آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

37/05/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : تبعية القضاء للأداء .

كان الكلام اذا كان دليلان احدهما يدل على وجوب فعل والآخر يدل على ان ذلك الوجوب او الواجب مقيد بالوقت فحينئذ اما ان يكون لدليل التقييد بالوقت اطلاق او ليس له اطلاق فان كان له اطلاق فحينئذ معناه ان ذلك الوجوب مقيد بالوقت لا يصح الاتيان به خارج الوقت _ بهذا الدليل لا يجب اتيانه خارج الوقت – وان لم يكن لدليل التقييد اطلاق وكان لدليل الوجوب او الواجب اطلاق فحينئذ يؤخذ بذلك الاطلاق ويحكم بوجوب الفعل خارج وداخل الوقت .

وهنا ذكر شبهة تتصور في المقام وهي ما فائدة التقييد ؟

واجاب عنها : فقال انه يكون من باب تعدد المطلوب فكأن للمولى مطلوبان احدهما الفعل مطلقا فيه مصلحة معينة خارج الوقت وداخله وهناك مطلوب آخر وهو نفس هذا الفعل مقيد بالوقت فهذا مطلوب آخر فيكون من باب تعدد المطلوب .

هذا هو المقدار الموجود في كلامه رض وقلنا ان كلامه غير حاصر للصور اذ قد يكون اطلاق للدليلين وقد لا يكون اطلاق لكلا الدليلين وهذا نعود اليه بعد الفراغ من محاولتنا فهم كلام السيد الاعظم .

واحسن حمل لكلام سيدنا الاعظم لا نقول انه ينسب الى صاحب الكفاية مالم يقله وانما نقول هذا للمطبعة واما السيد الاعظم فنقول انه فسر كلام الكفاية بقلمه في الحاشية على اجود التقريرات

فقال : ان التقييد سواء كان بدليل منفصل او بدليل متصل فان كان لهذا الدليل التقييد بالوقت اطلاق بمعنى ان الفعل مطلوب في الوقت مع تمكن المكلف من الفعل في داخل الوقت فحينئذ يجب الاتيان داخل الوقت واما الاتيان خارج الوقت فلا , واما اذا كان لدليل التقييد اطلاق بمعنى انه الواجب يجب الاتيان به في الوقت ان كان المكلف متمكنا واما اذا كان عاجزا عن الامتثال في الوقت فحينئذ يجب الاتيان خارج الوقت بمقتضى ان دليل التقييد قُيد الواجب او الوجوب بإتيانه في الوقت مع تمكن المكلف من الفعل وحيث ان المفروض انه لم يكن متمكنا وانما تمكن خارج الوقت فحينئذ دليل التقييد لا يمنع من الاتيان بالواجب خارج الوقت فصار كلام السيد الذي فسر كلام صاحب الكفاية نقاط ينبغي ان نلتفت اليها وهي :

الاولى : انه رض لا يفرق بين القرينة المتصلة وبين القرينة المنفصلة

الثانية : ان القرينة تدل على تقيد الواجب او الوجوب بالوقت مع تمكن المكلف من الاتيان بالفعل في الوقت , فهو ليس مطلقا وانما مقيد بالوقت , فقيد الفعل او الوجوب بالوقت مع تمكن المكلف من فعله في الوقت , واذا لم يكن كذلك وكان لدليل الواجب اطلاق يدل على كون الفعل مطلوبا داخل وخارج الوقت يعني مع عدم تمكن المكلف في داخل الوقت وتمكنه في خارج الوقت فعليه ان يأتي بالفعل خارج الوقت , ومع تمكنه في خارج الوقت يجب الفعل اذا كان لدليل الوجوب اطلاق , فيجب خارج الوقت بقيدين _ حسب فهم السيد الاعظم _ الاول ان يكون لدليل الوجوب اطلاق والثاني انه كان المكلف عاجزا في الوقت ومتمكن من الفعل خارج الوقت , هكذا نوجه كلام السيد الاعظم وننزه من الاشتباه ونقول انه هكذا فسر كلام صاحب الكفاية رض .

