آیة‌الله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

37/05/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الواجب الموسع .
فصل : لا يخفى إنّه وأنّ كان الزمان مما لا بدّ منه عقلاً في الواجب، إلّا إنّه تارةً مما له دخل فيه شرعاً فيكون موقتا، وأخرى لا دخل له فيه أصلاً فهو غير موقت، والموقت امّا أن يكون الزمان المأخوذ فيه بقدره فمضّيق، وإما أن يكون أوسع منه فموسّع... .
 افاد في الكفاية انه الواجب لابد له من وقت بحكم العقل , فاشرنا في الجلسة السابقة ان هذا على اطلاقه ليس بصحيح باعتبار ان الملائكة خلقوا قبل الوقت باي معنى  فسر الوقت وكذلك حياة النبي ص تلك الحياة الاولى قبل تلبسه بالوجود العنصري فتلك الحياة كانت له وهو يعبد الله سبحانه كما في الروايات واحاديث النبي ص , وتلك الواجبات على الملائكة لم تكن مقيدتا بزمان وكذلك واجبات الارواح لما قال لها الباري تعالى ( الست بربكم ) فكانوا ملزمين بالإقرار او ملزمين بإظهار ما في عقيدتهم فكان هذا واجبا عليهم ولم يكن مكان ولا زمان ,
 وباي معنى فسر الزمان حتى بمعنى الدهر الذي اشار اليه السيد الداماد رض بان الدهر ضرف لجميع هذه الامور بما فيها الزمان فلم يكن ضرف ولا مظروف , اذن الذي افاده صاحب الكفاية فلابد بقرينة المقام يقصد الواجبات التي هي افعال المكلفين من بني ادم في عالم الناسوت في عالم المادة  الكون والفساد  , والا لم يكن مثل هذا يصدر منه على جلالة قدره رض , وعلى هذا نفسر كلامه قده وملخصه انه يعني بالواجب المؤقت الواجب الذي يكون الزمان قيدا هو الفعل الحاصل من المكلف في عالم الكون والفساد في عالم المادة واما اذا كان الفعل خارجا عن ذلك الاطار فليس هناك دليل عقلي يدل على حاجة الفعل الى الزمان .
 ثم انه رض تبعا لغيره قال ان الوقت قد يكون مأخوذا في الواجب شرعا مع قطع النظر عن حكم العقل والعقلاء وحينئذ اذا كان الوقت مأخوذا يسمى مؤقتا في الاصطلاح واذا لم يكن هناك وقت محددا شرعا للواجب الذي هو فعل المكلف فيسمى غير مؤقت وليس له اصطلاح  وفي الواقع غير مؤقت هو نفي للتوقيت وليس اصطلاح وقال هو وقال غيره قد يكون الزمان واسعا بحيث يمكن تكرار الفعل في الافراد الطولية اكثر من مرة وقد لا يمكن التكرار بل يكون الوقت بمقدار الفعل ومثلوا للوقت بمقدار الفعل بالإمساك الواجب بالصوم فانه يبتدأ بطلوع الفجر الثاني وينتهي بمجيء الليل , وليس هذا الفعل يمكن اتيانه اكثر من مرة في هذا الضرف من فاعل واحد فهذا هو المضيق , واما اذا امكن اتيانه اكثر من مرة في ذلك الوقت المحدد فهذا هو الواجب الموسع , فكلمة الموسع والمضيق هو وصف للواجب وليس للوجوب , وايضا تفسير الواجب الموسع بحيث يمكن الاتيان بالواجب اكثر من مرة في ذلك الوقت المحدد بدايتا ونهايتا .
بعض الاعلام جعل التوقيت قيدا للحكم انه هذا الزمان قد يكون قيدا للوجوب وقد لا يكون قيدا , وكل هذا الذي قاله هو حق الوجوب وليس في حق الواجب وطبعا النتائج تختلف والاحكام تختلف باختلاف هذين المطلبين .
