آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

37/08/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : اجتماع الامر والنهي _ اختصاص النزاع بالأمر والنهي التعييني او هو يعم الامر والنهي التخييري _

الخامس : لا يخفى أن ملاك النزاع في جواز الاجتماع والامتناع يعم جميع أقسام الإِيجاب والتحريم ، كما هو قضية إطلاق لفظ الأمر والنهي [1] .

قلنا اضطربت الكلمات المنسوبة الى السيد الاعظم في المقام ففي بعض ما نسب اليه قال لا مانع من ذلك وفي البعض الآخر قال لايجري النزاع في الحرمة التخييرية لان المحرم تخييرا هو المجمع بين طرفي التخيير وقد ناقشنا ووجهنا اليه بعض الملاحظات وكان المهم منها هو في ماذكره من معنى الحرمة التخييرية وهو ان يكون المحرم المجمع فغير واضح لأنه حينئذ يصبح محرما تعيينيا يعني اتيان الفعل هذا مع ذاك حرام وليس هذا او ذاك فالمجمع محرم يعني الحرمة تعيينية فما افاده غير واضح .

والصحيح ان النزاع يجري في الواجب او الوجوب التخييري وكذلك الحرمة او الحرام التخييري فما افاده في الكفاية صحيح ولكن مثاله لجريان هذا النزاع غير واضح وهو اذا امر المولى بالصوم والصلاة تخييرا ونهى في الكون في دار ومجالسة قوم لم يكن تخييرا ومن هنا حاول بعض المحشين ان يكتب في الحاشية فيقول يعني التخيير .

المناقشة الاخرى : لابد ان يكون ما يأتي به المكلف معنونا بعنوانين ومجمعا لطبيعتين فلابد ان يكون في المقام ثلاث طبائع وهذا كيف يتحقق في المثال الذي افاده , ولما ثلاث طبائع ؟ احدى الطبيعتين طرف الوجوب التخييري مثل الصلاة والصوم فكل منهما واجب تخييرا فلابد من ان يتحقق في الامثال او الصلاة والطرف الثاني لابد ان يتحقق طبيعتان محرمتان تخييرا احداهما الكون في المكان المعين والثانية مجالسة القوم المنافقين فحينئذ كيف تجتمع الصلاة مع مجالسة المنافقين ! فهو اما صلاة او مجالسة فالطبيعتان تجتمع طبيعة الصلاة مع الكون في المكان المغصوب اجتمعت طبيعتان فكيف اجتمعت في نفس الوقت اما على التعاقب يجالس ثم يصلي في الارض المغصوبة هذا لم يصر مجمع بين الحرمة التخييرية والواجب التخييري فالمفروض ان يكون المثال تجتمع فيه ثلاث طبائع طبيعة مأمور بها الصلاة مثلا وطبيعة اخرى وهي الكون في المكان المعين المحرم تخييرا وهذا تحقق لأنه صلى في المكان الذي نهى المولى عن الكون فيه ولكن الطبيعة الثالثة حتى يكون مرتكبا للمحرم التخييري لكلا فردي المحرم التخييري حتى يكون ارتكب محرما قطعا فلابد ان تكون تلك الطبيعة الثالثة التي هي عدل وفرد للمحرم التخييري ايضا يجتمع في نفس هذا العمل وهو القيام والقعود والركوع والسجود , فمثاله غير واضح , اذن اختلافنا مع صاحب الكفاية هو فقط في المثال واما اصل المطلب فنحن نؤمن به واما مثاله الذي طرحه انما يتم ان تحقق كلا فردي المحرم مع الصلاة او مع الصوم يتحقق كلا فردي التخيير المحرم , اما المجالسة فهي جلوس ويدور كلام بينهم .

واذا اردنا اصلاح مثاله فلابد ان نقول الكون في هذا المكان المعين والاقتراب من الشخص المعين ويجلس بقربه يصلي الجماعة فيصير مجمع لثلاث طبائع وهي الصلاة والكون في المكان والاقتراب مع المنافق فابدلنا المجالسة بالاقتراب الى المنافقين , اذن الصحيح جريان البحث في جميع الموارد .

ثم ان صاحب الكفاية ذكر انه اشترط بعض الاعلام في جريان هذا النزاع ان تكون هناك مندوحة في البين _ المندوحة معناها الفسحة والوسعة _ ولايوجد ضيق يعني يتمكن من فعل الصلاة بدون ارتكاب الحرام واما اذا لم يتمكن كالمحبوس في المكان المغصوب او هو اذا خرج من المكان المغصوب الواسع تفوته الصلاة فقالوا لابد ان تكون هناك مندوحة يتمكن الملف من فعل الصلاة بدون ارتكاب والابتلاء بفعل المحرم فيقول صاحب الكفاية لا دليل على ذلك .

وهذا الكلام تراجع منه عما اختاره في بعض فوائده الاصولية التي الفها قبل الكفاية [2] فقال لا دليل على اعتبار المندوحة في محل النزاع لأنه بفقد المندوحة غاية ما هنالك تكليفا بالمحال كما في الانسان عاجز عن الصلاة في المكان المباح فاذا قلنا الحرمة الباقية والوجوب باق فمعنى ذلك المولى كلفه بما لا يقدر عليه فأمره ان يخرج من هذا المكان وهو غير قادر وامره ان يصلي في غير هذا المكان وهو غير قادر فبقاء التكليفين معا يكون تكليفا بالمحال هكذا قال هو وغيره في غير هذا المكان , يقول رض ردا على ذلك بان هذا خروج عن محل البحث لان كلامنا ليس في المكلف به انما الكلام في مقام التشريع وهو هل يمكن ان يأمرني المولى وينهاني بشيئين ويعلم بان المأمور به والمنهي عنه قد يجتمعان في مورد واحد فالكلام في مقام التشريع هل يصح ان يشرع مثل هذا التشريع او لا سواء كان له مندوحة او لم تكن واما فقدان المندوحة شرط حتى لا يلزم التكليف بالمحال فذاك محذور آخر فما افاده الى حد هذه اللحظة صحيح , ولكن هذا يحقق ماقلناه من ان البحث في المسالة عقلائي وليس عقليا كما قال فهو اعتراف صار منه بان المسالة عقلائية فان الجمع مستحيل في مقام الامتثال ذاك تكليف بالمحال فيقول هل يصدر من المولى فالإمكان هنا امكان وقوعي وليس امكانا عقليا فعليه يكون هل يليق بالمولى الحكيم ان يأمرني بشيء وينهاني عن شيء آخر فهذا الامر والنهي يجتمعان في فرد واحد فالمسالة عقلائية وليس عقلية .


[1] كفاية الاصول، الآخوند الخراساني، ص152، ط آل البيت.
[2] عنده فوائد مطبوعة في علم الاصول بعضها قبل الكفاية وبعضها بعد الكفاية والذي اشرنا اليه هو كتب وطبع قبل الكفاية وعندنا نسخة منها فهي مطبوعة مع حاشيته على المكاسب، فهناك اشترط المندوحة اما هنا فلم يشترط المندوحة، ومادام هو هنا بنى على التراجع فنأخذ ما أفاده على الكفاية.