آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

37/08/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : اجتماع الامر والنهي _ هل ان المسالة عقلية _

الكلام في ما أفاده السيد الاعظم في المقام في حاشيته على اجود التقريرات وكذلك في مانسب اليه في بحوثه الشريفة فقال ان المسالة اصولية عقلية اما انها اصولية فيكفي ان تكون المسالة اصوليةً ان تقع نتيجتها في طريق الاستنباط ولو على بعض الاقوال وفي المقام كذلك فان مسالة اجتماع الامر والنهي باعتبار بعض الاقوال وهو جواز الاجتماع يكون نتيجتها تقع في طريق استنباط الحكم الشرعي وهو صحة العمل الذي اجتمع فيه المأمور به والمنهي عنه لان احدهما لايسري الى الاخر فلو فرض هذا المثال المعروف انه صلى في الارض المغصوبة او المكان المغصوب فهو جمع بين الطبيعتين طبيعة الغصب وطبيعة الصلاة وقلنا بجواز الاجتماع بمعنى ان الامر المتعلق بالصلاة لا يتجاوزها الغصب وكذلك النهي المتعلق بالغصب لا يتجاوزه الى الصلاة فكل منهما على حاله , فهذا مأمور به وذاك منهي عنه فاذا لم يتجاوز احدهما الى الاخر فمعنى ذلك فالصلاة المأتى بها في الارض المغصوبة يحكم بصحتها والحكم بالصحة مترتب على نتيجة المسالة على احد القولين قول بجواز الاجتماع تترتب النتيجة .

ففي كلامه الشريف مطالب نفرسها ثم نحاول فهما

المطلب الاول : اصراره من ان المسالة الاصولية هي التي تقع نتيجتها في طريق استنباط الحكم الشرعي

المطلب الثاني : يكفي في كون المسالة من مسائل علم الاصول ان يكون احد الاقوال في المسالة يترتب عليه الحكم الفرعي

المطلب الثالث : في المقام كذلك انه اذا قلنا بجواز اجتماع الامر والنهي بمعنى ان الامر بالصلاة مع الامر بالغصب كل منهما متعلق بطبيعة ولا يتجاوزها الى الاخرى التي تحققت مع هذه الطبيعة يعني تحقق فردان متلاسقان في زمان واحد فهذا يحكم بالصحة .

هذه المطالب الثلاثة مهمة في كلامه الشريف ومر قسم منها ونمر عليها من غير اطالة وبعضها نقف عنده ونتأمل كلامه الشريف .

مما تقدم هو وقوع نتيجة المسالة في طريق الاستنباط وقلنا ان طريق الاستنباط ان يكون صغرى او كبرى للقياس المرتب لأجل استنتاج حكم فرعي هذا معنى طريق الاستنباط , يقول نتيجة المسالة وقلنا ان نتيجة المسالة يعني يؤخذ نفس المحمول فيضاف الى الموضوع مثلا زيد قائم فيقول قيام زيد فالخبر زيد قائم نتيجته هو قيام زيد , يعني نأخذ مفاد المصدر _ قد يكون مصدر صناعي _ مثلا زيد جسم فنقول جسمية زيد فجسم باعتباره ليس مشتق فنأخذ مشتق صناعي فنقول جسمية زيد فزيد جسم او الانسان جسم فجسمية الانسان هو نتيجة الخبر فان كان من المشتقات المحمول فنفس المصدر مبدأ الاشتقاق مصدر لذلك المشتق نضيفه الى الموضوع فهذا يسمى النتيجة هذا اذا كان المحمول مشتقا واما اذا كان جامدا واما اذا كان جامدا كما في زيد جسم زيد جوهر زيد انسان فحينئذ يصاغ له مشتق صناعي فيقال جسمية زيد وانسانية زيد وجوهرية زيد فهذا يسمى نتيجة , فالنتيجة لا تكون اضافية لان المضاف والمضاف اليه يصير اما موضوع او محمول واما فاعل او مفعول به يعني تكون طرف القضية مبتدأ او خبر , فكلمات الاعلام من صاحب الكفاية والمحقق النائيني والعراقي والسيد الاعظم وهو يرتب قياسا استثنائيا ونجعل احد الاقوال في المسالة كبرى او صغرى في القياس فيترتب كذا فنقول ذاك لابد ان تكون قضية لا انه يكون مفردا _ مفرد في مقابل القضية وليس في مقابل التثنية والجمع _ فهذا لن يوفق احد ان يرتب لي قياسا اقترانيا او استثنائيا لتكون نتيجة المسالة صغرى وكبرى[[1] ] , فما افاده السيد الاعظم جدا غير واضح .