 ولكن يرد على هذا الثاني مثلا زوال الشمس قيدا لوجوب الصلاة فهذا معناه ان الوجوب ان قلت معلق فهذا له معنى وان قلت مقيدا فله معنى اخر , وان قلت انه مقيد فمعنى ذلك ان الوجوب الذي هو حكم قابل للسعة والتضييق وهذا يعني مفهوم الوجوب لا نفس الوجوب الذي انشأه المولى , اما الفعل الصادر من المولى وهو الانشاء فهو فعل وهو جزئي حقيقي دائما فلا يعقل ان يكون يضيق ويوسع فغير ممكن تقييد الفعل الصادر المتحقق من الفاعل  سواء كان الفاعل هو رب العالمين او يكون زيد ابن ارقم , هذا ان كان يقصد قيدا للوجوب وان كان يقصد التعليق فمعنى ذلك ان الوجوب لا يتحقق الا بعد تحقق القيد فهذا معناه مازال التشريعات مستمرة فلما تزول الشمس الله تعالى يشرع لأنه لا يمكن ان يتحقق التشريع والمشروع له يعني الحكم لا يتحقق كما لا يمكن تحقق الحكم بدون تشريع يعني التشريع ايجاد الشريعة والحكم هو عبارة عن الشريعة التي جعلها الله سبحانه لعباده , فمعنى ذلك يكون انشاء الحكم معلقا انشاء ووجودا يكون متوقفا غلى حصول الشرط وهو زوال الشمس وزوال الشمس اذا كان كذلك فمع ذلك ان الله مازال يُنشأ  .
اذن التقييد بالزمان غير معقول والتعليق ايضا غير معقول واصرار بعض الاجلاء منهم المشكيني في حاشيته على الكفاية جدا غير واضح , فالصحيح هو ان يكون الزمان قيدا او وصفا للواجب وليس للوجوب فعلى هذا ما افاده في الكفاية مشيا مع الاعلام الذي سبقوه هو الصحيح فان الوقت يكون قيدا بمعنى يكون المطلوب من العبد الفعل الذي يكون في هذا الضرف من الزمان , اذن وافقنا الكفاية في هذا التوصيف وهو وصف للواجب .
وهذا التقسيم الذي صرح به في طي كلماته وصرح به السيد الاعظم رض الواجب الموسع حيث يمكن الاتيان بالفعل اكثر من مرة في ذلك الوقت بتمامه من بداية الفعل _ النية او التكبيرة _ الى التسليم الواجب , والمضيق هو اذا كان الوقت مساويا للفعل  واما اذا كان يمكن الاتيان بالفعل مرة ونصف فهذا ماذا تسميه هل هو موسع او هو مضيق ؟ ففي الموسع تقول اكثر من مرة حتى يكون هناك افراد طويلة ويكون التخيير بينها عقليا , والسيد الاعظم يقول يمكن التكرار بتمامه في ضمن هذا الوقت  فأقول ماذا تقول اذا امكن الاتيان بالفعل مرة ونصف في الوقت ؟ فهنا لا هو مضيق ولا هو موسع فماذا تقول فحسب تفسيرك لا هو مضيق ولا هو موسع , فاذا لم يمكن تكراره بتمامه فاين يدخل فهم قالوا ان المضيق يبتدأ الوقت سويتا ويبتدأ سويتا , فهو اتى بقيد التمام فجاء القسم الثالث فلوا لم يأتي بقيد التمام لم يأتي القسم الثالث  , اذن فالقسمة غير حاصرة .
 والصحيح ان يقسم بتقسيم اخر حتى هذا الخنثى المشكل لآياتي فان الوقت مضيقا او موسعا اما على طبق الواجب واما ليس على طبق الواجب فلا تأتي بقيد يمكن تكرار الفعل اكثر من مرة فهذا القيد زائد , فالفعل قد يكون اكثر من الزمان او بمقدار الزمان فان كان بمقدار الفعل فهو مضيق وان كان ازيد منه فهو موسع فهذا الذي يمكن ان تأتي به مرة ونصف فليس واجب عليك ان تبدأ بمجرد بداية الوقت فتأخره قليلا بحيث يمكنك انهاء الفعل بانتهاء الوقت فهذا موسع , وان كان لا يمكن الاتيان بالفعل اكثر من مرة .
واشكل في المعالم على هذا التفسير المعروف بانه غير معقول لان هذا معناه يجوز تركه في اول الوقت وما يجوز تركه ليس بواجب فكيف يكون واجبا ويجوز تركه ؟
فكل واحد هنا سلك مسلكا السيد الاعظم سلك نفس المسلك الذي سلكه في الواجب التخييري فقال هناك ان الواجب هو احدها او احدهما هاهنا ايضا يقول احد الافعال واجب من هذه الافراد وما اوردناه عليه هناك من ان عنوان احدهما عنوان انتزاعي لا يمكن ان يكون مصبا للتكليف فانه عنوان احدهما من الكليات الفردية التي يستحيل تحقق مصاديقها في الخارج , فهذا غير واضح .
البعض قال للتخلص من هذا الاشكال ان الواجب هو الطبيعي وليس الفرد .