ولنا ملاحظات في ما فسر به كلام صاحب الكفاية ثم نعود الى ملاحظاتنا على نفس كلام صاحب الكفاية .

الملاحظة الاولى : اذا كانت القرينة متصلتا فما معنى الاطلاق في دليل الوجوب ﴿ اقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل[1] فهل فيها اطلاق يشمل قبل دلوك الشمس ﴿ وقرآن الفجر ﴾ فسر قرآن الفجر بصلاة الصبح وهو قيد صلاة الصبح بوقت محدد من طلوع الفجر الى طلوع الشمس , ومعه قرينة متصلة مع دليل اصل الوجوب ف( اقم الصلاة ) اصل الدليل على الوجوب ثم قيد هذا بقرينة متصلة لفظية فما معنى اطلاق دليل الوجوب ؟ القرينة المتصلة مع الكلام تجعل القيد والمقيد بحكم واحد فالله تعالى جعل صلاة الصبح بهذا الوقت وانت كأنما تقول ( معنى كلامك يالله انها تجب قبل الوقت ) ! .

الملاحظة الثانية : طرحنا مطلبا وفي عدة جلسات ويأتي في محله ان شاء الله وهو ان التكاليف يتوجه الى المختار فالعاجز والغير متمكن لا تشمله الخطابات الشرعية ولا العقلائية , والدليل على ذلك ليس نفتقر الى الدليل وان الشارع يقول اني لم اكلف العاجز كلا فقد يقول ذلك ولكن لعل ذلك يكون بغاية اخرى ( لا يكلف الله نفسا الا وسعها ) والوسع ليس معناه التمكن وانما السهولة هكذا فسرناه واما عدم تكليف العاجز فهو من الامور العقلائية فالوسع ليس القدرة وانما هو السهولة والسعة والفسحة ولذلك ففي بعض الروايات المفسرة لهذه الآية الشريفة ان الانسان يتمكن ان يصلي اكثر من خمس صلوات في اليومية , اذن لا نحتاج الى اقامة البرهان من العقل او النقل لان التكاليف لا تتوجه الى العاجز .

ومن هنا قلنا ان ما اضطروا اليه ونحوه ان له معنى آخر ليس بمعنى عدم القدرة وانما الله تعالى رفع التكليف عن غير القادر , فالله لا يكلفني ان احمل الجبل او شيء اكثر من طاقتي , فكون التكليف متوجه الى ذي القدرة والاختيار ان هذا من الامور التي قياساتها معها ولانحتاج الى اقامة الدليل من العقل او النقل وهكذا الخطابات العقلائية حتى الاوامر الامتحانية والنواهي الامتحانية لا تتوجه الى غير القادر فمثلا يقول لا تتنفس لا يمكن ذلك فهو عاجز عن ترك التنفس .

وبعد هذا التمهيد نأتي الى الكلام المنسوب الى السيد الاعظم فهو يقول مقيد بالوقت اذا كان مختارا ؟ فكيف هذا ياسيدنا الاعظم ,فلماذا تقيد ؟ يقول القرينة المنفصلة والمتصلة تدل على تقيد الوجوب او الواجب بالوقت مع التمكن من الوقت او الاختيار فنقول هذه التمكن او الاختيار من اين لك ؟ فهل يمكن ان يتوجه التكليف الى غير المتمكن حتى يحتاج المولى الى التقييد بحال التمكن ! فهذا جدا غير واضح , فما افاده السيد الاعظم عليه ملاحظتان ذكرناها قلنا ان الاخيرة جعل تقيد التكليف او المكلف به بحالة التمكن مستفادا من القرينة بحيث لو لا القرينة لكان التكليف شاملا للمختار وغير المختار فهذا غير واضح , واما الاولى يقول هناك اطلاق لدليل اصل الوجوب فنقول انت جعلت القرينة ثم تقول له اطلاق فمن اين اتى هذا الاطلاق ؟ فالإطلاق اما بالوضع او بمقدمات الحكمة وانت تقول بمقدمات الحكمة واحدى هذه المقدمات هي عدم نصب القرينة على التقييد وهنا القرينة المتصلة موجودة .


[1] الإسراء/السورة17، الآية78.