آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

37/06/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : النهي في العبادة .

اثار الاعلام رض البحث عن ان المطلوب في النهي هو ترك الفعل او هو كف النفس اثاره الخاصة والعامة منذ القديم , واتخيل ان هذا البحث _ بقطع النظر عما نختاره في الموضوع _ اجنبي عن محل الكلام فعلا لان محل الكلام فعلا هو المعنى اللغوي لمادة النهي ولصيغة النهي فما المعنى اللغوي واقامة البرهان على ان الترك مقدور كما يقول من قال بان المطلوب هو الترك او غير مقدور كما يقول الخصم وهو القائل ان معنى النهي هو الكف فهذا اجنبي , ومقتضى القاعدة بحث لغوي بحت فالبحث في وضع كلمة ( ن ه ي ) النهي , فالبحث هو عن مفاد لا تفعل وعليك ان تتمسك بعلامات الحقيقة والمجاز او حسب تعبيرنا في محله ادلة الحقيقة والمجاز لان العلامة تكون في باب التصورات والكلام هنا في اثبات الوضع ونفي الوضع فهو مطلوب تصديقي ومع قطع النظر عن ذلك فهاهنا عليك ان تأتي بعلامات الحقيقة والمجاز لا تأتي بدليل هذا مقدور وذاك غير مقدور . فقد سلك الاعلام مسلكا غير واضح علينا , فالبحث لغوي وليس في ما يقدر عليه المكلف او ما لا يقدر عليه المكلف لان هذا يأتي في مقام الامتثال , فالموضوع له هو نفس الترك فيأتي الكلام في مقام الامتثال هذا يقول مقدور وذاك يقول غير مقدور فهذا يأتي في ما هو طريق امتثال النهي وليس الكلام في طريق امتثال النهي وانما الكلام في معنى النهي , اذن اي خلط وقع فيه هؤلاء الاعلام ولم اجد من نبهه على هذا المشكلة , وهذا البحث ندخل فيه ولكن الآن هو اجنبي عن محل الكلام .

وللسيد الاعظم في المقام موقف نستفيد منه رض وبقلمه في التعليقة على اجود التقريرات وبعد ما قال بتلك المقالة التي هي ان معنى النهي هو الزجر , ثم قال انه قد يكون الترك مطلوبا فيكون الترك واجبا يعني يخرج عن المحرم ويدخل في الواجب فيكون واجبا اذا كان الترك فيه مصلحة ثم جر الكلام وساقه رض انه المصلحة قد تكون في الماهية بجميع مصاديقها فاذا تحققت تتحقق المصلحة وقد تتحقق في كل واحد واحد منها يعني الترك وقد تكون المصلحة في عنوان بسيط مترتب على المصاديق كلها فهذه اقسام افادنا في بقلمه الشريف .

يقول اذا كانت المصلحة تتحقق بتحقق جميع افراد ماهية الترك فحينئذ لا يتحقق الامتثال للواجب الا بتحقيق المصاديق كلها لأنه المفروض ان المصلحة مترتبة على مجموع المركب من افراد الترك وقد تكون المصلحة اذا كانت مترتبة على كل واحد من الافراد فحينئذ لابد ان تكون احكام متعددة حسب تعدد الو جوبات المتعددة حسب تعدد المصاديق لكل فرد وجوب فلا مانع ان يكون الانسان ممتثلا بلحاظ ترك فرد ويكون عاصيا بلحاظ ارتكاب فرد اخر , واما اذا كانت المصلحة موجودة في ذلك العنوان البسيط المترتب على المجموع فيقول لا يتحقق الامتثال الا بترك جميع الافراد لأنه اذا ترك جميع الافراد تحقق ذلك العنوان البسيط المترتب على هذه التروك كلها واما اذا ترك البعض دون البعض فذلك العنوان البسيط مترتب حسب الفرض على مجموع المصاديق وذاك لايترتب فيبقى الانسان غير ممتثل .

هكذا افاد رض ولم يأتي بأمثلة فقهية ولكنه بحث نضري ونحن نبقى ايضا في مقام البحث النظري لأنه ليس بحثا فقهيا حتى نطالبه بالأمثلة , وفي كلامه نقاط منها:

النقطة الاولى : يقول ان كان الترك مطلوبا فلا يقال ان الفعل منهيا عنه بل يقال ان الترك واجب تحولنا من الحرمة _ وهو ايضا يصرح فيقول الترك واجب _ الى الوجوب من النهي الى الامر , فهذه نقطة اساسية في تحقيق كلامه الشريف .

النقطة الثانية : يقول كيف نعرف ان المطلوب هو ترك جميع المصاديق او كل واحد واحد او المقصود عنوان بسيط المترتب على المجموع يقول حسب المصلحة فان كانت في المجموع فيكون المجموع واجبا واذا كانت المصلحة في كل واحد واحد فيكون كل واحد واحد واجبا واذا كانت المصلحة في ذلك العنوان لبسيط المترتب على المجموع فيكون ذلك العنوان البسيط هو الواجب فهذه النقطة ايضا اساسية .

النقطة الثالثة : يقول لا يعلم ان ترك الواجب على اي نحو الا بعد معرفة المصلحة انه في اي واحد هل في المجموع او في كل واحد واحد او في الامر البسيط المترتب على المجموع . فهذه نقاط اساسية في نظريته

كل الذي ذكره هو يستقي من كلمة واحدة وهي مصلحة في الترك فما معنى مصلحة في الترك حتى يكون الترك واجبا ؟ كلمة المصلحة استعملت عادتا ضد المفسدة ﴿ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [1] فالصلاح والمصلحة يعني مادة واحدة مقابل المفسدة والافساد واستعمل ايضا لفظ المصلحة مقابل الإساءة وايضا في القرآن اكثر من مورد استعمل الصلاح في مقابل الاساءة فماذا يعني السيد الاعظم بالمصلحة هل ضد المفسدة ؟ فلا فسر المصلحة ولا فسر المفسدة , الاصلاح مقابل الاساءة فالإساءة يعني توجيه الضرر الى احد وحينئذ يكون معنى الصلاح توجيه الحسن او الاحسان الى احد فانت لمن تحسن حينما تقول الترك فيه مصلحة ؟ , وهذه المشكلة نشير اليها مشكلة عميقة تستقي من بحث ان الاحكام تابعة للمصالح والمفاسد ولعلنا نتعرض له ان شاء الله , وهناك فسرت المصلحة في كلمات الاعلام رض بما يحكم العقل بلزوم تحصيله , وباي معنى فسرت المصلحة والترك امر عدمي فكيف توجد المصلحة في الترك فقال الترك يكون واجبا والترك لأجل مصلحة فيه ثم فرع على ذلك ان المصلحة اما يكون في جميع المصاديق او في البعض او في كل واحد او في الامر البسيط فهو ما يدعونا الى الفعل والمصلحة امر وجودي والترك امر عدمي فكيف يوجد الامر الوجودي في بطن الامر العدمي , اذن السيد الاعظم قال في تعليقته على اجود التقريرات هو قال مصلحة في الترك وكيف يتصور وباي معنى تفسر المصلحة حتى تكون موجودةً في الترك فهذا غير واضح .


[1] الأعراف/السورة7، الآية85.