آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

37/06/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : تبعية القضاء للأداء .

ما وصل الينا من كلمات الاعلام ليس حلا للمعضلة وهو الاستنباط الفقهي انه هل يعد الامر بالفعل امرا للأول فيكون طاعتا ان كانت وجبت علي طاعة الاول فيجب علي الفعل واذا لم تجب علي طاعة الاول فلا , او يعود الى الثاني فان كان الثاني واجب الطاعة فتجب طاعته فاحكم بوجوب الفعل واذا لم تجب طاعته ولو كان الاول تجب طاعته لا يكون الثالث ملزما شرعا, فهذه الثمرة الفقهية التي نريد نستخرجها من البحث فربما هناك ثمرات فقهية اخرى ولكن المهم هو هذا اي هل يجب عليه طاعة الاول او طاعة الثاني , وقلنا انه لم نستفد منه شيئا اما عموم الاعلام قالوا ليس عندنا دليل فالواقع قد يكون هكذا وقد يكون هكذا فلم يأتوا بشيء في مقام الاثبات , نعم قلنا ان الشيخ ضياء الدين في بحوثه المطبوعة في نهاية الافكار يقول حسب الفهم العرفي قرينة على ان المأمور به بالأمر الثاني يعتبر مطلوبا ومأمورا به بالقياس الى الاول .

والذي نفهمه والعلم عند الله ان الامر الثاني قد يكون بعنوان معين خاص وقد يكون بعنوان عام , عنوانا خاصا كما لو قال ( ءأمر فلانا ان يأتي لك بماء , او ياتي لك بغطاء لبرودة الجو ) ونحوا ذلك من الاوامر حيث يكون مصب الامر الثاني عنوانا خاصا _ يعني فعل محدد معين مميز بين الافعال _ وقد يكون متعلق الامر الثاني عنوانا عاما مثلا (خلي يصير عاقل ) فهذا عنوان عام وليس مصب الامر الثاني فعل محدد ولكلا من هذه الصور امثلة في العرف وفي الشرع الشريف , اما بالنسبة للأمر الخاص فلا نحتاج الى ان نأتي بشواهد من الآيات او الروايات فهي كثيرة جدا من الشواهد عند العرف ( قل لفلان ان يأتي لك بماء ) وهذه الامثلة العرفية موجودة ومتعارفة .

انما الكلام في القسم الثاني وهو اذا كان متعلق الامر الثاني عنوانا عاما كما في قوله تعالى في سورة الاعراف والتي فيها بعدما انزل التوراة على موسى ع وفيها مواعظ فقال تعالى ﴿ وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ [1] والضمير يعود الى المواعظ وهاهنا لم يؤمر القوم بفعل معين بل عنوان عام يعم كل التكاليف الاخلاقية وغير الاخلاقية موجودة في التوراة .وكذلك الآية الاخرى فالله سبحانه يخاطب نبيه ص ( وأمر اهلك بالصلاة واصطبر عليها ) وهنا ولو ان الصلاة ذكرت هنا ولكن نعلم ان الالتزام بالصلاة هو الالتزام بالدين ولكن الصلاة باعتبارها ابرز فروع الدين فكثيرا ما يعبر عن الالتزام بالدين بالالتزام بالصلاة ( فلان يصلي ) يعني متدين وقد يكون الامر مثل الله تعالى يقول قل للزوج قل لزوجتك تطيعك , وايضا اطاعة الوالدين ما لم يأمرا بخلاف ما انزل الله فهنا في المثال الثاني الامر بطاعة الوالدين انه في الواقع طاعة الوالدين وليس طاعتا لله سبحانه وكذلك طاعة الزوج فهو طاعة للزوج وليس طاعتا لله سبحانه , لذلك في الكتب الفقهية وليس طاعة الله فالشارع يأمر عليها طاعة الزوج ,ومن هنا اذا كان الامر خاص فتخصيص الامر الاول لمتعلق الامر الثاني بفعل معين هذه قرينة عامة على ان ذلك الفعل الخاص مطلوب للآمر الاول الا ان يعطي قرينة فوق هذه القرينة ولكن ذلك خارج عن محل البحث فنحن في مقام التخصيص كما قلنا الامر موضوع للوجوب ولكن كثيرا ما نحمله على الاستحباب ولكن نترك هذا لأننا في مقام وضع الاساس .

فالنتيجة اذا كان الامر الثاني بمقتضى انشاء الامر الاول فالأمر الثاني متعلق بفعل معين حسب لسان الامر الاول فحينئذ يكون امتثال الثالث امتثالا للأول واما الثاني مجرد وسيط , واما اذا كان عنوانا عاما فحينئذ قد يكون هكذا وقد يكون هكذا يعني قد يكون الثالث مطيعا للثاني كمثال الزوجة وقد يكون مطيعا للثالث كمثال طاعة الوالدين وطاعة الاول كما في الآيتين التي تتعلق بموسى ع والتي تتعلق بالنبي ص ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى[2] ولكن الصلاة لابد ان تصلي المرأة قربةً الى الله وليس للنبي ص , وهذه الآية ليس لخصوصية في النبي ص وانما كل زوج يجب عليه ان يأمر اهله بالصلاة وهكذا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر يدخل في هذا القسم , اذن نحن رفضنا الموجبة الكلية التي ذكرها الاعلام وهي ليس هناك في مقام الاثبات شيء يعتمد لحل المعضلة الفقهية فقلنا يوجد حل , وكذلك لم نقبل قول المحقق العراقي حيث جعل مقتضى الفهم العرفي دائما الامر الثاني امر للأول فهذا ايضا غير واضح علينا .


[1] الأعراف/السورة7، الآية145.
[2] طه/السورة20، الآية132.