آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

37/07/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : اجتماع الامر والنهي _

ونضيف الى ذلك ان السيد الاعظم نسبت اليه عبارة في مصابيح الاصول لكنها مشوشة قال رض لو قال المولى صلي وقال لا تغسل , مرة هكذا ذكر المثال وهذا المثال معروف عند الاعلام وبعد ذلك قال لا تصلي في المكان المغصوب فاذا قال المولى لا تصلي في المكان المغصوب هل يلزم من ذلك اجتماع الامر والنهي[ [1] ], محل البحث هناك امر وهناك نهي هل يجتمعان او لا يجوز الاجتماع وانت اتيت بكلام آخر , وقلنا هذا لأنه في طي كلام السيد انه قال مجمع الحكمين كلي فاراد ان يتخلص من الاشكال الذي اوردناه فجاء بهذا المثال ولكن هذا ليس تخلص انما هو وقع ايضا في حفرة اخرى مع انه سقط فيها حيث قالوا في المصداق هل يسري الحكم من احد المتعلقين الى الاخر ام لا , فعلى هذا فهذا التقريب غير واضح علينا فليس له مورد .

ويمكن ان نقرر محل البحث في المقام بأحد التفسيرين

الاول : هل يمكن ان يكون فعل واحد مصداقا للمأمور به والمنهي عنه ام لا ؟ الفعل الواحد الحاصل من المكلف هل يعقل ان يكون في آن واحد ان يكون مصداقا للمأمور به ومصداقا للمنهي عنه ولكن مع اختلاف الجهة وليس انه يسري احدهما الى الآخر حتى نحتاج الى طريق للتخلص من تلك الحفرة , فعل واحد الصلاة في الدار المغصوبة مثلا هل يمكن عقلا _ لان البحث عقلي او عقلائي _ مصداقا للصلاة المأمور بها وفي نفس الوقت يكون مصداقا للمنهي عنه وهو قوله لا تغصب , فلم نقول بالسراية من متعلق الى متعلق الآخر , هذا احد التقريبين .

الثاني : _ وهذا ابعد قليلا من الاول حسب الموازين العلمية _ وهو ان الاعلام قرروا واتبعناهم بان الاحكام تتعلق بالطبائع لا تتعلق بالأفراد ولكن هناك حكم عقلائي بملاك وجوب الطاعة وهذا الحكم العقلي يلزمني بترك فعل بتحققه يتحقق المنهي عنه مثلا قال صلي وسكت وبين حدود ماهية الصلاة وشرائطها ادى وضيفته كمولى وبين ثم جاء موضوعا لحكم العقل فانا مولى وانت عبد عليك الاتيان بهذا الفرد او باي فرد بتحققه يتحقق طبيعي الصلاة من باب ملاك وجوب الطاعة وهناك عن هذا المعنى عبر الاعلام واتبعناهم ان الفرد ليس مصبا للحكم الشرعي انما مصب الحكم العقلي لذلك قلنا ان المكلف مخير بين الافراد العرضية والطولية بحكم العقل والتخيير عقليا او عقلائيا يعني وجوب او واجب عقلي او عقلائي ولكن التخيير ان كان هناك افراد متعددة عرضية او طولية او عرضية وطولية فالتخيير اما اذا كان منحصرا في فرد واحد فحينئذ العقل يلزمني بإتيان ذلك الفرد , فصدور الامر من المولى يحقق موضوعا لحكم العقل فيخرج العقل او العقلاء فيحكمون بلزوم الاتيان بذلك الفرد فالفرد ليس واجبا بالوجوب الشرعي ولكنه واجب بالوجوب العقلي او العقلائي _ الترديد لأجل محل البحث ان وجوب طاعة المولى عقلي او عقلائي _ وكذلك النهي حينما يصدر من المولى فحينما يصدر من المولى ويقول لا تغصب فيتهيأ موضوع حكم العقل او العقلاء والعقل يلزمني باجتناب اموال الناس ويقول لا تغصب فيكون نهي وتحريم عقلي او عقلائي مصبه الفرد فالعقل يمنعني من تحقيق فرد من افراد الماهية فصار عندنا حكم ينصب على الفرد ولكن ذلك الحكم ليس من الشارع انما من العقل او العقلاء وعندنا حكم شرعي وهو لا ينصب على الفرد وذاك فرغنا من عنده فاذا كان حكما منصبا على الفرد فحينئذ يمكن ان تقول اذا تحقق فعل واحد ويكون ذا عنوانين هل يكون مجمعا لحكمين عقليين ام لا يعني العقل يلزمني بالفعل وفي نفس الوقت يلزمني بالترك او هل هاهنا يمكن ان يقال بالسراية فالسراية معناها ليس انه جعل يعني هل هذا الجعل يعم ذاك بحيث العقل بعد ذلك يتوقف او لا , اما يقول افعل او يقول لا تفعل ان قلنا يعبر وان قلنا لا يعبر فكلا الحكمين باقيان على حالهما وان قلنا احدهما يرتبط بالآخر فلابد ان العقل يتوقف فإما ان يرفع اليد عن الايجاب او يرفع اليد عن التحريم العقلي , واما اذا قلنا تعدد الجهة يسوغ للعقل ان يحكم بالإلزام بالفعل ويحكم بالإلزام بالترك لاختلاف الجهتين , هذا التقريب الثاني لمحل البحث غير الاول .

وبهذين الطريقين ينحل هذا الاشكال الذي اثرناه والاشكالات الاخرى التي يمكن اثارتها فالبحث يسير على سكة صحيحة .

ثم يبقى سؤال انه : هل يمكن ان يكون للعقل او العقلاء في فعل في نفس الوقت او لا يمكن ؟

الجواب : قلنا يمكن ذلك ونثبت ذلك فالعقل يدرك موازين وملاكات الاحكام ثم يحكم وليس يحكم اعتباطا ومعلوم قد تجتمع عدة ملاكات في فعل واحد فحينئذ اذا لم يكن هناك محذور فكلا الحكمين او كلا من الاحكام التابعة للملاكات تبقى في محلها وبعبارة واضحة ان حكم العقل ناشئ عن ملاك موجود في نفس الفعل الذي يوجده المكلف في الخارج وهذا كالملح والسكر فيقول هذا مالح وحلو في نفس الوقت فالعقل يحكم مالح لوجود الملح ويحكم حلو لوجود الحلاوة لأنه يوجد ملاك كل من الحكمين فالعقل يدرك بالوجدان ولايحكم على بالغائبات , ولا مانع من ان تجتمع ملاكات في فعل واحد وما اكثر ذلك كما في الدواء قالوا لا يوجد دواء الا وفيه ضرر جانبي فلأجل الضرر الجانبي فالعقل يمنعني ولأجل انه يفيد للعلاج فالعقل يحكم فملاك ينفعني في ازالة الالم وملاك يضرني في بعض الجوانب فيها حكمان عقليان حكم عقلي بالفعل وحكم عقلي بالترك فكلاهما لوجود ملاكين وقد يكون اكثر من ملاكين اما في الاحكام الشرعية فليس كذلك لأنه ادرك الملاك ولا نتعدى حدودنا الى الشارع المقدس فذلك على رسله .


[1] واقعا هذا المثال لابد ان ننسبه الى المطبعة وليس الى المقرر ولا الى السيد الاعظم فاذا كان النهي من الاساس متعلق بالفعل وهناك حكم واحد فهذا خروج عن محل البحث.