آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

37/07/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : النهي في العبادة .

ذكر في الكفاية بما ان متعلق الامر هو الطبيعة وان متعلق النهي هو الطبيعة _ مع قطع النظر من ان النهي مستفادا من الصيغة او من المادة _ فالمطلوب هو ايجاد الطبيعة في الامر والمطلوب هو الترك في النهي هذا من حيث الدلالة اللفظية والكلام لصاحب الكفاية , اما انه يتحقق ترك الطبيعة بترك جميع الافراد ويتحقق الاتيان بالطبيعة بالإتيان بفرد واحد وذلك مرتبط بأمر خارج عن المدلول اللفظي للأمر والنهي وهذا يستفاد من حكم العقل او العقلاء وهو مادام ان المطلوب هو ترك الطبيعة ومعلوم ان ترك الطبيعة لا يتحقق الا بترك جميع افرادها فيكون هذا حكم عقلي او عقلائيا وليس ذلك مدلولا لفظيا لصيغة النهي وكذلك يكون تحقق الامتثال في فرد واحد انما هو بحكم العقل في مقام الامتثال ومقام الحكم العقلي مختلف عن مفاد الدلالة اللفظية , هذا ملخص كلامه وهو على اجماله نسلم به وانما الكلام في ماافده السيد الاعظم في المقام قال على ما جاء بقلمه على هامش اجود التقريرات قال بما ان الامر ينشأ من مصلحة في المتعلق والنهي ينشأ عن مفسدة في المتعلق فاذا كان الامر كذلك فلابد وان يكون متعلق النهي ومدلول النهي هو ترك جميع الافراد لأنه بتحقق اي فرد يتحقق ما فيه المفسدة بخلاف الامر فانه ناشئ عن مصلحة والمصلحة حسب الفرض موجودة في الطبيعة والمصلحة تتحقق بفرد واحد فلابد ان يكون المطلوب في الامر هو اتيان الطبيعة بفرد واحد .

وهذا الكلام غير واضح علينا

الوجه فيه : مقتضى كلامه اني اعرف اولا مصالح الاحكام ثم اصل الى معرفة دلالة كلام المولى فالمولى قال لا تشرب الخمر وقال لا تغتب فأولا ابحث عن منشأ هذا النهي وهو المفسدة الموجودة في فعل الغيبة او سماع الغيبة هل موجودة في فرد معين او نحو آخر فاذا تبين لي ان الطبيعة بما انها طبيعة الغيبة مشتملة على المفسدة فكل غيبة تكون محرمتا فاكتشفنا دلالة النهي من طريق كشف المنشأ عن منشأ النهي فهذا معنى كلامه الشريف وهو غير واضح باعتبار نحن لا نعلم مصالح ومفاسد الاحكام تلك امور راجعة الى علم الله فقط او علم من علمه الله تعالى زائدا على تعليم الاحكام فإننا لسنا مطلعين على تلك المصالح ولا على تلك المفاسد انما علينا التفكر في هذه النواهي الموجودة في لسان الشارع والاوامر الموجودة في لسان الشارع بعد اربعة عشر قرن ليس بأيدينا الا هذه الاوامر والنواهي وعلينا ان نبحث عن المفاد اللغوي للأوامر والنواهي لان الشارع تكلم بلغة وجعل اللغة وسيلتا لمعرفة وايصال واكتشاف تشريعات الشارع فالتشريعات نعرفها من اللغة وليس مما دل على المصالح او متعلقات الاحكام , ثم محاولة الوصول الى مدلول الدليل من خلال معرفة المصلحة والمفسدة فهذا كما يقولون اكل من القفا فمن اين لك الطريق حتى تعرف المصالح ؟ اذا كان لك طريق فاصلا لا نحتاج بعد ذلك الى ادلة الاحكام لأنه يصير حالك كحال الانبياء والائمة ع فهو بطبيعته او حسب علمه مندفع الى ادراك المصالح واجتناب المفاسد , اذن الطريق الذي سلكه السيد الاعظم غير واضح علينا .

وانما ما قاله صاحب الكفاية هو الصحيح من ان متعلق النهي صيغتا كانت او مادتا هو ترك الطبيعة وترك الطبيعة طرف النسبة في الهيئة ومفاد لمادة ان كان بمادة النهي واختلفنا مع صاحب الكفاية فهو واقع في هذه المشكلة وهي انه غض النظر عن اختلاف الهيئة مع المادة ونحن لم نقع في هذا الاشتباه والا اصل المطلب وهو ما أفاده رض من ان متعلق ترك الطبيعة ومتعلق فعل الطبيعة واما انه لا يتحقق الامتثال الا بكذا في الامر والا بكذا في النهي فذلك خارج عن حريم مدلول صيغة الامر ومدلول صيغة النهي وهيئة الامر ايضا , فهذا هو الصحيح .

