آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

37/06/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : تبعية القضاء للأداء .

التزمنا بان الفوت لغة هو عدم الادراك حتى اذا التزمنا بمقالة الزبيدي فهو معترف في ضمن كلامه انه في مثل فاتته الصلاة وفاته الصوم هو عدم الادراك فالمشكلة محلولة , ومع قطع النظر عن هذا ,فالأخبار الواردة في القضاء جعل الموضوع في تلك الروايات تقريبا _ قلت تقريبا لأنه ليس بحثا فقهيا فلم اتتبع كل الاقوال _ فجميع الموارد حيث يبحث عن وجوب القضاء يوجد نحوان من الاخبار المعتبرة

النحو الاول موضوعه الفوت والنحو الثاني موضوعه عدم الاتيان وعدم الفعل فلوا فرض ان الفوت لغة كما يقول الاعلام رض هو السبق او نحو ذلك فالسبق لا يتحقق الا مع الادراك كما اعترف السيد الاعظم بان الفوت عنوان انتزاعي ينتزع من عدم الادراك فعدم الادراك داخل مع معنى الفوت هذا معترف به فيكون معنى ذلك في بعض الروايات ان الموضوع هو عدم الادراك فقط وفي بعضها عدم الادراك مع صدق الفوت فهذا القيد الثاني فان كان له مفهوم فيكون هذا المفهوم مقيدا لتلك الروايات الدالة على ان الموضوع هو عدم الادراك ولكن الالتزام بالمفهوم في هذه الموارد هو التزام بمفهوم اللقب الذي لم يلتزم به احد من علمائنا وعلماء العامة , فتلكم الروايات المعتبرة المتكاثرة الدالة على ان الموضوع هو عدم الادراك تكون تلك الروايات محكمة فيكون هذا البحث من اساسه لا موضوعية له وهو اثبات القضاء متوقف على اثبات عنوان الفوت الذي هو امر وجودي , وعلى فرض ان يكون الامر ثبوتي فهو مترتب على امر عدمي كما اعترف السيد الاعظم وغيره فان كان الامر كذلك وموضوع وجوب القضاء في الروايات كلا الامرين عدم الاتيان والاتيان مع صدق الفوت فان قلنا الفوت امر وجودي فحينئذ ليس لهذا الوصف المذكور في الروايات وهو الفوت مفهوم والا يلزم القول بمفهوم اللقب ولا يقتضي التقييد بدون القول بالوصف لان كليهما مثبت ( لن تصلي يجب عليك القضاء , فاتتك الصلاة يجب عليك القضاء ) فليس احدهما مقيدا للآخر الان كليهما مثبتين .

فالنتيجة الحكم يثبت سواء صدق على معنى الفوت او لم يصدق وعليه يكفي استصحاب عدم الاتيان بالفعل لأثبات وجوب القضاء الا اذا كان هناك دليل في مورد معين .

ونعود الى البحث الذي دخل فيه صاحب الكفاية والروايات في باب القضاء

الرواية الاولى : معتبرة زرارة عن ابي جعفر ع (محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أُذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، أنه سئل عن رجل صلى بغير طهور أو نسي صلوات لم يصلها أو نام عنها ؟ قال : يقضيها إذا ذكرها في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار )[1] فالموضوع هو عدم الفعل وليس صدق عنوان الفوت زائدا على الترك ,

الرواية الثانية : ايضا بنفس المضمون .

الرواية الثالثة : (وبإسناده عن محمد بن علي بن محبوب ، عن العباس ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن رجل صلى الصلوات وهو جنب اليوم واليومين والثلاثة ثم ذكر بعد ذلك ؟ قال : يتطهر ويؤذن ويقيم في أولهن ثم يصلي ويقيم بعد ذلك في كل صلاة ، فيصلي بغير اذان حتى يقضي صلاته)[2] كلمة قضاء غير موجوده هنا ولكن مغزى القضاء وهو ان يصلي بعد الوقت موجود , اذن الموضوع هو الاتيان , وهكذا في الابواب الاخرى توجد روايات .

فنعود الى الموضوع وهو ان الأمر بالأمر بالشيء امر او لا ؟ قلنا صاحب الكفاية افاد تحقيقا اعجب به السيد الاعظم رض وهو ان الغرض قد يتعلق بصدور الامر من الوسيط فقط وقد يكون غرض الآمر المولى متعلق بنفس الفعل الذي يصدر من الثالث وقد يكون يريد ان يفعل ذلك ولكن امتثالا لأمر الوسيط فيقول هذا في عالم الثبوت على ثلاثة اصناف واما في عالم الاثبات يقول صاحب الكفاية ليس لدينا ما يثبت احد هذه الاقسام الثلاثة فالكل محتمل واغلق البحث على هذا .

