالث : ما علاقة الفرد بالماهية ؟ ماهية الانسان وزيد فرد ومصداق لتلك الماهية فكيف نقول ان هذا فرد لهذه الماهية وتلك الماهية تصدق على هذا الفرد ؟ معنى الصدق في المقام هو الاتحاد والحمل فمعنى ان الانسان يصدق على زيد يعني تلك الماهية او ذلك النوع مثلا حينما نقول زيد انسان فزيد متحد اتحاد المحمول بالموضوع بمعنى ان نفس تلك الماهية وجدت بوجود واحد لا انها عندنا ماهيتان ماهية زيد وماهية الانسان , وبما ان الوجود يلازم التشخص فالماهية تشخصت بزيد وبعمر وببكر لا ان ماهية زيد شيء وماهية الانسان شيء آخر لا يعقل ذلك لأنه يستحيل الحمل لان الحمل معناه الاتحاد والهوهوية يعني هذا ذاك وذاك هذا , وهذا يلزم من ذلك اتحاد ماهيتين يعني صيرورة الماهيتين ماهيةً واحدة وقلنا هذا غير معقول بل لما نقول زيد فرد وله ماهية شخصية فنقصد ان نفس ماهية الانسان موجودة بعنوان وبشخص زيد , نعم في مقام المسامحة يقال ماهية الانسان كلية وهذا الفرد جزئي والكلية والجزئية بلحاظ التشخص وبعدم لحاظ التشخص والجزئية والكلية غير داخلة في حقيقة ولا ماهية الانسان وانما هو بلحاظ صلاحيته وعدم امتناعه على الصدق على كثيرين .

وبعد هذه المطالب الواضحة البسيطة نعود الى ما كان الاعلام فيه من انه مجمع الماهيتين يعني يكون ماهيتان تصدقان على ماهية واحدة ومصداق واحد غير معقول فهذا كلام مبني على التسامح , فان طبيعة الصلاة مثلا وماهية الغصب ماهيتان مختلفتان فاذا كانتا مختلفتين يلزم من ذلك ان تكون ماهية واحدة مأمور بها ومنهي عنها في نفس الوقت فعلى هذا الاساس دعوى الصلاة في مكان مغصوب مجمع لماهيتين هذا التعبير مبني على التسامح انما التعبير الصحيح ان يقال وجدت ماهيتان دفعة واحدة متزامنتين في ضرف واحد وفي وقت واحد لا يقال ان الموجود الخارجي مصداق لهذه الماهية ولتلك الماهية فهذا غير واضح وان صدر عن بعض الاعلام رض , ومن هنا نقول اذا قلنا بتعلق الاوامر والنواهي بالأفراد فالفرد تعلق به الامر وفرد آخر تعلق به النهي وكل من الفردين اما من ماهية واحدة مثل زيد وعمر او كل فرد من ماهية مستقلة وان قلت انهما من ماهية واحدة فلا بد ان نقول ان وجود هذا الفرد مع الوجود الشخصي لذلك الفرد بلحاظ وجوده الشخصي مطلوب وبلحاظ وجوده الشخصي الآخر منهي عنه فيكون لكل منهما وجود وبلحاظ الوجود الشخصي تعلق الامر وتعلق النهي .

وان قلت انه تعلق الامر بطبيعة والامر والنهي بطبيعة اخرى يكون لكل فرد طبيعتان وماهيتان مختلفتان فلا يعقل في ضوء ما قلنا لا يعقل ان يكون فردا واحدا يكون مجمعا لفردين فهذا معناه اتحاد ماهيتين في وجود واحد فهذا كما قلنا انه غير معقول فما صدر من الاعلام في هذا الشأن لا يخلوا من مسامحات في التعبير ولا يمكن الالتزام بظواهر تعبيراتهم رض .

المطلب الرابع : يوجد خلط في هذا البحث في مطلبين احدهما انه متعلق الامر والنهي بلحاظ مقولات متعددة فمثلا اللون من مقولة الكيف والصلاة من مقولة الفعل والغصب من مقولة الفعل وهكذا , فهذا مطلب والثاني هو ان متعلقات الاحكام التكليفية الشرعية كلها متعلقة بأفعال المكلفين مادام مصب الاحكام هو افعال المكلفين فلابد ان يكون متعلقات النهي ومتعلقات الامر كلها من اول دورة الفقه الى آخره لابد ان تكون داخلة في مقولة الفعل فقط وليس من مقولات متعددة ولكن بما ان الواجبات الشرعية مركبات اعتبارية فالشارع المقدس ربما يجمع بين مختلف افراد مقولة الفعل يجمعهما في عالم الاعتبار فيجعلها مطلوبا واحدا كالصلاة التي هي قيام وقعود وقراءة فالقراءة قالوا انها من مقولة الكيف وهذا غير صحيح لأنه ليس المقصود به الصوت بما هو صوت بل هو ايجاد وخلق الصوت وخلق الصوت هو من مقولة الفعل وهذا هو المأمور به وتعلق الامر دائما بالأفعال , اذن يوجد خلط بين مطلبين بين اختلاف الطبائع بلحاظ المقولات العرضية والجوهرية وبين ما هو مصب التكليف ومن هنا وقع التسامح في التعبيرات , فهذه المطالب نجعلها محط اعيننا ان شاء الله في البحوث القادمة .

ثم ذكر صاحب الكفاية مقدمة اخرى عبرَ عنها بالأمر الثامن وهو انه لا يجري البحث الا اذا كان ملاك الحرمة في جانب النهي وملاك الوجوب في جانب المأمور به يكون جاريا في جميع مصاديقه حتى في مورد الاجتماع يعني نفس ملاك الامر يوجد في جميع مصاديق الصلاة كما في مثالهم المعروف الصلاة والغصبية فملاك الوجوب موجود في جميع المصاديق وكذلك ملاك حرمة الغصب فلابد ان يحرز انه موجود في جميع المصاديق حتى ذلك المصداق التي اجتمعت فيه طبيعتان صلاة وغصب وبدون احراز ذلك يقول تدخل في مسائل اخرى قد تكون من التعارض او التزاحم او غيرها , وعمدة كلامه الشريف هو هذه النقطة وهي لا يأتي بحث اجتماع الامر والنهي الا اذا احرزنا ملاك الامر وملاك النهي في كلا متعلقي الامر والنهي على نحو سار في جميع المصاديق ومن تلك المصاديق هو مورد الاجتماع .

السيد الاعظم يقول هذا الشرط معناه ان النزاع يجري على قول العدلية ولاياتي على قول الاشاعرة فالعدلية يقولون ان الاحكام تابعة للمصالح في متعلقاتها اما الاشاعرة فيقول ان الاحكام اعتباطية فلايوجد ملاك للإحكام .

فإشكاله رض انه فسر الملاك عند صاحب الكفاية بالمصلحة والمفسدة وانها في متعلقات الاحكام وقلنا ان هذا محل كلام هل ان الاحكام تابعة للمصالح والمفاسد في متعلقات الاحكام او هي في نفس الاحكام , فما افاده صاحب الكفاية من انه لابد من احراز الملاك في متعلق الامر بنحو يكون ساريا في جميع المصاديق نتكلم في ه ان شاء الله .