ثم قال رض نتيجة المسالة في المقام تقع في طريق الاستنباط الحكم الشرعي على احد الرأيين وهو جواز الاجتماع , فنحن نرتب القياس استثنائي بهذا الشكل وهو ان جاز اجتماع الامر والنهي كان المجمع محكوما بالصحة فهكذا نرتب قضية شرطية ولكنه يجوز الاجتماع فيصح الاتيان بمورد الاجتماع فيصير هنا نفس المسالة ونفس المطلب نفس المقصد وقع كبرى في القياس , هذا هو الذي اثبتناه في المسالة ويكون هذا نتيجة البحث وليس نتيجة المسالة .

فالسيد الاعظم يقول ان هذا المقدار كاف للمسالة الاصولية .

فنقول لو لم يجز اجتماع الامر والنهي في مورد لكان المجمع محكوما بالبطلان ولكن لايجوز الاجتماع فالمجمع محكوم بالفساد فلماذا تقول فقط على احد الرأيين يكون في طريق الاستنباط وعلى الراي الثاني لايكون في طريق الاستباط , اما نحن ففي فسحة عن هذه المشاكل لأننا جعلنا كل بحث يفتقر اليه الفقيه الى تحقيقه في اكثر من باب واحد من ابواب الفقه ولم يتم تنقيحه في علم من العلوم نجعله في علم الاصول ونبحث عنه ولذلك في علم الاصول مباحث مختلفة لغوية وعقلية واصولية وفقهية .

هل هذه المسالة عقلية او هي لغوية

في معظم كلمات الاعلام عقلية كصاحب الكفاية والنائيني والسيد الاعظم قالوا انها عقلية .

فنقول ماهي المسالة العقلية ثم نبحث هل من المستقلات العقلية او ليس من المستقلات العقلية فما معنى هذه الكلمة ان المسالة عقلية ؟ المسالة العقلية الاحكام العقلية كلها تنتهي الى استحالة اجتماع او ارتفاع النقيضين سواء كان طرفا المسالة من الاحكام الشرعية او غير الشرعية فهذا معنى كون المسالة عقلية , ثم هذه المسالة التي تنتهي الى اجتماع النقيضين او ارتفاع النقيضين قد تكون بعض مقدماتها غير عقلية فيقال مسالة عقلية غير مستقلة اما اذا كان جميع مقدماتها عقلية فيقال عقلية مستقلة يعني العقل يستقل العقل بالحكم فيها من دون حاجة الى ضم الشرع الشريف او غيره الى ذلك .

قالوا ان مسالة الاجتماع من المسائل العقلية غير المستقلة لأنه لابد ان نحرز الامر والنهي من قبل الآمر او من الذي يصدر منه الامر والنهي وكذلك الحرمة , فبما ان احدى مقدمات هذا الحكم العقلي غير عقلية فيسمى غير المستقلات العقلية .

الفرق بين المسالة العقلية وبين المسالة العقلائية هو ان العقلية لاتصل النوبة كما قلنا الى اجتماع النقيضين او ارتفاعهما لايمكن ان يتحقق اي يمكن ان يتصور اجتماع النقيضين ولكن لا يمكن ان يتحقق, يعني في عالم الكون والفساد لايمكن ان يتحقق , فهل في هذه المسالة كذلك ؟ يعني ان لم نقل بجواز الاجتماع يعني نقول بان المتعلق بطبيعة يتجاوز تلك الطبيعة ويشمل ذلك الطرف الثاني ايضا هذا معناه عدم جواز الاجتماع يعني لايمكن ان يكون الشيء واجبا وممتنعا فلما ذلك فهل هذا الحكم عقلي او هو عقلائي ؟ .


[1] البحث هو ترتيب القياس وبعد ترتيب القياس يتم البحث وبعدما يتم البحث يكون نتيجة البحث وليس نتيجة المسالة.