وهناك بحث اثير في كلمات الاعلام رض بعد هذا البحث وموجود في كلام صاحب الكفاية وكذلك كلام الاعلام الاخرين رض وهو اذا عصى وارتكب المنهي عنه هل يسقط النهي او انه يستمر ويجب ترك باقي الافراد ايضا حسم رض وقال ان ذلك مرتبط بالقرينة الخارجية بما ان ترك كل فرد او الاكتفاء بفرد من الاساس كان عنده خارج عن حريم الدلالة انما كان عنده بحكم العقل او العقلاء كذلك بقاء النهي بعد ارتكاب المحذور من قبل المكلف لمسوغ او بدون مسوغ فلو قال الطبيب لشخص اشرب الخمر حتى لا تموت فشرب فهل يشرب طول العمر ولو لم يكن هناك مرض او لا ؟ يقول ان هذا يحتاج الى قرينة خارجية لان اصل الاكتفاء بترك فرد او عدم الاكتفاء بفرد كله كان بأمر خارج عن حريم مدلول الصيغة وهذا يقول ايضا خارج ولابد من القرينة الخارجية وان كانت تلك القرينة اطلاق متعلق النهي وهو مثلا قال لا تشرب الخمر فحينئذ فالإطلاق يقتضي ترك جميع المصاديق اينما لا يتحقق طبيعة شرب الخمر فلهذا لابد من تركه فأيضا هذا الاطلاق قرينة خارجة عن مدلول النهي .

وللأعلام مطالب في هذا البحث :

افاد النائيني على ما هو في اجود التقريرات ان المطلوب او مدلول النهي هو خلوا العالم عن الطبيعة اي خلوا اي ضرف زماني او مكاني من هذه الطبيعة وقد يكون مفاد النهي هو ترك الطبيعة بنفسها ففرق بين امرين فيقول في الحالة الاولى يكون المطلوب هو تخلية الزمان او المكان من وجود هذا ولازمه حرمة الفعل لازمه وجوب الترك , واما في الصورة الثانية يكون المقصود من النهي هو ترك الطبيعة مباشرتا فيقول قد يكون هكذا وقد يكون هكذا فاذا كان على النحو الاول فحينئذ مفاد النهي هو الاول وهو تخلية الزمان او المكان من هذه الطبيعة فحينئذ اذا اتى بفعل مرة واحدة لابد ان يكون التخلية مطلوبة وتستمر فلابد ان يترك الفرد الثاني وهكذا بخلاف ما اذا كان على النحو الثاني فترك الطبيعة لا يتحقق الا بترك جميع الافراد فهذه النتيجة يقول تختلف باختلاف معنى النهي فيريد ان يقول رض انه معنى النهي قد يكون هكذا وقد يكون هكذا وهذا معناه انه رض يختلف مع استاذه صاحب الكفاية فصاحب الكفاية يقول ان هذا دائما الترك بعد الارتكاب مطلوبا او ليس مطلوبا ذلك يستفاد من قرينة خارجية واما النائيني يقول انه نفس النهي ينقسم الى قسمين فقد يكون النهي عن اضافة الوجود الى الضرف فلابد المطلوب هو ترك وخلوا الزمان والمكان عن هذه الطبيعة فحينئذ يكون ترك الطبيعة لازما لمفاد النهي وقد يكون نفس الترك مطلوبا وهنا كون النتيجة تختلف .

السيد الاعظم يقول هناك قسم ثالث وهو ان يكون المطلوب هو مجموع التروك لأجل مصلحة في مجموع التروك , وهذا الذي افاده النائيني واعجب به السيد الاعظم رض غير واضح لأنه ان قلنا بمقالة السيد الاعظم وقد تقدم النقاش فيها من انه رض جعل الترك واجبا وانت فسرت النهي بالأمر وهذا غير واضح فالنهي شيء والامر شيء آخر فانت تفسر النهي بالأمر ان الترك فيه مصلحة ومادام الترك فيه مصلحة في ترك من التروك وقد تكون في جميع التروك كلها لكن هذا بحث في الاوامر وليس في النهي فانت تفسر النهي بالأمر وكذلك كلام النائيني كلام النائيني يقول المطلوب تخلية الضرف عن تلك الطبيعة فترك الطبيعة يكون لازما فالترك امر عدمي فكيف يكون لازما الا اذا فسرته كما فسربه تلميذك السيد الاعظم بان الترك فيه مصلحة وهو لازم لتخلية الزمان والمكان هذا من هذا وهذا غير واضح .