ما افاده لا يسمن ولا يغني من جوع لأنه اننا لسنا في صدد معرفة الاغراض فالمشكلة انهم يقيسون اوامر المولى الحقيقي على اوامر المولى العرفي , فنعلم ان الاغراض تختلف نعم ان للمولى الحقيقي له اغراض ولكن هل هي متعلقة بالأفعال او ان غرض المولى يتحقق بنفس انشاء المولى وتعرضنا اكثر من مرة الى هذا وقلنا ان هناك فعلان وفاعلان ولكل منهما اختيار وارادة فالمولى ينشأ الاحكام فهذا فعل المولى بإرادته واختياره وهكذا العبد يفعل ما يريده المولى بإرادته واختياره , فلابد ان يكون لكل من الفاعلين في ما صدر منه , وانت تخلط الغرض الذي يترتب على امتثال العبد بالغرض الذي يقصده المولى في مقام ايجاد فعله فهذا لا ينبغي ان يحدث ! فعلى هذا الاساس غرض المولى الذي يندفع لأجل تحصيله الى انشاء الامر يتحقق بمجرد انشاء الامر _ قرأنا في الحاشية الغرض والغاية معلول بوجوده الخارجي النفس امري وبوجوده الذهني علة للفعل او جزء العلة ومعلول , واذا كان معلولا فلابد ان يتحقق غرض المولى بمجرد تمامية انشاء الفعل _ ,

فالنتيجة هذا البحث الذي اثاره صاحب الكفاية وتبعه السيد الاعظم والشيخ العراقي ليس له موضوعية .

ومع التنزل فلا يحل المشكلة لأننا ليس في صدد معرفة اغراض المولى وانما هو في معرفة ما يريده المولى مني , فالحج لماذا يكون في شهر معين ولماذا الصوم يكون في شهر معين ( فهذا لا يخصني ) ولا يسأل المولى عما يفعل .

اما الشيخ العراقي على ما نسب اليه في نهاية الافكار وليس بقلمه في المقالات _ في المقالات حذف بعض المباحث لعدم اهميتها ولكنه القاها على حضار درسه وسجلت في كتاب نهاية الافكار _ فقال هناك الارتكاز العرفي يقتضي ان يكون الامر بالشيء بالأمر امر بذلك الفعل فهذه دعوى منه , وهذا الارتكاز العرفي نأتي به في الجلسة القادمة والعمدة هو في الثمرة التي رتبها الاعلام على هذا البحث وهي مشروعية عبادات الصبي فقال ان قلنا ان الامر بالأمر بالشيء امر من المولى فيكون كذا لان الولي الشرعي وهو الاب والجد مأموران الله تعالى امرهم الامام ع يقول ( مرو صبيانكم لسبع ) فان قلنا انه امر فمعنى ذلك ان الامام ع يتكلم على لسان الوحي هو طلب من الطفل الاتيان بالصلاة وهذا معناه مشروع , وان لم يكن كذلك وانما المطلوب من الاب او الجد هو انشاء الامر فقط فهذا قد قام بها اما ما فعله الصبي لم يكن مطلوبا للمولى فلا يكون مشروعا .

وهذه الثمرة غير واضحة علينا :

اولا ان دليل مشروعية عبادة الصبي غير منحصر بهذا وكما قررنا في محله وقلنا ان الاوامر والنواهي الشرعية كلها حسب الوضع اللغوي تعم كل من يصلح لان يخاطب سواء بلغ خمسة عشرة سنة او لم يبلغ وبهذا فسرنا اختلاف الروايات في تحديد المعنى اللغوي , فاصل الاوامر والنواهي كلها تعم كل مكن يصلح للخطاب وفي بعض التكاليف قام الدليل اجماع او رواية يشترط فيها البلوغ فهناك نلتزم وفي غيره لا نلتزم ونستشهد بالتعزيرات والحدود التي تقام على الصبي فان قلت ان الصبي غير مكلف فلماذا تقشر اصابعه في المربة الثالثة من السرقة , فهذا حد فان كان مستحقا فمعنى ذلك ان التكليف شامل له وان لم يكن مستحقا فهذا ظلم له , وهناك امثلة اخرى ايضا .

وثانيا : مع قطع النظر عن هذه المناقشة لابد من وضع مقياس آخر غير المقياس الذي هم ذكروه وهو الغرض , وقلنا لا طريق لمعرفة اغراض المولى , فقالوا توجد ثمرة اخرى مثلا اطاعة الزوجة لزوجها في غير العبادات مثلا تلبس الزي الفلاني او تنام في هذه الغرفة او في تلك الغرفة ان امرها الزوج فيجب عليها شرعا فان لم تفعل فهي عاصية , فيوجد طريق اخر لإثبات المشروعية فلماذا تاتي بهذا الطريق


[1] وسائل الشيعة، العاملي، ج8، ص254، ابواب قضاء الصلاة، ب1، ح1، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، العاملي، ج8، ص254، ابواب قضاء الصلاة، ب1، ح3، ط آل البيت.