آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

37/04/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : الواجب التخييري .

فصل : إذا تعلق الأمر بأحد الشيئين أو الاشياء ، ففي وجوب كلّ واحد على التخيير ، بمعنى عدم جواز تركه إلّا إلى بدل ، أو وجوب الواحد بعينه ، أو وجوب كلّ منهما مع السقوط بفعل أحدهما ، أو وجوب المعينّ عند الله ، أقوال. والتحقيق أن يقال ... .[[1] ]

قلنا ان شبهة السيد الاعظم التي اثارها وهي مذكورة ايضا في نهاية الافكار للشيخ العراقي , وتلك الشبهة قلنا يمكن التخلص منها في ما اذا كان التخيير بين الاقل والاكثر وكان كل من الاقل والاكثر دفعي الوجود وضربنا امثلة عديدة في الفقه وفي الامور التكوينية وقلنا ان التخيير بين الاقل والاكثر في الامور التكوينية معقول ولا شبهة فيه والتخيير في الامور الدفعية سواء كان في الامور التكوينية كما في خط الشبر والشبرين او في الامور الشرعية كما في التصدق بدرهم او درهمين فهذا لا إشكال فيه .

انما الكلام في الاقل والاكثر في الامور التدريجية فهناك يتخيل شبهة وهي انه لما يصل الى نهاية الاقل فقد تحقق الواجب فلا نحتاج الى الاكثر وتقييد كل من الاقل والاكثر بشرط شيء او بشرط لا هذا يجعلهما متباينين وليس تخيير بين الاقل والاكثر , فهذه شبهة العلمين وغيرهما رض كما تشير كلمات صاحب الكفاية في تقريب التخيير بين الاقل والاكثر .

اقول : ان التخيير بين الاقل والاكثر معقول وواقع حتى في التدريجيات ايضا

وتوضيح المطلب : اشرنا الى تمهيد في الجلسة السابقة ونضيف اليه تمهيدا اخر .

التمهيد الاول : ان التخيير بين الاقل والاكثر لابد من تصويره في اول بدء العمل وهو الجزء الذي يأتي به المكلف من الواجب هذا الجزء جزء من الاقل او هو من الاكثر وقلنا لابد من تحديده .

التمهيد الثاني : التخيير بين الاقل والاكثر سواء قلنا انه عقلي او شرعي انما يتعقل قبل الشروع في العمل لا بعد الشروع او الدخول في العمل فانه ان كان قد دخل في الامر او فرغ منه فهذا التخيير لامعنى له فالتخيير يكون قبل الامتثال وقبل الفراغ من الفعل وكذلك انما يكون التخيير قبل ان يصل الى اثناء الفعل لا انه لما يصل الى الوسط فهو مخير ايضا والخلط في مقام الاشكال مترتب على ان التخيير باق بعد الفراغ وكذلك باق بعدما اصبح المكلف في اثناء العمل وهذا جدا غير واضح فان التخيير حتى اذا كان بين المتباينين فإنما يكون قبل الشروع لا بعد الفراغ من العمل وكذلك التخيير بين المتباينين لا يكون الا قبل الشروع لا انه بعد الدخول في العمل .

ولعل الامر يصير اوضح في الامثلة بين المتباينين فالتخيير بين الصوم والعتق فالعبد مخير بين الصوم وبين العتق قبل ان يفرغ منهما فبعدما اصبح فارغا من العتق ومن الصوم انتهت المشكلة وسقط الواجب لما اتى بأحد طرفي التخيير فلا معنى لتصوير التخيير او معنى التخيير بعد تحقق العمل والفراغ من العمل بشرائطه الصوم او الاطعام , وكذلك التخيير اثناء الصوم الصوم او العتق , لان الافعال القصدية المتقيدة بالقصد ابتداء واستمرارا وانتهاء تتقيد بالقصد فاذا قصد في مقام الامتثال الصوم ودخل فيه بعد اللحظة الاولى من الامساك مع القصد فقد اختار الصوم وبعد قصد الصوم فلا معنى للصوم .

النتيجة من التمهيدين ان التخيير لا يتعقل لا بين المتباينين ولا من الاقل والاكثر اذا كان قد دخل في العمل , فالأمر بيد العبد ان كان التخيير عقليا وبيد المولى اذا كان التخيير شرعيا , ومعنى التخيير الشرعي هو ان فردية الفرد بيد المولى بعدما قال الصوم فرد للتكفير والعتق فرد ومصداق للتكفير فهذه الفردية الصوم بعدما اختارها العبد فلا يقال ان يبقى التخيير بعدها لا عقلا ولا شرعا .

وبعد هذا التمهيد نقول ان التخيير في الامور التدريجية ان كل جزء من اجزاء الاقل واجزاء الاكثر وان تشابها في الشكل ولكن جزئية هذا الجزء لهذا الكل انما هو قصدي وليس تكوينيا نعم اذا كان تكوينيا هناك بحث , جزئية جزء الاقل وجزئية جزء الاكثر في الامتثالات كلها قصدي لان المكلف مثلا في التخيير بين الاتمام والقصر اول قيامه في الصلاة من بداية الصلاة _ من النية او من التكبيرة او من القيام كل حسب مبناه _ وقبل الدخول فيه في هذا الجزء الاول من الصلاة كونه جزأ من اربع ركعات فهو قصدي وكونه جزأ من ركعتين قصدي فهذا التكبير ليس هو جزء من الصلاة الا اذا قصد منه جزأ من الصلاة فليس كل تلفظ بالله اكبر هو جزء من الصلاة فجعل التكبير جزء من الصلاة قصدي فكونه جزا من صلاة الصبح او الظهر او القصر او الاتمام كل ذلك قصدي فاذا لم يقصد من التكبيرة انها جزء فلا يكون داخل بهذه التكبيرة في الصلاة .

وكذلك في القصر والاتمام فالتكبيرة جزء من صلاة التمام هذا يكون بالقصد وجزء من صلاة القصر ايضا يكون بالقصد فمن اول الامر هو كان مخيرا قبل ان يكبر تكبيرة الصلاة ان يأتي بصلاة التمام او صلاة القصر فاذا نوى بالتكبيرة الدخول في صلاة القصر فهو مقيد بالقصر وليس له ان يحول ما اتى به الى جزء من التمام فقالوا لا يجوز التحويل لان الامور قصدية .

النتيجة : ان الشبهة التي اثارها السيد الاعظم في نهاية الافكار انها تأتي اذا قلنا بقاء واستمرار التخيير اثناء العمل وبعد الفراغ منه واما اذا قلنا التخيير عقليا او شرعيا انما يكون قبل الدخول في العمل فلا مجال لهذه الشبهة اصلا لان اول جزء من اجزاء الواجب ان اتى به جزء من الاقل فلا يتحول الى الاكثر الا بقصد جديد والقصد .

والتحول في العبادات يحتاج الى اذن الشارع فاذا رخص الشارع وجوز التحويل من الصوم الى الافطار او من القصر الى التمام فقد خرجنا عن الموضوع فالكلام في معقولية التخيير , فكذلك لما اراد العتق وتركه ثم تحول الى الصوم فهذا ابطال للعتق وليس تخييرا .


[1] كفاية الاصول، الاخوند الخراساني، ج1، ص140 . ال البيت.